في نفير شعبي واسع.. أبناء الجوف يؤكدون: "القرآن خط أحمر وفلسطين قضيتنا الأولى"    حراك أمريكي داخل أروقة الإدارة الأمريكية بشأن اليمن والجنوب    قانوني يشكك في دستورية مجلس القيادة ويتساءل: كيف يطالب العليمي بالدستور وهو بلا سند دستوري؟    عشر سنوات من الوجع.. شهد تبحث عن أبيها المخفي في سجون الحوثي    نخب الإعاشة في الخارج.. خطاب تعالٍ يكشف انفصالًا عن معركة وطنهم    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    معلومات حول الجلطات في الشتاء وطرق الوقاية    عودة الأسعار للارتفاع يا حكومة    مع استمرار صراع ادوات المرتزقة..مدن الجنوب بلا خدمات    غدا الحرارة درجة في المرتفعات    عبد الرزاق حمد الله يعتزل اللعب دوليا بعد قيادة المغرب للتتويج بكأس العرب    عقوبات أمريكية على الإخوان المسلمين    بن حبتور يكشف عن السيناريو في المناطق الجنوبية والشرقية    البنجاك سيلات يستعرض الصعوبات التي تواجه الاتحاد    تدشين صرف إعاشة أسر الشهداء والمفقودين ب 3.6 مليارات ريال    وزير سابق: تراجع اهتمام واشنطن بالملف اليمني وتعيد النظر وفقا لوقائع الأرض    معركة السيادة في عصر الاستلاب الفكري"    تفجير تعز.. قيادات إصلاحية تربوية تدفع ثمن مواقفها الوطنية    خبير في الطقس: برد شديد رطب وأمطار متفرقة على عدد من المحافظات    هجوم جوي يستهدف قوات الانتقالي في حضرموت    ميرسك تعبر البحر الأحمر لأول مرة منذ عامين وتدرس عودة تدريجية    تقرير أممي: ثلثا اليمنيين يعانون انعدام الأمن الغذائي ومعدلات الجوع تسجل ذروة غير مسبوقة    تقرير أممي: تصعيد الانتقالي في حضرموت أجبر آلاف الأسر على الفرار والنزوح    قيادة السلطة المحلية بالبيضاء تنعي حاتم الخولاني مدير مديرية الصومعة    شرطة المرور تعلن إعفاء أكثر من ثلاثة ملايين مخالفة مرورية    قراءة تحليلية لنص "نور اللحجية" ل"أحمد سيف حاشد"    مهرجان ثقافي في الجزائر يبرز غنى الموسيقى الجنوبية    معارك ليست ضرورية الآن    أمطار شتوية غزيرة على الحديدة    الموسيقى الحية تخفف توتر حديثي الولادة داخل العناية المركزة    "المحرّمي" يُعزِّي في وفاة السفير محمد عبدالرحمن العبادي    الأرصاد تتوقع أمطارًا متفرقة على المرتفعات والهضاب والسواحل، وطقسًا باردًا إلى بارد نسبيًا    بالتزامن مع زيادة الضحايا.. مليشيا الحوثي تخفي لقاحات "داء الكلب" من مخازن الصحة بإب    الأوبئة تتفشى في غزة مع منع دخول الأدوية والشتاء القارس    "أسطوانة الغاز" مهمة شاقة تضاعف معاناة المواطنين في عدن    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    الحبيب الجفري يحذّر من تسييس الدين: الشرع ليس غطاءً لصراعات السياسة    أزمة خانقة في مخابز عدن.. المواطن يعاني والانتقالي يبيع الأوهام    الذهب يسجّل أعلى مستوى له في التاريخ    كأس ملك اسبانيا: تأهل اتلتيك بلباو وبيتيس لدور ال16    المغرب يتوج بطلاً لكأس العرب بانتصاره المثير على منتخب الاردن    انعقاد الاجتماع الفني لبطولة مديريات محافظة تعز - 2026 برعاية بنك الكريمي    الحرية للأستاذ أحمد النونو..    السبت .. انطلاق سباق الدراجات الهوائية لمسافة 62 كم بصنعاء    تجار تعز يشكون ربط ضريبة المبيعات بفوارق أسعار الصرف والغرفة التجارية تدعو لتطبيق القانون    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    بين الاعتزاز والانسلاخ: نداءُ الهوية في زمن التيه    شرطة أمانة العاصمة تكشف هوية الجناة والمجني عليهما في حادثة القتل بشارع خولان    اتحاد كرة القدم يعلن استكمال تحضيراته لانطلاق دوري الدرجة الثانية    روائية يمنية تفوز بجائزة أدبية في مصر    صباح عدني ثقيل    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    صباح المسيح الدجال:    مأرب.. السلطة المحلية تكرم فريق نادي السد لكرة القدم بمناسبة الصعود لدوري الدرجة الثانية    تأكيداً على عظمة ومكانة المرأة المسلمة.. مسيرات نسائية كبرى إحياء لذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    جوهرة الكون وسيدة الفطرة    بدعم سعودي.. مشروع الاستجابة العاجلة لمكافحة الكوليرا يقدم خدماته ل 7,815 شخصا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد أركون.. قلَقٌ في الفكر الإسلامي
نشر في عدن الغد يوم 15 - 09 - 2014

