(قراءة في مراحل الثورة) تهدى للمقاومة الجنوبية كُتِبَ على ثورة الجنوب التحررية أن تمر بثلاث مراحل : الأولى سلمية والثانية دفاعية والثالثة سلمية دفاعية ، كما حُدِّدَ لكل مرحلة أهداف خاصة وصولا إلى الهدف الاستراتيجي العام المجسد بالتحرير والاستقلال واستعادة بناء الدولة ، أضف إلى تمتع الثورة الجنوبية بحاضن شعبي لا ينضب التف حولها وشرعن وجودها بعد أن اقتنع بوطنية حاملها السياسي (مكونات الثورة) القائم على التالي : أ - تبنيه لرؤية وطنية تتجاوز كل الرؤى الضيقة سواءً كانت ( مذهبية أو طائفية أو قبلية أو مناطقية أو جهوية أو حزبية أو فئوية أو شرائحية أو عمرية ) ب - تشكيله لأطر وطنية في كل أنحاء الجنوب ابتداء من (القرية ومرورا بالمركز والمديرية والمحافظة ووصولا إلى الأطر العلياء ) ج - إقراره لبرنامج سياسي وطني يحدد طبيعة النضال وآلياته في كل مرحلة من مراحل الثورة وصولا إلى التحرير والاستقلال واستعادة سيادة الدولة ، هذه الشروط وغيرها ضَمِنَتْ وستضمن نجاح الثورة في كل المراحل وبدونها لن يكتب للثورة النجاح ، وقراءة في طبيعة ونوعية وسمات كل مرحلة نتناولها على النحو التالي : 1 - مرحلة ( تفكيك قوى الاحتلال وتعطيل قواته ) : وتبدأ من(7|7|2007م إلى 26|3| 2015م) ، إذ وسِمَتْ هذه المرحلة ب(المرحلة السلمية) وهي تجربة فريدة على مستوى الإقليم والعالم وتكمن فرادتها في : أ- زمن انطلاقتها بعصر ما بعد الحداثة (عصر العولمة) ب - نوعية قيادتها المشكّلة من القادة العسكريين القادرين على حمل السلاح ج - موقعها في بلد محتل يملك الحق في حمل السلاح، إلا أنها فضلت الجانب السلمي في مرحلتها الأولى لتقدم نموذجا نادرا ، لكن هذا التميز الحضاري صُدِمَ بجدار احتلالٍ قبلي يجهل كل أشكال الحضارة فكان الثمن جسيما ومكلفا للغاية ؛ إذ استخدم الاحتلال اليمني طيلة ثمان سنوات مختلف أساليب الموت والإرهاب (العسكرية والاستخباراتية والإعلامية والمالية) بهدف القضاء على ثورة الجنوب السلمية لأنها كانت السبب الرئيسي في : أ - تفكيك قواه السياسية ب - تعطيل قواته الثقيلة بسلمية الثورة ج - تشتيت مصالحه الاقتصادية د - تثوير شعبه عليه ه - إحراق مكانته الإقليمية والدولية ، أضف إلى تحقيقها لجملة من الأهداف الجزئية لصالح الثورة نحو : أ- كسر حاجز الخوف ب - تحقيق القناعة بالتضحية ج - تثبيت الهوية الجنوبية د -إشهار المشروع الجنوبي للعالم ه - بروز الحاضن الشعبي وصموده . 2- مرحلة ( تحجيم قوى الاحتلال وتدمير قواته ): وتبدأ من (26|3|2015م إلى نهاية العاصفة) ، إذ وسمت هذه المرحلة بمرحلة المقاومة الجنوبية وتكمن قيمة هذه المرحلة في اتسامها بعدة مميزات أبرزها أ- ثبات المقاومة الجنوبية على الأرض وتحقيق الانتصارات المتسارعة بأسلحة بسيطة ومتواضعة أمام جبروت الاحتلال وخاصة بعد انهيار ما سمي باللجان الشعبية ومعسكرات الشرعية منذ اللحظات الأولى ب - التفاف الحاضن الشعبي حول المقاومة ج - التعامل بحزم مع الخلايا النايمة ولا سيما الذين يهدرون الدم الجنوبي لصالح