وسط تصاعد الأحداث في اليمن وسيطرة أنصار الله على قطاعات كبيرة من بينها العاصمة صنعاء، وعقب التفجير الإرهابي الذي وقع وسط تجمعات أنصار الله (الحوثيين) في ميدان التحرير باليمن، والتهديدات التي تلقيها جماعة الإخوان هناك بالدخول في اشتباكات مسلحة، باتت الأمور معقدة وتنذر بخطر أكبر، وتثير تلك الاضطرابات مخاوف لدى مصر من سيطرة إحدى المجموعات المتطرفة على باب المندب، وهو الممر المائي الذي يؤدى الى اغلاقه الى إصابة البحر الاحمر وقناة السويس بالشلل . رصدت “البديل” آراء سياسيين ومتخصصين في الأمر، وهل المخاوف التي لدى مصر في محلها، وما الخطر الذي يشكله الوضع المرتبك في اليمن علينا ؟
قال عاطف مغاوري نائب رئيس حزب التجمع أن ممر باب المندب بالتأكيد في خطر في ظل الأوضاع المتصاعدة والعنيفة في اليمن، ومن المفترض أن يكون لمصر تأثيراً في الأوضاع هناك، لكن للأسف الشديد نظام مبارك نزع أدوات التأثير التي تضمن دور لمصر سواء افريقيا أو عربياً، مشيراً إلى أن مصر كانت جزء من مجلس التعاون العربي، الذي ظل قائماً مدة عام واحد ثم انتهي تلقائياً عقب تدخل القوات الامريكية في العراق، مشيراً إلى أن الاستراتيجية القديمة للدولة المصرية تؤكد على ضرورة التواجد بقوة في دول منابع النيل، كما التواجد في باب المندب، لما لهما من أهمية ونتذكر جميعا ما كان لعمليات القرصنة البحرية من تأثير سيئ، ومصر كان يجب أن تكون متواجدة في الصومال إذ كان لها دور سابق ممتاز في استقلال الصومال، ولكننا تركنا كل شيء ولم نقم بواجبنا بعد ذلك .
وأضاف “مغاوي” أن اليمن فعليا دخل اليوم مخطط التقسيم الذي أعدته الدول الغربية وتم تقسيمه حالياً الى 6 أقاليم تحت مسمى الكونفدرالية، ولكن الأحداث على الأرض تؤكد أن الأمر قد يتطور فجماعة الحوثيين يسيطرون على أجزاء كما مجموعات الحراك الجنوبي وغيرها، وكل ذلك يشكل خطراً فعليا على ممر باب المندب وهو ما يجعلنا نتخوف من محاولات التدخل العسكرية الأجنبية لتتحول بعدها هذه المنطقة إلى منطقة صراع أكثر كثيراً مما هي فيه الآن كما حدث من قبل في منطقة القرن الأفريقي .
وأكد “مغاوري” ان مصر ليس عليها أن تقف متفرجة هكذا فقد يأتي جماعة مسلحة تعادي مصر وتفرض سيطرتها على باب المندب، وتغلقه علينا، لافتاً الى ان الأممالمتحدة تتدخل في الوضع هناك وقد تضع اليمن في خانة الباند السابع من قانون العقوبات الدولي وهو ما يفرض تدخلاً اجنبياً ضد جماعات بعينها هناك .
واستنكر “مغاوي” الهجوم الذي يطلق من حين للأخر من البعض على الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وترديد مقولات ان عبد الناصر ورط الجيش المصري في اليمن، قائلاً : ان هؤلاء الذي يروجون كلاماً منافي للحقيقة لا يقرأون التاريخ او الجغرافية ولا يعرفون مكان مصر الاقليمي جيداً ومن اين يبدأ امنها القومي، والايام اثبتت ان الزعيم ناصر كان محقاً .
ومن جانبه قال اللواء نبيل أبو النجا أحد مؤسسي الفرقة 999 بالصاعقة المصرية، أن هناك مفاهيم مغلوطة لدى البعض ان الحوثيين هم تنظيم القاعدة، والأمر ليس صحيح فتنظيم القاعدة هي مجموعات سنية متطرفة، بين الحوثيين مجموعات شيعية وعلى العكس تماماً فالحوثيين يكنون العداء لتنظيم القاعدة الإرهابي، وقال أنه بالفعل الأوضاع المضطربة في اليمن تبعث على القلق.
وأضاف “ابو النجا” أنه على الرغم من المخاوف حول الاضطرابات التي تحيط باب المندب فإن أمر اغلاقه ليس سهلاً كما يعتقد البعض لأنه يخضع للاتفاقيات الدولية، ويشكل طبعاً خطراً في حالات الحرب الكاملة، لافتاً إلى أن الاتفاقات الدولية لا تجعل مثلاً مصر تستطيع أن تتخذ قراراً بإغلاق قناة السويس، او أن تُغلق يوما قناة بنما، ولكن من الممكن ان يكون هناك تضيقات تحدث للصيادين والسفن المصرية التي تمر بالقرب من بعض الأماكن التي يسيطر عليها هذه الجماعة او تلك .
وأكد “ابو النجا” ان على مصر ان تبدأ اللعبة السياسية بقواعد صحيحة فيجب أن نتواجد في الاماكن التي تتلامس مع أمننا القومي، ولا نبدأ اي عداءات مع أحد بدون مبرر، كما يجب علينا التواجد في بعض الدول سواء من خلال تعاون اقتصادي او اعمال تنموية او غيرها ويجب ان يكون مبدأنا اننا يمكن ان نتعامل مع الجميع إذا كان الأمر يخص امننا القومي ومصلحتنا العليا .
وعن ما فعله الرئيس عبد الناصر ومساندته للثورة اليمنية وإرساله قوات مصرية إلى هناك من قبل أشار اللواء ابو النجا، ان الأوضاع مختلفة تماماً والتاريخ مختلف تماماً، كما أن سياسات مصر في تلك الفترة كانت تتبني مبدأ القومية العربية بشكل كبير لذلك كنا نساند فوراً أي دولة عربية تواجه الصعاب في الخارج، قائلاً: أعتقد ان الرئيس السيسي ليس لديه هذه الرؤية ولا يرغب أبداً في ارسال الجيش المصري خارج الأراضي المصرية، وان ما قاله بمصطلح “فركة كعب” هو اشارة إلى انه في حالة تحالف مع دول الخليج التي تقف مع مصر الان وما نراه من مناورات عسكرية متكررة بين القوات المسلحة المصرية ونظريتها الإماراتية هو اشارة مصرية على التواجد هناك .
فيما قال الدكتور سعيد اللاوندي المتخصص في العلاقات الدولية، أن الخوف طبعاً قائماً حول ممر باب المندب، فالشعب اليمني منقسم ولديه اضطرابات كبيرة، مشيراً الى ان الولاياتالمتحدةالامريكية تولي اهتماماً خاصاً لليمن وكأنها مقاطعة امريكية، وذلك لأنها تخشي على هذه المنطقة الحساسة من الوقوع تحت سيطرة روسيا.
وأضاف “اللاوندي” قائلاً : القلق لا يجب ان يكون مبالغا فيه لأن الاوضاع في السلم تختلف عنها في الحرب، كما أن الولاياتالمتحدة تتواجد هناك كنوع من الحماية والوصاية على تلك المنطقة ومن الصعب أن تسيطر أي جماعة على باب المندب.