طالبات هندسة بجامعة صنعاء يبتكرن آلة انتاج مذهلة ..(صورة)    الخارجية الأمريكية: قواتنا ستواصل عملياتها في اليمن حتى يتوقفوا عن مهاجمة السفن    بين البصر والبصيرة… مأساة وطن..!!    التكتل الوطني: القصف الإسرائيلي على اليمن انتهاك للسيادة والحوثي شريك في الخراب    الجيش الباكستاني يعلن تعرض البلاد لهجوم هندي بعدة صواريخ ويتعهد بالرد    أكثر من 80 شهيداً وجريحاً جراء العدوان على صنعاء وعمران والحديدة    الرئيس المشاط: هذا ما ابلغنا به الامريكي؟ ما سيحدث ب «زيارة ترامب»!    بامحيمود: نؤيد المطالب المشروعة لأبناء حضرموت ونرفض أي مشاريع خارجة عن الثوابت    اليمنية تعلق رحلاتها من وإلى مطار صنعاء والمئات يعلقون في الاردن    الخارجية الإيرانية تدين الهجوم الصهيوني على مطار صنعاء    محمد عبدالسلام يكشف حقيقة الاتفاق مع أمريكا    صنعاء .. وزارة الصحة تصدر احصائية أولية بضحايا الغارات على ثلاث محافظات    تواصل فعاليات أسبوع المرور العربي في المحافظات المحررة لليوم الثالث    التحالف والشرعية يتحملون مسئولية تدمير طائرات اليمنية    الكهرباء أول اختبار لرئيس الوزراء الجديد وصيف عدن يصب الزيت على النار    سحب سوداء تغطي سماء صنعاء وغارات تستهدف محطات الكهرباء    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 52,615 شهيدا و 118,752 مصابا    البدر: استضافة الكويت لاجتماعات اللجان الخليجية وعمومية الآسيوي حدث رياضي مميز    المجلس الانتقالي وتكرار الفرص الضائعة    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    رئيس مؤسسة الإسمنت يتفقد جرحى جريمة استهداف مصنع باجل بالحديدة    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    سلسلة غارات على صنعاء وعمران    اسعار المشتقات النفطية في اليمن الثلاثاء – 06 مايو/آيار 2025    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 6 مايو/آيار2025    حكومة مودرن    ريال مدريد يقدم عرضا رمزيا لضم نجم ليفربول    أكاديميي جامعات جنوب يطالبون التحالف بالضغط لصرف رواتبهم وتحسين معيشتهم    تحديد موعد نهاية مدرب الريال    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    ودافة يا بن بريك    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    برشلونة يواجه إنتر وسان جيرمان مع أرسنال والهدف نهائي أبطال أوروبا    قرار رقم 1 للعولقي بإيقاف فروع مصلحة الأراضي (وثيقة)    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    الخليفي والمنتصر يباركان للفريق الكروي الأول تحقيق كأس 4 مايو    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    قدسية نصوص الشريعة    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    مرض الفشل الكلوي (3)    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة "الفيفا": هل هي نهاية عهد من الاستقلالية؟

كشف الجدل الواسع الذي صاحب التحقيقات بشأن قضايا فساد في الاتحاد الدولي لكرة القدم " الفيفا"، عن أن هذه المنظمة لم تعد تمثل جهازا ينظم رياضة ذات شعبية عالمية وحسب، بل إنها قد تحولت إلى فاعل ذو حيثية في المعادلة الاقتصادية والاستثمارية للاقتصاد العالمي، بل وفي تفاعلات النظام الدولي أيضا. يتمتع الاتحاد الدولي للكرة القدم" الفيفا" باستقلالية تامة عن الدول والحكومات، حيث يعتمد بالأساس على مصادر للتمويل الذاتي، مما يمنحه حرية كبيرة في الحركة نظراً لعدم وجود هيئة تشرف عليه ماليا. و للاتحاد وجودا فعليا على الأرض في كل دول العالم التي تمارس كرة القدم، ما انعكس على انتشار نفوذه على المستوى السياسي بالإضافة إلى المستوى الرياضي. وتجسد الأهداف الرئيسية التي اعتمدتها هذه المنظمة لنفسها عن هذه الرؤية العالمية الطموحة، حيث يتمثل هدفها الأول في التحسين المستمر لرياضة كرة القدم ونشرها في جميع أنحاء العالم، مع الأخذ بعين الاعتبار الأبعاد التربوية والثقافية والإنسانية عبر تنفيذ برامج لتنمية الشباب، أما الهدف الثاني فيتمثل في تنظيم مسابقات كأس العالم لما لها من تأثير إيجابي على توحيد العالم والحد من التمييز بين الشعوب والأعراق، بينما يتمثل الهدف الثالث ببناء "مستقبل أفضل للجميع من خلال كرة القدم".