لم يتغير شيء في العلاقة بين محمد أركون، الذي مرت ذكرى وفاته الرابعة أمس، وبلده، الجزائر. الرجل الذي رحل عام 2010، ودفن جثمانه في المغرب، بحسب وصيته التي أعلنتها عائلته حينها، أهمله وطنه حياً، وقاطعه ميتاً؛ ولم يلق، لا وقت رحيله ولا اليوم، إلا بعض التحركات الجامعية والمؤسساتية القليلة التي تثمّن مشروعه الفكري بوصفه من ركائز الدراسات الإسلامية المعاصرة في العالم.

صرّح أركون، في مفاصل كثيرة من كتبه وحواراته، أنه يحمل الجزائر في قلبه وفكره، وأن جفاءه مع البلد لا يشمله تاريخاً وأرضاً، بل نظامَ حكم تأسّس، وفقاً إليه، على "سياج مغلق" يقصي كل فكر يشتغل على المستقبل ويضع الشرعية التاريخية في ميزان المساءلة. يبرّر أستاذ الفلسفة المعاصرة في "جامعة قسنطينة"، الباحث إسماعيل مهنانة، موقف الجزائر في حق واحد من أكبر مفكريها بأن فكر أركون يمثّل الرواية المعارِضة والمفككة لأساطير الدولة المنبثقة عن النسق الاستعماري، إذ لطالما كان يحذّر من إفلاس الدولة اليعقوبية الحارسة لمسلّمات الهوية والعقيدة، وكان يتوقع انفراط عقد الهويّة المخترعة سياسياً في حربٍ أهلية قبل حدوثها.

هكذا، ظلّت العلاقة بين المفكّر والسلطة، بحسب مهنانة، "مرتبكة ومضطربة، وظل الرجل ملعوناً في المشهد الجزائري، إذ لم ينتبه الباحثون الجامعيون في الجزائر، إلا في السنوات العشر الأخيرة، إلى أهمية فكره، حين جاءت شهرته، كالعادة، من المشرق، بعد ترجمته هناك".
"
يقول مهنانة إن أركون "يعدّ أوّل من وضع قطار الفكر النقدي على السكّة الصحيحة، وإنه كرّس كل كتاباته لطرح المداخل الإبستمولوجية لمقاربة مسألة الدين، والنص، والمقدّس، والتاريخ المشترك، وهي المداخل التي يجب استئنافها واستنفاد دروبها من طرف الباحثين".

