لا يخفى على أحد الخطط التدميرية التي رسمتها صنعاء لتدمير شباب الجنوب بدءاً من نهب الأراضي التي كان الشباب يقضون عليها أوقاتهم في لعب كرة القدم أو ممارسة أي أنشطة رياضية أخرى وانتهاءاً بإغراق مدينة عدن حاضرة الوطن الجنوبي بالمخدرات والحشيش وتناول القات بشراهة. في (حديث الخميس) لا أود أن أتحدث عن موضوع رياضي بقدر ما هو سياسي ووطني بالدرجة الرئيسية , (صنعاء) رسمت خطط منهجية لتدمير شباب الجنوب , لكي يتسنى لها البقاء أطول فترة ممكنة مسيطرة على البلاد , لأن زعماءها يدركون أن تدمير الأوطان والمجتمعات يأتي عن طريق الشباب والمراهقين أي التدمير من الأساس , فأي مجتمع يكون ناجح بشباب نشأوا وشبوا على تناول المخدرات والحشيش والتسكع في الشوارع إلى أوقات متأخرة من الليل . يذكر دكاترة ومختصون عرب "أنه عندما أراد الصينيون القدامى أن يعيشوا في أمان؛ بنوا سور الصين العظيم .. واعتقدوا بأنه لا يوجد من يستطيع تسلقه لعلوه الشاهق، ولكن .. خلال المئة سنة الأولى بعد بناء السور تعرضت الصين للغزو ثلاث مرات ! وفي كل مرة لم تكن جحافل العدو البرية بحاجة إلى اختراق السور أو تسلقه .. بل كانوا في كل مرة يدفعون للحارس الرشوة ثم يدخلون عبر الباب, لقد انشغل الصينيون ببناء السور ونسوا بناء الحارس .. فبناء الإنسان .. يأتي قبل بناء كل شيء وهذا ما يحتاجه طلابنا اليوم .. ويقول أحد المستشرقين: إذا أردت أن تهدم حضارة أمة فهناك وسائل ثلاث هي: (هدم الأسرة , وهدم التعليم , إسقاط القدوات والمرجعيات) , و لكي تهدم الأسرة :عليك بتغييب دور (الأم) اجعلها تخجل من وصفها ب"ربة بيت" , ولكي تهدم التعليم: عليك ب(المعلم) لا تجعل له أهمية في المجتمع وقلل من مكانته حتى يحتقره طلابه , ولكي تسقط القدوات: عليك ب(العلماء) اطعن فيهم قلل من شأنهم، شكك فيهم حتى لا يسمع لهم ولا يقتدي بهم أحد". فالأسرة هي أساس المجتمع والأوطان وهي من يكون لها الإسهام الكبير في بناء مجتمع يدين بالولاء لله ثم للوطن وللناس , وليس مجتمع مخلخل شبابه يتسكعون في الشوارع لا يجدون ما يقتلون به فراغهم. بدأ نظام صنعاء عقب اجتياحه الشهير بتدشين عملية طرد وإقصاء للموظفين الجنوبيين وحرمان أولادهم من مصادر الدخل التي كانوا يحصلون عليها قبل الاتحاد مع العربية اليمنية. كرس النظام ذاته الغش في المدارس التعليمية في الجنوب باستثناء الشمال وذلك لبناء جيل جاهل لا يقدر على العمل ولا يستوعب شيء ويجهل واقع الاحتلال المفروض على بلاده. بسط نافذون شماليون على الأراضي التي كان شباب عدن يلعبون عليها كرة القدم وحولوها إلى بنايات تجارية وفندقية. عمد على تدمير الأندية الجنوبية التي كانت الرياضة في عدن أفضل بكثير من دول الخليج , باعتبار أن عدن عرفت الرياضة وكرة القدم في العام 1905م. زرع النظام ذاته عناصر مخابراتية في جميع أندية عدن , وعمدت تلك العناصر على تطفيش أي لاعب جيد والإبقاء على اللاعب صاحب المستوى الضعيف , وتمثل التطفيش من خلال حرمان اللاعب من حقوقه المادية ومن اللعب والتمارين , كما حصل مع اللاعب التلالي مروان مسعود الذي تم طرده من نادي التلال وهو في قمة مستواه. بعد الوحدة اليمنية تدهورت أندية عدن والجنوب وتراجعت تراجعاً ملحوظاً حتى هبطت جميعها بما في ذلك أقدم الأندية وأفضلها مستوى (نادي التلال) الذي هبط في الموسم الرياضي 2006- 2007م , وهو هبوط وصفناه حينها بأنه رد على فوز التلال ببرنز الدوري اليمني في الموسم الذي سبقه. شباب عدن يدمرون اليوم في ظل صمت مريب من الجميع , وبناء المجتمع يتطلب جهود كبيرة , بدء بتوعيتهم من أضرار المخدرات والحشيش , وهذا العمل تقوم به الناشطة الجنوبية سعاد علوي رئيس مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات وكذا إدارة محاربة المخدرات , ولكن يبقى هناك دور الأسرة والمدرسة وعلماء الدين وخطباء المساجد , وكذا السلطات المحلية في عدن التي تقع عليها مسؤولية إيجاد ملاعب رياضية للشباب , ودعم وتبني الأنشطة الرياضية الهادفة إلى خلق جيل سليم. بناء شباب الجنوب مسؤولية الجميع , وبالذات السلطات المحلية الحاكمة في عدن , فهل نبني ما دمرته صنعاء ؟ .. نأمل ذلك!