البنية المؤسسية للاتحاد
وقد تأسس الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا FIFA في 21 مايو عام 1904 ، و مقرها زيورخ، لذا يحكمها القانون السويسري، و تعني بإدارة و تطوير رياضة كرة القدم وما يتصل بها من فعاليات، ويعمل بها ما يزيد 400 شخص من حوالي 35 دولة. ويتمتع الاتحاد بهيكل تنظمي واضح يضم؛ الجمعية العمومية التي تمثل الهيئة العليا والأداة التشريعية للاتحاد، وتجتمع طبقاً للنظام الأساسي كل عامين، لكن منذ عام 1998 اتفقت دول الاتحاد على الاجتماع كل عام في اجتماع استثنائي لمناقشة القضايا الملحة الخاصة باللعبة وتطويرها، وتختص الجمعية العمومية باتخاذ القرارات المتعلقة بتعديل النظام الأساسي للفيفا والقرارات الهامة الأخرى، بالإضافة لتحديد الطرق والأساليب الذي يتم من خلالها تنفيذ وتطبيق تلك القرارات، فضلاً عن اختصاصها بالموافقة على التقرير السنوي بما يضمنه من قبول أو إيقاف أو رفض انضمام اتحادات جديدة، تمرير الميزانية وبيان الدخل المالي، إقالة أحد أعضاء اللجنة التنفيذية، علاوة على تنظيم الانتخابات الداخلية على كافة المستويات بما فيها رئاسة الاتحاد.، بحيث يكون لكل اتحاد صوت واحد بغض النظر عن حجمه أو قوة الدولة التي يمثلها سواء على المستوى الكروي أو الاقتصادي أو السياسي.
يتمثل الجهاز التنفيذي للاتحاد في اللجنة التنفيذية بقيادة رئيس الاتحاد الدولي المنتخب من قبل الجمعية العمومية، وتتألف من ثمانية نواب للرئيس و 15 عضواً يتم تعيينهم من قبل الاتحادات القارية والمحلية. وتضطلع اللجنة بعدة مهام من أبرزها؛ تحديد مواقع إقامة وتواريخ انعقاد ونظام البطولات التي ينظمها الاتحاد الدولي لكرة القدم، فضلاً عن تعيين وإقالة الأمين العام للاتحاد.
وعن الأعمال الإدارية الخاصة بالاتحاد، فتديرها السكرتارية العامة في مقرها بزيورخ برئاسة الأمين العام، والذي يعد المسئول عن وضع كافة القرارات التي تصدر عن اللجنة التنفيذية موضع النفاذ، فضلاً عن اختصاصه بالإدارة المالية والعلاقات الدولية وتنظيم كافة المسابقات التي تنظمها الفيفا لاسيما كاس العالم، حيث تضم السكرتارية العامة العديد من الأقسام منها يتعلق بالمسابقات والتطوير وإدارة الأعمال والموارد البشرية وغيرها.
