أحياناً أتمنى لو أغدوا طفلاً أتقلب في مهدي وأتلذذ بحضن أمي لا أعي من الدنيا شيء الهوا أمرح أصرخ العب بأشيائي وأعبث بمن حولي لا أكترث بشيء وابحث عن ما يرضي طفولتي إن جعت أصرخ وإن غلبني النعاس أغفوا وإن اشتقت لأحضان أمي أبكي يتناحر العالم ويتقاتل البشر وتتقد الحروب يموت أناس ويتألم آخرون أطفالاً يجوعون وآخرون يعرون يتيتم البعض ويتوه البعض وأنا الهوا في عالمي لا يهمني سوى حضن أمي وطعامي وشرابي ووقت منامي أتمنى أن أغدوا هكذا كي لا أهتم بهموم العالم بمشاكله بأوجاعه بدموعه بدمائه التي تسيل بتلك الأرواح التي تزهق وبتلك الأجساد الممزقة والأشلاء المتناثرة أتمنى أن أغدوا طفلا حتى لا أتألم لا أتوجع لا أكره لا أبغض لا أحسد لا أعادي أحد ولا يعاديني أحد لا أبكي على حبيب ولا أتوجع على عزيز ولا أندم على صديق لا أخاف من مجهول ولا يؤلمني حاضر ولا أنتظر مستقبل لا أبحث عن ذاتي في معمعة أحزاني في خضم معاناتي في جحيم أحشائي لا أبحث عن من يحبني من أجل الدنيا أو يبغضني من أجل الدنيا أتمنى أن أغدوا طفلاً حتى يحبني الكل ويداعبني الكل ويرضيني الكل ويخاف عليّ الكل وحتى يشتاق لي الكل ويسعون لإرضائي أتمنى أن أغدوا طفلاً كي لا أكتشف حقائق البشر كي لا أصدم بأفعالهم كي لا تغرني مظاهرهم كي لا تخدعني كلماتهم كي لا تؤلمني مدامعهم كي لا أكره الدنيا بسببهم أتمنى أن أغدو طفلاً كي لا تفترسني الهموم كي لا تستبد بي الأحزان كي لا تأسرني الآلآم كي لا تمزفتي الأهات كي لا تفتتني الأنات أتمنى أن أغدو طفلاً وأن لأ أكبر أبداً وأن ظل في عالمي وبين أحضان أمي وفي كنف أسرتي تحتويني البراءة وتغلفني الطفولة...