بدأ الجيش الإسرائيلي الأحد سحب بعض قواته البرية من قطاع غزة، وإعادة نشر قوات أخرى، بينما أكد متحدث لوكالة الصحافة الفرنسية أن العملية العسكرية ما زالت جارية. وقال بيتر ليرنر "نحن نسحب بعض (القوات) ونعيد نشر أخرى في قطاع غزة ونتخذ مواقع أخرى"، مؤكدًا أن "العملية مستمرة". واضاف "نحن نعيد الانتشار في قطاع غزة ونتخذ مواقع أخرى مختلفة ونغير مهمة بعض القوات لكي لا تكون بالنسبة لهم نفس العملية البرية". وتابع "لكن بالتأكيد سنواصل عمليتنا ولدينا قوة رد فعل سريع على الارض يمكن أن تخوض معركة مع حماس اذا تطلب الامر ذلك". وتأتي تصريحاته غداة اعطاء الجيش الاسرائيلي اول اشارة الى أنه ينهي عملياته في اجزاء من غزة، حيث ابلغ سكان بيت لاهيا والعطاطرة في شمال القطاع بأن عودتهم الى منازلهم اصبحت آمنة. واكد شهود في شمال القطاع أنهم شاهدوا جنودًا يغادرون المنطقة وآخرين ينسحبون من قرى شرق خان يونس في الجنوب. وهي المرة الاولى التي يسجل فيها انسحاب اسرائيلي منذ بدء الهجوم على قطاع غزة في 8 تموز/يوليو. واكد ليرنر أن القوات انسحبت من بيت لاهيا والعطاطرة لكنه رفض القول ما اذا كان هذا الانسحاب سيوسع ليشمل مناطق اخرى. وقال: "الواقع هو أن حماس حاولت مواصلة هجماتها وبالتالي، يجب أن نحافظ على وجودنا الى حد والتصدي لهذه النوايا". وأضاف: "في الساعات ال24 المقبلة سنشهد استمرارًا للعمليات على الارض واعادة انتشار في موازاة ذلك". وقتل 34 فلسطينيًا في غارات جوية اسرائيلية على غزة منذ فجر اليوم الاحد، بينما اعلن الجيش الاسرائيلي مقتل الجندي الذي فقد الجمعة خلال مشاركته في القتال في القطاع، حيث تبدو الدولة العبرية وحركة المقاومة الاسلامية (حماس) مصممتين على مواصلة الحرب. وفي الوقت نفسه، وصل وفد فلسطيني يضم ممثلين لحركات حماس والجهاد الاسلامي وفتح الى القاهرة مساء السبت في مسعى للتوصل الى تهدئة مع اسرائيل التي قررت حكومتها الامنية المصغرة عدم ارسال وفد الى القاهرة رافضة التحادث، ولو بشكل غير مباشر مع حماس، حسب ما ذكرت وسائل اعلام اسرائيلية. فمنذ فجر الاحد، اعلنت وزارة الصحة في غزة مقتل 34 فلسطينيًا في غارات جوية على القطاع. وحسب الناطق باسم الوزارة اشرف القدرة، بين القتلى أم في الثالثة والعشرين من العمر وابناها التوأمان، وتسعة من افراد عائلة واحدة هي عائلة الغول التي استهدف قصف اسرائيلي منزلها في مدينة رفح جنوب القطاع. وفي الوقت نفسه، اعلن الجيش الاسرائيلي فجر اليوم مقتل جندي فقد الجمعة، فيما كان يشارك في القتال في قطاع غزة لترتفع بذلك خسائر الجيش الاسرائيلي الى 64 جنديًا منذ بدء هجومه على القطاع في حصيلة هي الاكبر منذ حربه مع حزب الله اللبناني في صيف 2006. وقال الجيش في بيان ان "لجنة خاصة يترأسها كبير حاخامي الجيش اعلنت وفاة الضابط في سلاح المشاة هدار غولدن الذي قتل خلال المعارك الجمعة في قطاع غزة"، موضحًا أنه "قبل هذا الاعلان أخذت في الاعتبار كل الظروف الطبية والدينية والظروف الاخرى الضرورية". وقالت اذاعة الجيش الاسرائيلي صباح اليوم الاحد إنها "عملية بالغة الحساسية نظرًا لعدم وجود جثمان" للجندي البالغ من