هذا، ويساعد الأمين العام في أداء المهام الموكلة إليه ما يزيد عن 25 لجنة دائمة أبرزها؛ اللجنة المنظمة لكأس العالم، لجنة الحكام، لجنة الاتحادات، لجنة الأندية، اللجنة القانونية، اللجنة المالية، اللجنة الإعلامية، ولجنة شئون اللاعبين، بحيث لابد أن تصادق اللجنة التنفيذية على كافة القرارات التي تتخذها اللجان الدائمة. كما يعاون الأمين العام هيئتين أو لجنتين قضائيتين ،وهما " اللجنة التأديبية" و" لجنة الاستئناف".
ومع اتساع نطاق أنشطة المنظمة العالمية ، فقد تم أنشاء عدد من الهيئات التابعة لمساعدة الفيفا في القيام بالمهام الموكلة إليها، حيث يتقدمها؛ غرفة فض المنازعات، والتي يترأسها شخص مستقل، وتضطلع بمهمة فض وتسوية المنازعات التي قد تنشأ بين أعضاء الاتحاد، ومركز التقييم الطبي والبحوث، والمعنى بحماية اللاعبين ووقايتهم من الإصابات، وفريق مكافحة العنصرية، فضلاً عن موظفو مشروع " جول".
وقد استطاع الاتحاد الدولي لكرة القدم خلال العقود السابقة صياغة بنية تشريعية ضخمة وصلبة لكل ما يخص شئون اللعبة، لكن أبرز تلك القواعد تم تضمينها في وثيقتين أساسيتين ،وهما:-
الأولى: النظام الأساسي أو قانون الاتحاد FiFA Statutes، وهو عبارة عن مجموعة القواعد القانونية الرئيسية للاتحاد، وتتضمن هدفه وهيكله العام و السلطات المخولة لكل جهاز، مقسمة إلى 87 مادة بداخل كل منها عدد من البنود تختلف في عددها طبقاً لكل موضوع، ويتم مراجعته بشكل دوري ، وكانت أخر مراجعة في الاجتماع الذي عقد في ساو باولو في 11 يونيو 2014.
الثانية: اللوائح الحاكمة لتطبيق القانون Regulations Governing The Application Of The Statutes، وهي حزمة من اللوائح والأساليب تستخدم بهدف تطبيق ما تم النص عليه في النظام الأساسي، وتشتمل على 15 مادة بداخل كل منها عدد من البنود، وقد تم مراجعته أيضاً في اجتماع ساو باولو سالف الذكر.
مصادر قوة الاتحاد الدولي لكرة القدم " الفيفا"
تتعدد وتتنوع مصادر قوة وتأثير المؤسسات الرياضية العالمية ، و بخاصة الاتحاد الدولي لكرة القدم " الفيفا"، وذلك بين مصادر سياسية، و اقتصادية، و تنموية، و يمكن تلخيص أبرزها فيما يلي:-
1. القدرة على الاختراق والانتشار الواسع، فالاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا يعتبر الأكثر انتشاراً على الصعيد العالمي من أي منظمة دولية حكومية أو غير حكومية أخري ، إذ يبلغ عدد الأعضاء 209 دولة ، في الوقت الذي لم يتعد فيه عدد أعضاء المنظمة الدولية الأكبر وهى الأمم المتحدة 195 بما فيها المراقبين، وعدد أعضاء منظمة التجارة العالمية 156 دولة.ومن ثم فإن قدرة الفيفا على النفاذ والاختراق تعطيها ميزة نسبية أكبر عن غيرها، وتجعلها أقرب لأكبر عدد ممكن من البلدان.
