من سوء طالع السيد عبدالملك الحوثي، عدم وجود مرقد (مقدس) في الجنوب، يُمكِنهُ من تكرار فعلة، حسن نصر الله في سوريا. فالرجل وجماعته يستشعرون الحرج، إذ ما أن سقطت الجرعة حتى سقطت الحُجَة ليصبحوا بحاجة الى حُجَةٍ أقوى، ولولا الخوف من تهمة (القبورية) لتذرعوا بحماية قبري نبيي الله (هود) و (صالح) في حضرموت.. ولا عجب في ذلك ف فسطاطا (القبور) و(المراقد) في صراع منذ 14 قرناً. يتوارى في عصور العقل ويبرز في عصور الجهل. ولأننا نعيش الجهل، فقد أفتانا أحد حيتان بدعة (القبُورِيون)، الشيخ عبدالمجيد الزنداني، أفتانا بالدليل السمعي: (شريط) عليه نواح وصراخ قال أنه لمقبورين في برزخ في منطقة (مورمند) على الحدود الروسية النرويجية. شيخنا الجليل أكد، في محاضرة أكاديمية, أنه "تثبت بالدليل القطعي": أن تلك الأصوات لملايين النساء والرجال.
السؤال الذي يتبادرالى الذهن ليس عن التثبت الذي تم بطريقة رؤية هلال شوال، ولا عن الملايين فنحن نعيش حقبة (المليونيات) وإنما السؤال إحترازي، عن مصير البحث العلمي في اليمن، فإذا كان هذا هو مستوى الأداء الأكاديمي لرئيس (جامعة) الإيمان فماذا عن بحوثات خريجي جامعة يُسمع منها صراخ الأموات..!! على الجانب الأخر يبدو الأمر أكثر خطورة وتمثل بقرارٍ أحد حيتان (المراقد)، بالدخول في الحرب الكونية، دفاعاً عن مرقد السيدة (زينب) ومازالت المعركة محتدمة للعام الرابع، وتداعياتها تكاد تحرق الأخضر واليابس في ثلاث دول عربية وتتهدد حياة ما يربو على 50 مليون نسمة.
وفي موقع أخر يكاد السيد أردوغان يجر رجل حلف الناتو العلماني ل(حرب القبور) دفاعاً عن قبر (سليمان شاه) فالأصابع على الزناد، والأقمار الإصطناعية والطيران تحوم في الفضائين الداخلي والخارجي على مدار ال 24 ساعة وعدسات المراقبة مُرَكَزة على منطقة (ترك مزاري) في (قلعة جعبر) السورية التي تضم ضريح والد عثمان الأول مؤسس الخلافة العثمانية. فالتحذير التركي: أن تم التعرض لجسم القبر(الشاهنشاهي) أو لصحنه أو حتى لمحيطه الذي يقترب من 9 كلم مربع، بأي أذى فستقوم قيامة (العصمليون)..!!
وأما الطامة الكبرى فكانت بالبحث الذي أفشاه الصحفي (أندرو جونسون) في صحيفة (الأندبندنت) في 2 سبتمبر الماضي عن أن السعودية وفي إطار توسعة وتجديد الأماكن المقدسة «تخطط لنقل قبر الرسول» ودفن رفاته في مقابر البقيع في «قبر غير معلوم».. إذ أكتشف أحد (البحاثة) أن وجود قبر الرسول (ص) في مكان معلوم بدعة وظلال، كما وأكتشف مجموعة من المحدثات في القبر النبوي "ذات خطر على الدين والعقيدة". وهذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها المعالم المقدسة للأعتداء، فقد أشارت مؤسسة التراث الإسلامي للأبحاث الى أنه تم "تدمير العديد من المعالم التاريخية" خلال التوسعات السابقة للحرمين المكي والمدني.
طبعاً أمرٌ كهذا يراد من خلاله إحداث الصدمة التي يمكن لها التمهيد للمراد ، فقد دعا البحث، الذي نشر في مجلة (شؤون الحرمين)، دعا الى هدم حجرة عائشة المعروفة ب (الحجرة النبوية الشريفة) التي بناها الخليفة عمر بن عبدالعزيز عام 91هجرية، في الركن الجنوبي الشرقي للمسجد النبوي الشريف، والمشتملة على القبرالنبوي وقبري أبوبكر الصديق وعمر إبن الخطاب، و«طمس أسماء الصحابة والأئمة الاثني عشردفعا للمفاسد المترتبة على وجودها» وعدم تجديد طلاء القبة الخضراء وإزالة النحاس الذي عليها كحد أدنى.
بناءً على كل ذلك وفي الزمن الداعشي الذي نعيشه اليوم من غير المستبعد أن يطل علينا عبدالملك الحوثي فجأة ذات مساء من قناة (المسيرة) زاعقاً، وجدتها.. وجدتها. أي (حُجَة) الحرب ليس على الجنوب حسب وإنما على السعوية، لحماية (حُجْرَة) أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها, وبذلك تكون مهمة (قُمّ) الموكلة للسيد حسن هي حماية (مرقد) عائشة وللسيد عبدالملك حماية (حُجرَة) عائشة.. فكل شيء جائز في حُقبة (فانتازيا) الحُجَة!!