العمر 23 عامًا. ومساء السبت اعتبرت وسائل الاعلام الاسرائيلية أن توجه وزير الدفاع موشيه يعالون وكبير حاخامي الجيش رافي بيريتس الى منزل عائلة الجندي مؤشر الى اعلان وشيك يتصل بمصيره. وقالت إن مئات الاشخاص اضافة الى ذوي الشبان الاسرائيليين الثلاثة الذين خطفوا وقتلوا في الضفة الغربية مع بداية حزيران (يونيو) تجمعوا مساء السبت امام منزل عائلة غولدن في كفرسبا (وسط). وكانت والدة غولدن طالبت في وقت سابق السبت بألا تسحب اسرائيل قواتها من قطاع غزة قبل استعادة ابنها المفقود. ومساء السبت، تعهد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو مواصلة الهجوم على غزة. وقال: "وعدنا منذ البداية بإعادة الهدوء الى مواطني اسرائيل. سنواصل العمل الى أن نحقق هذا الهدف طالما تطلب الامر ذلك وبكل ما يلزم من قوة". وردت حماس على لسان المتحدث باسمها فوزي برهوم الذي قال لوكالة فرانس برس "إنه خطاب مرتبك ينم عن أزمة حقيقية يواجهها في الحرب على غزة"، مضيفًا "اراد أن يصنع نصرًا وهميًا لحكومته وجيشه ونحن مستمرون في المقاومة حتى نحقق اهدافنا". كما قالت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي في بيان إن "تصريحات نتانياهو و(موشيه) يعالون (وزير الدفاع الاسرائيلي) اعتراف صريح بالهزيمة وسنواصل القتال حتى تحقيق مطالب الشعب الفلسطيني". وجاء هذا التصعيد في المواقف بعدما اعطت اسرائيل السبت اولى الاشارات لإنهاء عملياتها في مناطق معينة من قطاع غزة. وقال شاهد عيان لأحد صحافيي فرانس برس إنه شاهد الجنود الاسرائيليين ينسحبون من قرى قريبة من بيت لاهيا في الشمال وخان يونس في الجنوب. وكان الجيش امر السكان بإخلاء المنطقتين حتى ينهي عملياته العسكرية فيهما. ورغم هذا الانسحاب المحدود، اكد نتانياهو مساء السبت أن "العملية متواصلة والجيش سيواصل العمل بكل قواه للنجاح في مهامه واعادة الهدوء والامن لمواطني اسرائيل مع توجيه ضربات قاسية جداً للبنية التحتية للارهاب". واضاف: "قواتنا المسلحة بصدد القضاء على الانفاق في غزة". من جهة اخرى، ومع وصول الوفد الفلسطيني الى مصر السبت بعد تأخره يومًا بسبب التطورات الميدانية وخصوصًا في رفح، اكد رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل مساء السبت أن الحركة لن توافق على وقف اطلاق النار من دون انسحاب القوات الاسرائيلية من غزة التي ترتكب "عدواناً عبر تدمير الانفاق". وشدد على أنه في حال كهذه، فإن حماس تملك حق "الدفاع عن النفس" وقد ابلغ ذلك الى وزير الخارجية الاميركي جون كيري. من جانبه، اعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السبت أن المبادرة التي عرضتها مصر هي "فرصة حقيقية" لوقف اطلاق النار. وقال في مؤتمر صحافي مع رئيس وزراء ايطاليا ماتيو رينزي "المبادرة المصرية هي الفرصة الحقيقية لايجاد حل حقيقي للازمة في غزة وايقاف نزيف الدم". واضاف أن "الوقت حاسم، لابد من استثماره وبسرعة لإيقاف اطلاق النيران وايقاف نزيف الدم الفلسطيني"، مؤكدًا ضرورة أن "ننتهز الظرف الصعب ونقول إن لدينا فرصة حقيقية أن ننهي الازمة الحالية ونبني عليها حلاً شاملاً للقضية الفلسطينية".