الاحتلال د - كشف الشبكات السرية التي تعاملت مع الاحتلال خلال المرحلة الأولى تحت غطاء الثورة السلمية ه- عدم نزوح أي أسرة جنوبية إلى الشمال و - تحوّل الحرب القائمة إلى حرب شمالية جنوبية صرفة ؛ إذ لم تقف أي قوة شمالية شعبية أو حزبية أو ما تسمّى بالشرعية في محافظات الشمال بوجه جيوش الاحتلال المتجهة نحو الجنوب المحتل بل سهلت مهمته حتى أوصلته إلى معسكراتها الموجودة في الجنوب لكن ذلك لم يقابل بالورود ، إذ نهض الشعب الجنوبي الثائر بكل قواه ضد المحتل ، مما دفع بالاحتلال إلى تبني مختلف أساليب الدمار التي فاقت كل الأساليب (الفاشية والنازية والإسرائيلية) ضد الشعب الجنوبي الأعزل . وبالرغم من ذلك فقد حققت الثورة في مرحلتها الثانية ولا زالت جملة من الأهداف الجزئية أبرزها : أ- اكتساب الشباب للخبرة القتالية والاحتراف العسكري المنظم ب- تمسك ثوار المقاومة باستراتيجية التحرير والاستقلال ، وتعامل الآخرين معها كأمر واقع على الأرض تمييزا لها عن المقاومة اليمنية واستحقاقا لثباتها على الأرض ج - القتال تحت راية علم دولة الجنوب الذي تبنته ثورة الجنوب السلمية د - ترديد شعارات الثورة الجنوبية السلمية في كل المواقع القتالية ه - المساهمة مع قوى التحالف العربي في تدمير القوة العسكرية اليمنية التي دمرت الجيش الجنوبي واحتلت الجنوب و- تحويل قوات الاحتلال اليمني الضخمة إلى مليشيات ممزقة وعصابات مشتتة في (الحفر والأحياء والمباني والأزقة والكهوف) بفعل قوة الإرادة والقناعة بالتضحية وبمؤازرة قوى التحالف العربي . 3- : مرحلة (تعطيل قوى الاحتلال وانهيار قواته) وتبدأ من (نهاية العاصفة إلى يوم الاستقلال) ، وهي المرحلة الثالثة والأخيرة وتسمى بمرحلة ( اللا سلم واللا حرب) وفيها سيكون للثورة الجنوبية جناحان ( سلمي ودفاعي )على غرار الثورة الإيرلندية . أبرز السمات الثورية للمرحلة الأخيرة : المرحلة الأخيرة هي عبارة عن نتاج طبيعي ناضج لثمار المرحلتين (السلمية والدفاعية)؛ ففيها يتم توظيف الخبرات المتراكمة والمعارف المكثفة للمرحلتين السابقتين ووضع الحلول والمعايير الضامنة لعدم تكرار سلبيات ما قبل المرحلة الأخيرة ، أضف إلى تحديد الآليات الإجرائية الحازمة لتحقيق الفعل الثوري المنظم والمحمي ولذلك ستتميز هذه المرحلة بالعديد من السمات أبرزها التالي : أ - تجاوز كل عيوب المرحلتين السابقتين ك(العشوائية والعبثية والمزاجية والفوضوية والاتكالية والتفريطية ) ب -تنظيم العمل الثوري الميداني وحمايته والتعامل بحسم مع من يخل فيه ج التّقيُّد للحامل السياسي والدفاع عن القيادة وإخضاعها لمبدأ المراقبة والمحاسبة فيما إذا تجاوزت أدبيات الثورة د - تنظيم العلاقة بين جناحي النضال (السلمي والدفاعي) والتقيُّد لقواعده الصارمة ، كما ستكون هذه المرحلة بمثابة الترجمة الفعلية لنتائج المرحلة الثانية ، فإن وقفت الأطر العربية والإقليمية والدولية مع الحق وأقرت عودة سيادة الدولة الجنوبية حينها لابد من ترجمة هذه القرارات على الأرض بكل السبل السلمية والدفاعية