د. زينة محمد عمر خليل يشهد اليوم مرور أكثر من مئة عام على بداية رفع شعلة حقوق المرأة الذي تم عام 1911، إننا اليوم إذ نحتفل باليوم العالمي للمرأة ، فالواجب يحتم علينا أن نستذكر المرأة الجنوبية الصابرة التي تعرضت لأبشع صور الظلم والاضطهاد والإقصاء والتهميش والقتل والتهجير ونالت حصتها من هذا العمل أللإنساني الذي فتك بها فسقطت ضحايا كثيرة منهن، وهن يقومن بتأدية مهام الحياة اليومية في منازلهن ، أو من ترملن لفقدانهن أزواجهن أو فقدانهن لفلذات أكبادهن بسبب تلك الأعمال الجبانة، لذلك من الواجب الإنساني، أن يكون هناك تقدير لمواقفها والاحتفاء بها ودعمها بكل الوسائل المتاحة، كيف لا وهي الأم التي أعدت جيلاً عظيم التضحيات والبطولات والتطلعات، هي من نسجت خيوطاً من الوفاء لأخيها الرجل لتقف بجانبه وتكون له العون عند الشدائد وهي الزوجة والسند في السراء والضراء، فهي الطبيبة والمهندسة والأكاديمية والحقوقية والإعلامية والعاملة والسياسية الناضجة . إذاً هي المشاركة في معركة بناء المستقبل الجديد لأجيالنا. هي المرأة الجنوبية الطموحة المجاهدة، عنوان رسالة من عناوين الوجود التاريخي والحضاري تتناقلها الأجيال عبر العصور وأهم ركائز تطور المجتمع ،تجد نفسها اليوم للأسف مغيبة عن المشاركة الفعالة في مختلف الأصعدة بعيدة عن كل المجالات التنموية، وأصبحت قيمتها وأملها في الحياة ليس بمقدار الحجم الذي من المفروض أن توضع فيه.
تاريخ الجنوب عامة وعدن خاصة يشهد لها، لمواقفها العظيمة ومساهماتها الكبيرة في عمليه النهضة الإنسانية والثقافية والاقتصادية والعلمية والإبداعية التي كان لها دوراً هاماً وبارزاً لا يمكن لأحد تجاهله، إلى جانب ما قامت به من التضحيات الجسام التي أعطتها هذه الإنسانة للوطن على مر العصور، من النضال والكفاح، ومن الريادة، والنجاح.. فهي امرأة تحمل روح وجوده حقيقة ... ولن تسكت على ضيم أبداً ولن تسكت على حقوقها.. ولن ترضى بالدنيّة والدونية والانكسار . كانت وما زالت المناضلة والثائرة والشهيدة، وموقدة نار الثورة دوما، ضد الغزاة والاستعمار. ولنا في ذلك أمثال وشواهد كثيرة يبقى التاريخ يكتب عنها بحروف من نور، فلا يمكن للتاريخ أن يغفل عن أدوارها، وعن ما تتعرض له اليوم من الاضطهاد والظلم والقتل والتهميش بعد أن كانت تبوئ مناصب رفيعة في الدولة مدنياً وعسكريا. كل هذا يحدث لها، لماذا؟ بعد أن حظيت قبل عام 1990 بدستور يضمن لها حقها في المساواة مع أخيها الرجل وبكثير من القوانين المساندة لحقوقها ونشاطها في كل المجالات التنموية (السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها) أكثر مما حظيت به أختها(المرأة) في الشمال. فما هي الجسور التي هدمت فحالت بينها وبين الانتفاع من هذا الماضي المشرق ؟ فبعد أكثر من عشرون عام من التدمير الممنهج لكل مقدرات ومنجزات ومكتسبات الدولة في الجنوب أصبح وضع المرأة الجنوبية لا يحسد عليه، والمخجل أيضاً في الأمر وعلى الرغم من التقدم العلمي والتكنولوجي في العالم ... التخلف الفكري الذكوري الذي لا يزال قائما وسائدا في المجتمع اليمني ولا يزال الكثير من الرجال يصروا على وأد فكرها وإرادتها وصوتها وتحطيم حلمها في أن تكون الشريكة الأساسية، وكل ذلك تحت عباءة الدين والأعراف والتقاليد.
إلا أنه بعد ثورة الشعب الجنوبي في 2007م نستطيع أن نقول أن المرأة استطاعت أن تعيد نهضتها الذي سلبت منها. واليوم تقف بوجه الريح التي تسعى إلى وضعها جانبا، ولعله اليوم يعد يوماً مميزا في كل زواياه ماضية للأمام بخطوات واثقة لا تنظر للخلف بتاتاً، متخطية العديد من العقبات والحواجز الذكورية التي كانت تواجهها وكانت مفروضة عليها، مؤمنةً بحقوقها التي حفظتها لها كل الشرائع السماوية، ومتسلحة بقوة العلم والمعرفة إلى الأمام بلا تراجع كلها آمال وثقة المدافع عن الحق. وأخيراً أقول في هذا اليوم الثامن من مارس والذي يصادف يوم المرأة، ننحني إجلالاً لكل الماجدات اللواتي سقطن شهداء والماجدات اللواتي أعطوا هذه الأرض الطيبة عملاً وحباً وإبداعاً، ونبارك للمرأة الجنوبية ولكل نساء العالم عيدهن ونتمنى لهن المزيد من التقدم والنجاح والعطاء على ذات الطريق لرفعة المجتمع وتطوره.