في العهود القبلية كانت فتنة قبلية ناشبة بين قبيلتين استمرت عشرات السنين وراح ضحيتها خمسة قتلى وعدد من المصابين , وذات يوم حضر أشخاص من القبيلتين مراسيم حفل زواج لدى قبيلة ثالثة لها علاقة طيبة بالطرفين المتقاتلين , فانبرى شاعر هذه القبيلة بزامل أراد فيه أن يضع حداً للفتنة القائمة بين القبيلتين , ووجه الزامل لممثلي القبيلتين المتخاصمتين قائلاً: قتل النفوس حرَّم علينا ديننا خمسه انتهوا بالقتل والجرحى نصيف هل تقبلون الحكم ينهي للبلى ما عَرَّفك إنَّكْ تخَلِّصْ أو تضيف
لقد أعطى الشاعر رأيه في الحكم المنصف بين القبيلتين لوقف المزيد من إراقة الدماء وإهدار المزيد من الأرواح , فيكفي خمسة قتلى , أي بزيادة واحد لا بد أن يثأر له أصحابه , ولكن من يدري فقد تخطئ رصاصة من هذا الطر ف أو ذاك فيزداد عدد القتلى , أما الجرحى فهم من الطرف الآخر , لذلك اعتبر الإصابات نصف دية وتدفع نصف دية مقابل القتيل الخامس وتنتهي بذلك هذه الفتنة . ومباشرة دخل شاعر القبيلة التي لها إصابات وعندها قتيل فقال :
اِدُّوا لنا فرصة نشاور أهلنا والكبر للشيطان وابن آدم ضعيف هذه بليِّة نازلة من ربنا وما حصل منكُور بالدين الحنيف
ولم يتردد الطرف الآخر ممن لهم قتيل ، بل أكدّ على لسان شاعرهم التجاوب مع هذه المبادرة ، وطلب شاعرهم فرصة للتشاور مع الأقرباء وبالذات ابن القتيل:
الحل واضح والعَمَدْ نياتنا والرأي للقربى وبالذّات الخَلِيْف با نجتهد والله شاهد بيننا ما حَدْ بيفرح بالفتن إلاَّ السخيف
ويقال أن مشاورات جرت بين الطرفين مباشرة وتوصلا إلى اتفاق على الأساس الذي وضعه الشاعر الوسيط , وفي لحظة انتهت فتنة عمرها عشرات السنين.
*من كتابي (عادات وتقاليد الزواج وأغانيه في يافع) والزوامل حصلت عليها من صالح علي محمد الحاتمي العلوي الكلدي... وهو من المهتمين بالتراث ...