أحيانا كثيرة، وربما في الغالب، لا يطلب، أكثر من التعامل على أساس الواقعية، ومن خلالها، تكون الفرص حاضرة، لتقديم العمل في صورة أفضل، وعندما نقول الواقعية، فذلك يعني، التركيز في الابتعاد، عن اي مبالغة، أو فلسفة زائدة، في التعامل مع مكونات "المنتج" الذي تفضل في الخروج به، أو انجازه، ولعلها من الفرص السانحة، أن نتحدث، عن شكل من أشكال الواقعية، تلك التي تابعناها، على مستوى المدرب العراقي راضي شنيشل، والذي تمكن من خلالها، في تقديم فريقه بصورة مميزة، وتحقيق، حتى أكبر من التوقع الذي آمن به الجميع للمنتخب العراقي قبل انطلاق البطولة.! إن الصورة التي ظهر بها العراق في البطولة القارية، والتي قدمت "النقيض" تماما، مما كان عليه الفريق في البطولة الخليجية، لم تظهر بسبب الاعداد الجيد للمنتخب العراقي، وايضا التنظم المثالي في العمل الاداري، الذي سبق المنافسات، بقدر ما هي الواقعية التي تحدث عنها المدرب، وابرزها في أكثر من صورة ومشهد، ومضى بخطوات هادئة، ومتزنة، وعمل على انتظار، ما يمكن أن تسعفه به الحظوظ، حتى وان كان في الامتار الأخيرة.! لا جدال حول قيمة اللاعب العراقي، وما يمكن أن يقدمه، مختلفا عن قيمة العديد من لاعبي المنتخبات العربية، الا أن ذلك لا يعني أن يقدم اللاعب نفسه وقيمته، دون أن يجد قائدا، يتمكن في الاستفادة من كل القوى، والعمل، على الاستنفار السليم للقدرات، والا لكان من الممكن أن يذهب المدرب السابق للمنتخب حكيم شاكر، في نفس مستوى الظهور المختلف، الذي أصبح عليه الفريق حاليا، وبلوغه مرحلة الأربعة الكبار في آسيا.! ان ما يمكن أن نقوله عن فلسفة الواقعية في هذا الاتجاه العراقي، هو نفسه ما تابعناه في أكثر من مشهد وصورة بدءا من المباراة الأولى أمام المنتخب الاردني، وحتى مؤخرا أمام المنتخب الايراني، ومن خلال 4 مباريات، عمد شنيشل، الى عدم المبالغة في البحث عن الانتصارات، وركز، على ضمان الجانب المعنوي للاعبين في المقام الأول والزيادة عليه، لحظة تحقيق اي نوع من الانتصارات، والذي تحقق في المباراة الأولى، وبعد تغييرات ايجابية وقراءة سليمة للمباراة، عندما تمكن من قلب الطاولة على الفريق الأردني في الدقائق الأخيرة، وحقق العلامة الكاملة من المباراة. لم يتحدث شنيشل بعد فوزه على الايراني، رغم المفاجأة، بنبرة صوت مبالغة، ولم يتجاوز حدود الواقع الذي عايشه قبل وخلال تفاصيل المباراة، وبعد أن أكد الى أن ما حققه المنتخب العراقي، كان أكبر بكثير عن التوقعات، وهي رسالة واضحة وصريحة، لمن أراد التركيز والتقييم، ومؤشر، من الواجب أن يظهر القيمة الحقيقية للشخصية التي يتمتع بها المدرب، وما يعتقد به من خلال عمله وقناعاته، ولا يذهب الى التغيير والتعديل عليه، لمجرد انتصار تحقق، أو نتيجة، لم تكن من الأساس في الحسبان.! إن ما يمكن أن يقال عن ما حققه المنتخب العراقي على مستوى الانجاز، ومن خلال مهمة "مؤقتة" لا يمكن الاستفادة منها بالأقل القليل مما كان، هو الدلالة الواضحة على القيمة التي يمكن أن يفرضها، ويعكسها المدرب، على باقي تفاصيله وخطواته وعناصر فريقه، بشرط أن يكون للاختيار الدقيق لقيمته وشخصيته، مبنيا، على واقع سابق، وأكثر من صورة وحدث، لا يختلف عليها اثنان.! *نقلا عن الأيام البحرينية