2. الميزانية والاحتياطات المالية الضخمة، فعلى الرغم من أن الاتحاد الدولي لكرة يعد منذ بدايته كيان غير هادف للربح، لكنه تحول بمرور الوقت إلى عملاق اقتصادي تجاوز حجم ميزانيته ميزانيات بعض الدول. ووفقاً للنظام المتبع ، توضع ميزانية الاتحاد لفترة أربع سنوات كاملة، وقد وصل حجم الميزانية الكلية للاتحاد في الفترة ما بين 2007-2011 ما يبلغ 4,18 مليار دولار ، منها 3,56 مليار دولار مصروفات، ثم زادت الميزانية في الأعوام التالية من 2011-2015 لتصل إلى 5,7 مليار دولار من بينها 5,38 مليار مصروفات، وبذلك حقق الاتحاد فائض بلغ 338 مليون دولار في هذه السنوات.
هذا، وقد شهد الاحتياطيات المالية هي الأخرى للاتحاد ارتفاعاً متواصلاً وملحوظاً خلال الثمانية سنوات الماضية، فقد بلغت 0,64 مليار دولار عام 2007، لتبلغ 0,90 مليار دولار في عام 2008، ثم 1,06 مليار دولار في عام 2009، ثم شهدت ارتفاعا آخر في 2010 ليبلغ 1,28 مليار دولار، ثم 1,29 مليار دولار في عام 2011، واستمر الارتفاع في عام 2012 ليبلغ إجمالي الاحتياطي المالي 1,38 مليار دولار، وذلك قبل أن يرتفع مرة أخري إلى 1,43 مليار دولار في عام 2013، حتى بلغ الارتفاع ذروته ليتخطى الاحتياطي 1,5 مليار دولار في 2014.
3. الاستقلالية والحرية المالية التامة، يتمتع الاتحاد الدولي للكرة القدم" الفيفا" باستقلالية تامة عن الدول والحكومات، حيث يعتمد بالأساس على مصادر للتمويل الذاتي، مما يمنحه حرية كبيرة في الحركة ، وتنقسم مصادر تمويله إلى ثلاث أقسام رئيسية، وهى:-
• إيرادات تنظيم الإحداث والفعاليات الرياضية Events Related Revenues، وقد بلغت خلال الفترة ما بين عام 2011-2014 إلى ما يقرب من 5,13 مليار دولار ، أي ما يوازي 90% من إجمالي إيرادات الاتحاد، منها 2,48 مليار دولار مقابل لبيع حقوق البث التلفزيوني TV Broadcasting Rights ، و1,62 مليار دولار لبيع حقوق التسويق Marketing Rights، و185 مليون حقوق ضيافة Hospitality Rights، و115 مليون دولار حقوق التراخيص Licensing Rights، بالإضافة إلى 724 مليون حقوق أخري.
• إيرادات ودخول مالية Financial Income ، وتضم إيرادات من عملات أجنبية Foreign Currency Gains بقيمة 233 مليون دولار، وإيرادات من أصول مالية Income From Financial Assets بقيمة 34 مليون دولار، و 43 مليون أخري من بند فوائد الدخول والإيرادات Interests Income ، حيث بلغت جملتها خلال الفترة من عام 2011 إلى عام 2014 ما يقرب من 310 مليون دولار بما يوازي 6% ما إجمالي إيرادات الاتحاد.
• إيرادات تشغيل أخري Other Operating Income، وتشمل على إيرادات تراخيص العلامة التجاريةBrand Licensing والتي بلغت 162 مليون خلال الفترة ما بين 2011-2014، وعوائد برامج جودة الفيفا FIFA Quality Programme بقيمة 55 مليون دولار في الفترة ذاتها، بالإضافة إلى إيرادات أخري من مصادر أخرى مثل إيجارات لممتلكات الاتحاد وعوائد حقوق بث فيلم انجازات الفيفا ، والتي بلغت 54 مليون دولار. وقد بلغت إجمالي الإيرادات من هذا البند 271 مليون دولار بما يوازى 4% من إجمالي إيرادات الاتحاد .
