كثر الجدل في الشارع الجنوبي حول الهوية الجنوبية واصبح الثائر الذي ليس لديه خلفية عن التاريخ والهوية يعاني من تشتت الافكار , فمنهم من يتمسك باسم " الجنوبي العربي " باعتبار ان هذا الاسم اطلق على الجنوب قديماً ابان الاستعمار حتى تم تغييره الى اسم " جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية " من قبل الرفاق لاسباب وسياسات تتوافق مع حزبهم الشمولي عندما سيطروا على الحكم بعد خروج المستعمر , ومنهم من يتمسك باسم " اليمنالجنوبي " او " جنوباليمن " لاسباب تاريخية مستنداً فيها على احاديث الرسول صل الله عليه وسلم التي ذكرت فضائل اهل اليمن ومكارمهم . الجميع يعرف ان " اليمن " اسم جهوي اطلق على الجهة التي تقع يمين الكعبة , كذلك اسم " الشام " اطلق على الجهة التي تقع شمال الكعبة فالشام حالياً يتقسم الى عدة دول لكل دولة اسمها وهويتها الخاصة التي تميزها عن جاراتها ولكنها في نفس الوقت لم تتنكر لهويتها الشامية فمثلاً لبنان محتفظه بخصوصيتها اللبنانية وايضاً لم تتخلى عن الهوية الشامية عندما تعد ضمن دول الشام ولكن وضع اليمن يختلف تماماً عن الشام .
فالتاريخ القديم وعلى مر العصور السابقة لم يذكر ان اليمن توحد برقعته الجغرافية مثلما توحد عام 1990 م وايضاً مملكة حضرموت القدمية لم تحمل على الاطلاق اسم اليمن وكانت هويتها حضرمية بحته كذلك جميع الدول والممالك القديمة مثل " سبأ و قتبان وحمير وأوسان ,,, الخ "
في الحقيقة لا يمكني التعمق كثيراً والبحث عن جذور الهوية الجنوبية ومرد ذلك الى عدم رغبتي في الاسهاب والتشعب في ذلك اذ ان البهوت والتداخلات التي تكتنف هذه المسألة قد يستغرق وقتاً اطول ومساحة اكبر من اختزاله في مقالاً واحد لكن اذا كان ولا بد من الحديث عنها فاني ساتحدث عن السبب الحقيقي الذي يسجل نفسه في الحضور الجدلي عن الهوية وبحسب وجهة نظري فاني ارى ظهورها وتسليط الضوء عليها في الاونة الاخيرة يرجع لاحزاب واشخاص يريدون اثبات وجودهم على الساحة الجنوبية وكلاً منهما يريد ان يفرض سياسته في الجنوب ويروج لها على حساب تضحيات ونضالات ابناء الجنوب الاحرار
ارى ان هذا الجدل البيزنطي لا يثمر عن اي نتيجة تستحق كل هذا الجهد والعناء لان مسألة الهوية انما تتشكل بتشكل المجتمعات وتطورها اذ انها ليست قانوناً ثابت او سنة كونية وانما هي نتاج تظافر وتضامن عوامل ثقافية وتاريخية امتزجت ببعضها وبرزت كعلامة فارقة او تعبير مجازي لتمييز مجتمع عن اخر , ومن وجهة نظري المتواضعة فانني لا اعتبر هذه المسألة من اولويات الثورة الجنوبية وهناك ما هو اهم واولى منها بالوقت والجهد , من ذلك على سبيل المثال لا الحصر تنظيم العمل الثوري وضبط ايقاعه وسلوكه على الارض حتى لا تنحرف الثورة عن مسارها وايضاً وضع رؤى وآليات عملية لادارة هذه المرحلة والبحث عن الوسائل الفاعلة لضمان نجاح وتحقيق ذلك وبحث سبل تطوير تلك الوسائل وتعزيزها بما يقود الى افراز قيادة جنوبية كفؤة قادرة على فهم المرحلة وقراءة المتغيرات الراهنة لاستثمارها والتكيف معها بما يحقق تطلعات شعبنا واهدافه المنشودة في قيام دولة جنوبية مستقلة .
ولهذا فاني اقترح ان يكون اسم " الجنوب " في هذه المرحلة النضالية مجرد من اسم اليمننة او اي اسم اخر لحتى استعادته ومن ثم اعادة النظر في مسألة الهوية فاما ان يكون اختيارها متروك لعامة الشعب عبر استفتاء شعبي واما للقيادة التي ستتولى حكم الجنوب بعد تحريره واستقلاله .