يتذكر الملحن المطرب سعودي احمد صالح فصول تاريخية من سفر الابداع اللحجي أبان النهشه الفنية في خمسينيات وستينيات القرن الفارط ان احد وجهاء عدن السيد عبد الحميد مكاوي كان يتبنى استظافة فرقة الجنوب المؤسيقيه اللحجيه بقيادة العبقري فضل محمد اللحجي في إحياء حلأت فنية لمدة ثلاثة ايام في بستانه الخاص في الشيخ الدويل بعدن بين الفترة والأخرى تقدم خلالها الندوه إبداعاتها الجديده والمستجده من خلال مطربيها الكبار فضل, حسن عطا,احمد يوسف الزبيدي, حمدون ,سعودي....الخ . يقول السعودي انه خلال هذه الحفلات كان يلاحظ وجود الفنان الكبير محمد مرشد ناجي الذي كان يحرص على حضور هذه الحفلات بصفته مستمع عن المرشدي برغم شهرته إلا انه يحضر هذه الحفلات ويظل مستمعا شانه أي متلقي اخر وكنت ارى والكلام لازال للسعودي المرشدي مندهشا متسمرا امام هذه الابداعات التي كان يقدمها نجوم لحج بقيادة العبقري الاستاذ فضل محمد اللحجي .
من قراءه اولية لكلام السعودي نستطيع القول ان هذا الفعل المرشدي ان صح التعبير كان ينم عن خاصيتين اولهما اعتراف المرشدي بهذه لقدرات الابداعية اللحجية وثانيهما تواضع الرجل .وهاتان الخاصيتان متلازمتان في اعتقادي الشخصي كون الرجل المتواضع هو الذي يعترف بقدرات الكبار وان كان في مستوى متقدم في شخصيته .
عندما قدم المرشدي على بدء التعامل مع الاغنية اللحجية مندو الخمسينيات سواء فيما يتعلق بإعمال القمندان او عبدالله هادي سيبت كان الكثيرون يتعقدون ان المرشدي قدم الحام اخرى لهذه الاعمال كنتاج خاص به ولكن الحقيقة ان المرشدي عمل فقط على اضافات او لوازم اخرى سواء فيما يتعلق بالإيقاع او العزف او فيما يتعلق بالأداء وهذا ما اكده الكثيرون من الباحثين والفنانين ومنهم الدكتور يحي سهل والملحن المطرب سعودي احمد صالح وهو رجل يفقه كثيرا في الجوانب الفنية المتعلقة بالإلحان وإيقاعاتها باستثناء بعض الاعمال التي قدمها المرشدي لآخرين او اعمال وطنية خاصة به لسبيت ومغلس وآخرون .
عندما نقول هذا الكلام فإننا لا نقلل من قيمه الفنان المرشدي وقدراته التي لا يستطيع احد ان يتجاوزها ولكننا نبين حقائق ثابتة اهمها ان اهل لحج وبالذات المشتغلين بالأدب والشعر والفن كانت لديهم ثوابت تحكم عملهم وتعاملهم ومنها عن كل من يرغب في التعامل مع النص او اللحن اللحجي علية ان يحترمه ويقدمه كما هو مع احترام قدرات الاخرين في إضفاء لوازم معينه تعطي هذا العمل رونقا تجديديا .
ظلت لحج في نظر المرشد القاعده الفكرية الادبيه والفنية التي ينهل منها مندو بدء تخلق مشواره الفني وفي مزايا المرشد انه لم يحصر انتاجه على نمط معين او شاعر معين فقد تعامل مع شعراء كثيرين لكن نظرته الى لحج كانت نظره مغايرة فهو كان يعلم تماما انه بحاجه لأغاني لحجية لأنه يعلم ان هذه الأغاني صالحه لكل زمان ومكان وبالتالي فهي التي سترفع من اسهمه كثيرا.
وهكذا كانت نظرته ثاقبة فكان يلاحظ ان المرشد عندما يذهب في زيارات خارجية لإحياء الحفلات كانت الاغاني اللحجيه هي الطاغية في ما يقدمه لأنه يعلم ان الإيقاع اللحجي ايقاع مرغوب لسحره الخاص وان الشعر اللحجي يأتي مموسق فطريا.
لم تقتصر علاقة المرشدي بلحج على تأديته الاغاني اللحجيه فقط بل كوّن المرشدي كثيرا من الصداقات مع رجال الادب الاستاد عبدا لله هادي سبيت والشاعر والفيلسوف صالح فقيه وكثيرا ما كان المرشد يزور لحج ويلتقي بأصدقائه فيها وظلت هذه العلاقة قائمه بين المرشد ولحج حتى بعد خروج ابن هادي والفقيه من لحج خروجا نهائيا فقد كان المرشد حريصا على هده العلاقة حرصه على بقاء فنه لأنه يعرف أهميه لحج وفنها ولذا فقد ساهم في منتصف السبعينات تقريبا في انشاء فرقه الحوطه الموسيقيه من عدد كبير من فنانيها والموسيقيين والمطربين وهي الفرقه التي اعادت نشر الكثير من الاغاني التراثيه اللحجيه بشكل تجديدي بعد تقديم العديد من المقدمات الموسيقيه لها عبر فنانيين كبار وقبل ذلك وبعده كان المرشد يدون تأريخ لحج الموسيقي عبر كتابه تاريخ رجالات الادب والفن اللحجي في العديد من الكتب الفنيه التي اصدرها المرشدي.
ماذا يمثل لك هدا الرجل كان هدا السؤال موجها للفنان المرشدي في استضافه تلفزيونيه والرجل هو الاديب الاستاد عبدا لله هادي سبيت عقب وفاته وقد ظهر معتمرا العمامة العبدليه .كان جواب المرشد بسيطا لكنه عميقا في ان واحد قال المرشد لقد خرجت انا محمد مرشد ناجي من بين عمامة هذا الرجل ويقصد سبيت.
وهذا اعتراف صريح من فنان كبير وذكي يعلم ان هذا القول يحسب له لأعليه عند من يفقهون معنى الكلام فعندما يقول المرشد هذا الكلام فكأنما يقول انه لولا سبيت لما كان المرشد والمرشد يعتبر ان هذا الامر شرف كبير له لان سبيت فلته تاريخيه لن يجود الزمان بمثلها وعندما يعلن انه جزء من سبيت فإن هذا الامر يرفع من مقامه ويعلى كعبه ومن ذا اللذي لايريد ان يقول هذا الكلام الاعتراف إلا ان المرشد كان ذكيا وسبق الجميع وحاز قصب السبق.