بغض النظر عن معطيات السياسة ومتغيراتها وتبايناتها وصون لكرامة الحقيقة تبقى مصر اكثر البلدان العربية حيوية وموضوعية في تفاعلاتها مع قضايا امتها العربية فلا مصر تستطيع ان تنزع من كيانها وتاريخها الجلد العربي القومي . كما لا يمكن لاحد ان ينكر غزارة عطائها العظيم في عمق محيطها العربي بل وعلى صعيد اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية كل هذا بالإضافة الى جغرافيتها ومناخها وطبيعتها ونيلها , وسمو اخلاق وطيبة شعبها تجعلك في حنين دائم لها , وشوق عزيز يشدك اليها بعد كل زياره تلفك فيها بين احضانك الدافئة ..وهناك ثلاث محطات سريعة احب ان اشير من خلالها الى عظمة مصر وشعبها وحكمة مواقفها عبر التاريخ .
فهي بلد اخناتون الذي عرف عنه توحيده للاله وحكمه الرشيد لمصر رغم قصر فترته . فقد امتاز اخناتون بأنه كان قريبا جدا من وجدان الشعب المصري ومحبوبا لديهم في ابدع لوحة تلاحم عاطفي بين ( الحاكم والمحكومين ) خصوصا وانه – أي اخناتون – كان رومنسيا تتردد اشعاره على اتساع المجتمع المصري .
الذي عايش مرحلة ازدهار شاملة في تلك الفتره فقد اصبحت كلمات حاكمها الشاب زادا محفزا على العطاء يترنم بها كل فلاح وعامل ومنتج في مختلف مواقع الحياة والمسؤولية ..كما اني من اشد المعجبين بشخصية الملكة حتشبسوت التي حكمت مصر في مرحلة معينه من تاريخ مصر الفرعوني , وتميز حكمها بالكفاءة العالية والاقتداء والحكمة والعدل والبناء الحضاري .
اشارة منها في ذلك الى ان المرآه تستطيع ان تقود مجتمعها الى مواقع الريادة عندما تتهيأ لها كل الظروف لتحمل مسؤولية القيادة الاولى .
لقد كانت تلك الملكة عظيمة لا تضاهيها فيها سوى عظمة الملكة بلقيس التي حكمت اليمن ابان دولة سبأ , والتي اشار اليها القران الكريم بكل تقدير ..
وفي المحطة الاخيرة التي احبها واشير منها الى عظمة مصر هي في الوقت المعاصر وبالذات في العقدين الاوليين من النصف الثاني من القرن العشرين .. اذ برز دور مصر بقوة عبر قيادة الزعيم الخالد جمال عبدالناصر .
لها فقد تفانت في اتقان عطائها ودورها وتفننت الى ما هو اعلى من الحدود القصوى من خلال تبنيها الخط التقدمي الانساني .
فقد ساعدت ودعمت حركات الاستقلال والتحرر العربية وغير العربية وضحت بأرواح غالية ودماء زكية من ابنائها مساندة منها لتلك الشعوب كي تحكم نفسها وتمتلك قرارها .
بل اقتطعت جزءا لا يستهان به من قوت ومقدرات الشعب المصري كي تروي بها شجرة الاستقلال والحرية في اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية .. انها فعلا ام الدنيا وقلب العروبة النابض بالدفء والحنان والعطاء مصر الخالدة .. انها مصر رغم ما قد تجرنا اليه السياسة من مواقف وتباينات ...