مع اختتام اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة أول اجتماع سياسات لها، الذي امتد ليومين لعام 2015 (اليوم)، كان مسؤولو مصرف الاحتياطي الفيدرالي يفكرون في لعبة معقدة لجذب الحبل بين الاعتبارات الاقتصادية المحلية والدولية. وكذلك يدركون حالة عدم اليقين المرتبطة بالموقف السياسي والجيوسياسي الذي يزداد سيولة، لذا يبحثون عنها من أجل الثبات على الموقف والدفع باتجاه أي سياسة كبيرة تؤشر للاجتماع المقبل في منتصف مارس (آذار). واستمر تعافي الاقتصاد الأميركي منذ لقاء اللجنة الأخير في ديسمبر (كانون الأول). ورغم أن هذا لم يكن الحال بالنسبة إلى الجميع، كانت البيانات مشجعة بوجه عام، خاصة عندما يتعلق الأمر بزيادة كبيرة في فرص العمل وتراجع معدل البطالة. ومن بين المشاكل كانت هناك مشكلة تراجع زيادة الأجور، لكن هناك أسبابا قوية تشير إلى توقف التراجع خلال الأشهر المقبلة. وتبين أن السياق الدولي أقل تشجيعا، حيث لا يزال النمو الاقتصادي في منطقة اليورو واليابان متعثرا، وزاد من تأزم الوضع خطر الانكماش المدمر. وتوضح زيادة إجمالي الناتج المحلي للصين بنسبة 7.4 في المائة عام 2014. وهو المعدل السنوي الأبطأ منذ 24 عاما، التباطؤ في الدول ذات الاقتصاديات الناشئة. حتى المملكة المتحدة، التي كانت تمثل نقطة مضيئة نسبيا، أصيبت بخيبة أمل بسبب إجمالي الناتج المحلي لها خلال الأسبوع الحالي، الذي يوضح توسع الاقتصاد بنسبة 0.5 في المائة فقط خلال الربع الماضي. وتعزز العوامل السياسية والجيوسياسية التباين الملحوظ في الأداء الاقتصادي بين الولاياتالمتحدة الأميركية وباقي دول العالم، مما يغذي الاضطراب في صرف العملات إلى الحد الذي يسبب مصاعب للمصارف المركزية والشركات متعددة الجنسيات. وفي مواجهة تفاقم العنف في شرق أوكرانيا، يفكر الاتحاد الأوروبي في فرض المزيد من العقوبات على روسيا. وإذا كانت تلك الخطوة مؤثرة، من المرجح أن تدفع روسيا إلى فرض عقوبات من جانبها قد تقوض فرص نجاح أوروبا بشكل أكبر. وفي الوقت ذاته، يلقي فوز حزب «سيريزا» في الانتخابات اليونانية يوم الأحد الضوء على ظاهرة أوروبية أكبر، وهي تزايد عدد المواطنين الذين فقدوا الثقة في النظام السياسي القائم، واتجهوا نحو أحزاب غير تقليدية لم تبلور بعد برامج اقتصادية شاملة ومتناسقة. ومع إلقاء هذه الاعتبارات غير الاقتصادية بظلالها على المشهد العالمي، من المرجح أن يسعى مسؤولو مصرف الاحتياطي الفيدرالي لكسب الوقت، ويأملون أن تؤدي إلى تقليص التغيرات في تقييمهم الاقتصادي إلى الحد الأدنى مع الإبقاء على السياسة كما هي في الوقت الحالي. ويعني هذا أنهم سيستمرون في نهجهم «المتأني» في التعامل مع سياسة سعر الفائدة، مؤكدين التوافق على أن زيادة سعر الفائدة إذا حدثت خلال العام الحالي، وهو ما سيحدث في تقديري، فلن تكون قبل شهر يونيو (حزيران). وعندما يبدأ ذلك، فستكون الخطى تدريجية جدا، وسيكون السعر المستهدف أقل من متوسط النسبة التاريخية وهي 4 في المائة، وسيكون المسار مدعوما بإرشاد سياسي مستقبلي مطمئن. * بالاتفاق مع «بلومبيرغ»