حتى نجبر المحتل على احترام إرادة الشعب الجنوبي من خلال اعترافه العلني بالثورة الجنوبية وحاملها السياسي والجلوس إلى طاولة التفاوض الندي بين قوى الثورة الجنوبية والاحتلال اليمني وصولا إلى الإقرار باستقلال الجنوب والاتفاق بين الثورة والاحتلال على مرحلة محددة لا تتجاوز العام الواحد أو أقل يتم فيها تشكيل حكومة جنوبية وجيش جنوبي بإشراف عربي وإقليمي ودولي ، وإن خذلتنا الإرادة الإقليمية والدولية فلن يكن أمام الثورة الجنوبية إلا التصعيد السلمي والحسم الدفاعي حتى ننتزع الحق من المحتل من خلال إيصاله إلى قناعة تامة بأن بقائه في الجنوب الثائر سيجعله يوميا عرضةً للتدمير الاقتصادي والعسكري والبشري ، مما يدفعه في الأخير إلى التفكير الجدّي في الرحيل . الأهداف المتوقع إنجازها في المرحلة الأخيرة : نتوقع أن تتحقق الكثير من الأهداف الجزئية لهذه المرحلة وصولا إلى الهدف الاستراتيجي وذلك بوقت قياسي بفعل الوضع التصاعدي المنظم للثورة وارتباك الوضع التراجعي للاحتلال ومنها : أ- التصدي الوطني المستمر للمشاريع الجزئية المفتعلة من قبل الاحتلال وتقزيم من يتبناها ب- بداية الانفراج الفعلي للحصار الإعلامي بفتح المزيد من القنوات والوسائل الإخبارية الجنوبية في أكثر من دولة عربية وإقليمية وعالمية ج - بداية التعامل الرسمي عربيا وإقليميا ودوليا مع الثورة الجنوبية وحاملها السياسي وقياداته في الداخل كأمر واقع من خلال تشكيل مكاتب تمثيل للثورة في الدول الشقيقة والصديقة د - البدء في التعامل الرسمي مع الرئيس الشرعي للجنوب السيد علي سالم البيض وكل القيادات الجنوبية في الخارج المؤمنة بالتحرير والاستقلال وإعادة بناء الدولة الجنوبية ه - إعلان فروع الأحزاب في محافظات الجنوب المحتل لفك ارتباطها عن صنعاء تمهيدا لفك الارتباط بين الدولتين و - البدء في وضع الترتيبات الأولى لحكومة جنوبية من خلال التهيئة التدريجية للمجالس المحلية في محافظات الجنوب المحتل للتعامل بما يتناسب والواقع الجنوبي على الأرض مع تشكيل لجان ثورية للمشاركة في حسم قضايا الناس اليومية في المناطق الخاضعة للثورة ز- البدء في تشكيل البنية الأساسية للجيش الجنوبي الجديد من : شباب المقاومة والشباب الصاعد في الداخل والمسرحين من جيش الجنوب واستقطاب شباب الجنوب في المهجر والشباب المحاصر في جيش الاحتلال ح - البدء في الدعم الرسمي داخليا وخارجي للثورة الجنوبية والمرهون بآليات حاسمة ط - تشكيل قنوات أمنية واستخباراتية لجمع المعلومة وتحليلها بهدف تحصين الثورة من الإشاعات وصيانتها من الاختراقات . وبفعل العلاقة الضدية ما بين الاحتلال والثورة ستؤدي هذه الإنجازات إلى اتساع رقعة الثورة وتعزز من هيمنتها محليا وإقليميا ودوليا مما سيؤدي في المقابل إلى تحجيم الاحتلال وتقزيمه الأمر الذي سيسهل من مهمة الثورة الجنوبية في ممارسة المزيد من الضغط الثوري (سلميا ودفاعيا) على المحتل اليمني وصولا إلى طرده وترحيله . د . يحيى شايف الشعيبي / مشرف مركز صيانة الثورة الجنوبية / عدن : 2015|6|30