وفقا لما شاهدته شخصيا على شاشة فضائية «أل بي سي» اللبنانية التي إحتفت بعرض زيارة الرئيس بشار الأسد الشهيرة لحي جوبر أحصيت المواد الغذائية التالية: شرحات بندورة وبصلا وطبق فول وشيئا أقرب إلى بطاطا مسلوقة وصحن حمص. كان الرئيس الشاب ودودا للغاية أو حملا، لا علاقة له بفصيلة الذئاب، وهو يلتهم الوجبة المتواضعة مع العسكر في حي جوبر، الذي يدعي كل من النظام والمعارضة السيطرة عليه. تذكرت تلك الفتاة التي تظهر في وثائقيات محطة «العربية»، وهي تقول بالشامية اللذيذة مع دموعها «برغل.. برغل.. زهقنا من البرغل»! أشك شخصيا في أن الرئيس الأنيق وطبيب العيون الأسبق، يحب البصل أو يستطيع إلتهامه وسط الوجوه الشاحبة من عسكره وجنوده، وكنت أتمنى أن يتناول أي رئيس سوري الوجبة نفسها خلال الجبهة المشتعلة على أرض سورية المحتلة في الجولان. مؤسف جدا أن يجد تلفزيون النظام الرسمي السوري الفرصة متاحة لمهرجان من الإحتفال لأن الرئيس إستطاع الظهور ليلة رأس السنة في أحد أحياء عاصمته دمشق.. هي خيبة جديدة من خيبات هذه الأمة، فهذا الإفطار «التقشفي» كان ينبغي أن يتناوله الزعماء العرب في قلب تل أبيب أو على أسوار المسجد الأقصى. شخصيا لا تعجبني رواية الزملاء في «العربية»، التي إنشغلت بتحديد المكان الذي تناول فيه السيد الرئيس وجبته الحربية.. ليس مهما هل حصل الأمر في «حي جوبر» أم أي حي آخر، ولا يهمني كمواطن عربي من يحتل أو يسيطر أو يحرر الحي المذكور. الفكرة المأساة من جهتي تتمثل في الإحتفال بمهرجان إعلامي، لأن رئيسا عربيا تمكن وسط الليل من تناول أو «إختلاس» لقيمات الفول والحمص والبصل مع جنوده وسط العتمة في عاصمته.. هل يوجد أسوأ من ذلك؟! المأساة أكبر عند تتبع تلك اللقطة النادرة المصورة بالكاميرا والتي يطرق فيها «سيادة الرئيس» على باب مجنزرة يجلس فيها عسكري لونه مخطوف تقول لنا الكاميرا بأنه تفاجأ بالطارق…هذه كانت تمثيلية واسعة الخيال قليلا. *تحرير الجولان بطبق فول مدمس وسط العاصمة الأردنية وتحديدا في مطعم «هاشم للفول والحمص»، الذي بالمناسبة تتناول فيه العائلة المالكة وجباتها نهارا، وبدون حراسات أو كاميرات يوجد مقال صحافي منشور على لوحة قديمة جدا بعنوان «كيف نهزم إسرائيل بالفول المدمس؟». المقال بطبيعة الحال مصري وساخر وقديم جدا، وقرأته لأول مرة في المطعم نفسه قبل أكثر من 35 عاما.. بإستعارة بسيطة يمكننا وضع صورة الرئيس الأسد مع مقال جديد بعنوان «كيف نحرر الجولان بالفول المدمس؟». *أخبار قديمة جدا في «الميادين» محطة «الميادين» اللبنانية كان لها رأي مختلف في مسألة مرض العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز عندما منحت الخبر حيزا واسعا على نشرة الأخبار مباشرة قبل بث تقرير لها عن «قمع المتظاهرين في البحرين». التسييس بدا واضحا في ترتيب أخبار النشرة على «الميادين»، لكن ما لفت نظري هو «مصداقية» الصورة التي بثتها المحطة مع الخبر للعاهل السعودي وهو على فراش المرض حاسر الرأس على أنها صورة أرشيفية. في جانب الصورة رأيت الأمير نايف بن عبد العزيز – رحمه الله – مما يعني بأن الصورة التي بدا فيها الملك شابا نسبيا قديمة وتعود للوراء سنوات عدة. لا ألوم الزملاء في «الميادين»، فصور الزعماء العرب المرضى نادرة جدا، وإن كان أربعة منهم على الأقل الآن على فراش المرض أو على كرسي متحرك أو يجلس ويستقبل الوفود والزوار إلى جانب إسطوانة أوكسجين. نتمنى بكل الأحوال الشفاء العاجل للعاهل السعودي، ونسأل عن حال أمتنا البائس: ألا يتقاعد القوم؟ *فضائية «الزعيم» ثمة رئيس لا يريد أن يتقاعد هو الآخر، ويسعى للعودة وبقوة للسلطة على قاعدة «يا لعيب يا خريب».. هو الأخ علي عبدالله صالح، وآخر معلوماتي عنه تقول إن الرجل إفتتح فضائية متخصصة بنقل اخباره هو فقط، ولا تعرض شيئا مختلفا، حيث لا منوعات ولا مسابقات ولا نشرات أخبار.. فقط إستقبالات ومحاضرات «السيد الرئيس» وكلماته الرنانة الحكيمة التي تقال للوفود الزائرة في تشخيص حالة اليمن… مرة أخرى نستذكر مسرحية عادل إمام الساخرة «الزعيم». مدير مكتب «القدس العربي» في عمان * نقلاً عن " القدس العربي"