هاتفني أحد أصحابي قائلاً : (عندما تمتلئ الجيوب تختفي العيوب ) !! يا أخي أنا مشكلتي إن جيبي دائماً مثقوب وكلما فلحت في رتقه ينثقب مُجدداً فما عرف عمره الامتلاء لتختفي عيوبي .. وطبعاً ليست عيوبي فادحة كما قد يتصور البعض فأنا لا أؤذي أحد و لا أناطح المُقرنين لأن رأسي أصلع وقد اقتديت بمقولة الأسلاف : ( لا تناطح ورأسك بلا قرون ) ،ولكن مشكلة الجيب باتت غالبه عليَّ بل وقاهرة إلى درجة يصعب تصورها لأن الجيب عندما يكون مثقوب دائماً يصيِّرك مُتعِب ومَتعوب مُتعب لغيرك لأنه لا فائدة تُرجى منَّك ثُمَّ أنك قد تصير ثقيلاً على معاريفك وأصدقائك إذا تقرَّبت منهم بقصد مساعدتك .. أمَّا إذا انعزلت تماماً عن مجالس الناس وفضَّلت الانفراد والانزواء وتلمُّظت آلامك وأحزانك بخُلوة وتخفِّي فإنك ستوصم بالمريض ومن أصحاب الحالات النفسية المستعصية . يا أخي لقد أكفهر في وجهي الزمان وضاق بي المكان وبتُّ من غير أمان بسبب توسُّع ثقب جيبي و..و .. للأسف لم أتمكن من الاستماع إلي بقية الكلام فبطارية تلفوني أفرغت تماماً وأحرمتني من متابعة بقية كلام صاحبي المكدود ابن المنكود !! حاولت شحن بطاريتي مجدداً لأعاود التواصل معه ليكمل بقية حديثه.. ولكن الكهرباء كانت طافئة فقلت : تباً لهذه الكهرباء الملعونة . بعد ذا استلقيت على ظهري وأخذت أتفكِّر في حديث صاحبي ، وأخذت أتساءل أيضاً لماذا سرد لي مثل هذا الكلام ؟! . فهل يا ترى مقصده أن يستثير أحاسيسي نحو واقعه وواقع كثيرين من مثله إذ ان وصفه على ما به من معان مؤثِّرة لا تبدو إنها تخص حاله لوحده وانما تخص كثير من الناس بل إني وجدت بعض مما وصف يشابه ما أقاسيه شخصياً في حدود معينه وتمنيت لو ان الكهرباء التي ألعنها دائماً تعاود الإضاءة لأشحن بطارية تلفوني وأبادر انا بالاتصال بصاحبي ليكمل لي كلامه الشائق والمحزن في ذات الوقت . كان الوقت آنئذٍ يقترب من الساعة العاشرة مساء ، السماء كانت ملبدة بالغيم ولكن من غير رعد، والظلام يلف المكان وما حولة وفجأة لمعة مصابيح المنزل بصورة خاطفة فظننتها لمعة برق قلت : سبحان الله وبحمده وتعاقب اللمعان ما بين ثوان وأخرى وأنا اكرر سبحان الله وبحمده ومرددا يا الله أسقنا الغيث ثم أدرت وجهي الى الجهة التي تقع عليها مصابيح المنزل وهنا فوجئت ان اللمعان المتقطع بسرعة فائقة صادر عن مصابيح الكهرباء التي تتسبب في خراب أجهزتنا الكهربائية وإتلاف أعصابنا وحينها سارعت في غلق مفتاح كهرباء البيت كاملا وانطويت ببطانيتي ومضيت في سبات متقطِّع حتى الصباح ! .