من جهته، يقول الكاتب وأستاذ النقد المعاصر في "جامعة جيجل"، فيصل الأحمر، إن أركون يشكل، بالنسبة إليه، "منعرجاً معرفياً لا بد منه، فهو حالة فلسفية نجحت في جمع أساساتٍ منهجية متنوعة لم يكن لها أن تجتمع لولا توفر مجموعة من العناصر التاريخية والمنهجية والشخصية أيضاً". الأحمر يرى أن الفكرة المحرّكة لأركون في إطار مشروعه المندرج ضمن ما يمكن تسميته بسلسلة مشاريع "تجديد العقل العربي والإسلامي"، كانت هي دراسة النص القرآني حسب المناهج الحديثة والحداثية، المناهج النصّانية. وهنا، حسب الأحمر، يُطرح السؤال المركزي الأول: ماذا يمكننا أن نستخرج من النص القرآني لو نزعنا عنه الطبقات الكثيفة من الشروح والتعليقات والتفسيرات التي التصقت به على مر السنين؟

وحسب الأحمر، فإن هذه الخلفية تبدو، للوهلة الأولى، أنها تنزع القداسة عن النص القرآني وتتعامل معه كنص "بشري"، إلا أن المدرسة الكلاسيكية في مجال الدراسات الدينية والقرآنية لم ترقَ إلى تحريم السؤال الخارج عن أطروحتها.

ويضيف الأحمر أن أركون سار على هذا المنهج منشئاً قسماً لدراسات "الإسلامولوجيا" في فرنسا، وسط ضجيج المشككين فيه وفي نواياه، وفي خطر أن تضطلع الجامعات الغربية بمهمة فهم القرآن وتحديد تحديات الإسلام الجديدة، في وقت يشكك فيه الكلاسيكيون في نوايا من يعملون مع أركون، أو مَن هم حوله أو تحت إشرافه. والنتيجة، كما يقول الأحمر، "نراها اليوم: مدرسة متكاملة يبدو أنها تملك إجاباتٍ لكثير من تساؤلات مسلمي اليوم الذين يبدو بوضوح أن إجابات الأمس لم تعد اليوم تسمح لهم بتخطي حجاب الزمن الحاجز في اتجاه الغد. إنه واقع عربي إسلامي في حاجة عميقة إلى أن يُقرأ من جديد على ضوء النزعة الأركونية".

ويقول الباحث أحمد الدلباني إن محمد أركون حاول أن يقتربَ من الأزمات البنيوية العميقة للعرب والمسلمين، والتي تقفُ حائلاً أمام اجتراح آفاق التحديث العقلي والاجتماعي والسياسي.
"
"لقد كان رجل نقد باعتباره فتح مضمار اللامُفكَّر فيه، وجدّدَ، منهجياً، دراسة الإسلام وتراثه ودراسة الظاهرة الدينيّة من خلال مُحاولة دمج المثال الإسلاميّ في برنامج ضخم للأنثروبولوجيا الدينيّة، بعيداً عن مُسبّقات الوعي القروسطي".
"إنه نموذج للمثقف الذي لم يقع ضحية الوعود الأيديولوجية الجاهزة التي استعادت الأخرويات التقليدية في جبة علمانية"، يقول الدلباني عن أركون، "كما كان شديدَ الحذر من الإسلاميات الكلاسيكية التي مثّلها الاستشراق المُفعَم بالمُسبَّقات اللاهوتية والعنصرية في النظر إلى الآخر إبَّان الحقبة الكولونيالية".

لقد طرح أركون، بحسب الدلباني، أسئلة غير مسبوقة على التراث الإسلامي وواقع المُسلمين اليوم؛ وكان في ذلك كله مُسلّحاً بمنهجية مفتوحة، تنهلُ من فتوحات الفكر النقدي في أحدث تجلياته واختراقاته. "وأكثر ما يشدني، شخصياً، إليه، هو نضاله أيضاً من أجل الأنسنة الغائبة عن واقع المسلمين اليوم، رغم غنى التجربة التاريخية الإسلامية في هذا المجال كما بيّن، هُو نفسُه، في دراسات شهيرة". وتجدر الإشارة أخيراً إلى أن ابنة الراحل، سيلفي أركون (1963)، تستعد هذه الأيام لإصدار كتاب عن مسارات والدها، وفاءً لرغبته في أن يكتب مذكراته، هو الذي لم يكن لديه الوقت الكافي للقيام بذلك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.