نظرة خاطفة لوسائل الاعلام المرئية ترفدك باتجاه بوصلة التحركات السياسية لأي كتلة ماء محلية اقليمية دولية, وبها تتبلور لديك الخطوط العريضة لأي توجه سياسي إزاء كل ما يجري في العالم, ولا يحتاج هذا الى نظر الفاحص المتأمل بل القارئ البسيط سيزودك بخيوط اللعبة دونما عناء, وحين أعمل فكري وابحث عن محل القضية الجنوبية من الاعراب في شتى الوسائل المطلة على عوالمنا أجد انه لا محل لها من الاعراب, وان كان هناك فعلى استحياء ولاياتي الا مقدرا, قنوات تلفزيونية تتعقب مجريات الاحداث في شتى انحاء المعمورة وتنقلك الى قلب الحدث مع تحليل مفصل وتعليقات دقيقة تحلق بك من بلد الى أخرى وفي خضم هذا السيل الجارف المهول تجد المساحة المتعلقة بالقضية الجنوبية لاتعدوا القطرة الهائمة من رذاذ شلالات الاحداث الاخرى المتلاحقة, لا لجسامة الاخرى وضالة ما يمور في الساحة الجنوبية, فهذا تعليل مستبعد ومجانبا للحقيقة كما هي على أرض الواقع ,لذا اجدني اتوه في سبل البحث عن علة كامنة وراء هذا العزوف المقيت, فتبرز أسباب من مخابها باهتة رثة, أسدل الستار دونها, وتحشر الوقائع الماثلة على الملموس المحسوس نفسها كحجج بالغة, ومع عدم أصغائي لنقرها الرتيب الممل, اجدها اقرب التفسيرات ملاصقة لهذا الاعراض الجاحد لنصب أمام العين . وترد التساؤلات تباعا فارضة نفسها بقوة كما انها تلح بلا هوادة بحثا عن أجوبة, لاتقل عمقا وخفاء منها, فهل يا ترى لي الاعناق واثارة الانتباه لا يأتي الا حين يدوي صوت الرصاص معلنا جز عنق السلمية على عتبات الهمجية وفرض الواقع, هل هذا حقا ما تسوق له القنوات, أسمعني صوتا مدويا وبالمقابل أرصد تحركاتك وانقلها الى اسماع الساسة, ولعل أي تحرك نحو استرجاع حقوق مهدورة مسموح به وان سلك أي درب نحو حقه المأخوذ ولا يتعارض معه أي تنظير أو تشريع, ,وعلى أثر هذا الجفاء السلبي تجاه الحق الجنوبي والمطلب العادل يزداد الحمل ثقلا على أبناء هذه القضية العادلة, فالعقبة كؤود والزاد ضئيل بقدر قد لا يسمح ببلوغ القمة للفت الانتباه ولي الاعناق نحو الحق المستباح من قبل عتاولة الفساد وسماسرة الفيد, واجراء كهذا في اعتقادي لا يصب في مصلحة احد . كما أن الاصغاء لشرذمة لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة يعد افتئات على حق الجموع الهادرة, و الغاء لإرادة جماهير تموج موج البحر, والمنطق المتبلور لهكذا جنوح وذلك عبر الالتفات الى تلك الاصوات الناعقة خارج السرب يصرخ بشدة وعلانية ان المسألة لاتعدوا الا ترقيع للمزق الى أجل مسمى دونما استئصال لجذور المشكلة, وتحركات كهذه قد تعوق تطلعات الجموع الهادرة برهة قصيرة وتحدث شرخ صغيرا في نفوسها, لكن بطبيعة الحال لن تعيق دفة التوجه نحو شمس الحرية والوصول الى بغية القتلى والجرحى والثكالى, فالعهد قد سرى في مابين جميع المكونات ولن يكون هناك حياد عنه ولو قيد أنملة, لذا حري بوسائل الاعلام النظر بعين المسؤولية تجاه الشعب الجنوبي الكادح منذ أمد بعيد في سبيل حريته والانعتاق من اسر الجهوية والهمجية المتزمتة الرابضة على تطلعاته وآماله .