4. الأهداف الشاملة والإنسانية للاتحاد، وضع الاتحاد الدولي لكرة القدم لنفسه منذ بداياته أهداف إنسانية تنموية واسعة تتعلق بتحسين المجتمع العالمي والتقريب بين طوائفه وشعوبه، بناء على أن كرة القدم هي الرياضة الأولى، والأكثر شهرة و انتشارا بين مختلف بلدان العالم سواء المتقدمة منها أو الدول النامية. و تتمثل هذه الأهداف الرئيسية في تحسين مستوى رياضة كرة القدم باستمرار ونشرها في جميع أنحاء العالم، ، وتنظيم مسابقات كأس العالم ، والعمل على ببناء مستقبل أفضل لكل شعوب العالم من خلال كرة القدم.
كما أن الاتحاد قد أقر قاعدة المساواة بين الدول في الشأن الرياضي الكروي، ما تجسد في آليات التصويت في جمعيته العامة ، حيث يكون هناك صوت واحد لكل دول عضو. وفي هذا الإطار، يأتي الاتحاد الأفريقي في المرتبة الأولى ب54 صوت، ثم الاتحاد الأوروبي ب53 صوت، والاتحاد الآسيوي ب46 صوت، ويليه "الكونكاف" ب35 صوت، ثم اتحاد منطقة أوقيانوسيا ب11 صوت، وفى المرتبة الأخيرة يأتي اتحاد دول أمريكا الجنوبية ب10 أصوات. وقد ساهمت تلك الرؤية القائمة على المساواة بين الدول في تدعيم ونشر نفوذ الفيفا في الدول الفقيرة والنامية بشكل خاص.
الأوزان السياسية داخل الفيفا وخارجها
كانت انتخابات الاتحاد الدولي لكرة القدم " الفيفا" الأخيرة كاشفة للتفاعلات السياسية داخل هذه المنظمة الدولية، حيث استطاع جوزيف بلاتر الفوز بها مجددا رغم كل ما أحاط به من شبهات فساد، والتي اضطرته لاحقا لتقديم استقالته رغم اكتساحه الساحق لمنافسه الأمير علي بن الحسين ، والذي اضطر للانسحاب بعد الجولة الأولى. كشفت نتائج الانتخابات ،على الرغم من أن التصويت كان سرياً طبقاً للنظام الأساسي للاتحاد ، عن تشكل معسكر أوروبي-أمريكي قليل العدد مناهض ورافض تماماً لترشيح بلاتر، بينما تشكل معسكر أكثر عدداً يضم البلدان الأفريقية والآسيوية والأمريكية اللاتينية بالإضافة إلى روسيا داعم لترشيح بلاتر، وقد نجح بالفعل في تحقيق انتخابه لفترة جديدة بسبب طريقة التصويت التي منحته ميزة عددية. أما المعسكر المناهض لبلاتر، فقد لجأ إلى آليات وممارسات خارج إطار المنظمة للعمل على اسقاطه، ومنها إطلاق التصريحات المناهضة من قبل رموز سياسية وليست رياضية، وقيام السلطات السويسرية بناء على طلب من الولايات المتحدة الأمريكية باعتقال ستة من مسئولي الاتحاد الدولي لكرة القدم للتحقيق معهم في تهم تتعلق بقبول وإعطاء رشاوى في الفترة ما بين أوائل التسعينات والوقت الحالي. وقد أعلنت الولايات المتحدة صراحة عن دعمها للأمير على بن الحسين لتولي قيادة الفيفا، .كما طالب أيضاً ديفيد كاميرون –رئيس الوزراء البريطاني-جوزيف بلاتر بالاستقالة من منصبه بهدف اجتثاث الفساد من كرة القدم.
من ناحية أخرى، تبنى البرلمان الأوروبي بالإجماع في 11 يونيو 2015 قرارا يطالب فيه بلاتر بالتنحي فوراً عن رئاسة الاتحاد، وعدم الانتظار حتى انعقاد الجمعية العمومية بهدف الإسراع في تعيين رئيس مؤقت يطلق حملة إصلاحات شاملة بعد صدور عدة تقارير تثير الشبهات حول وجود فساد في الاتحاد الدولي.
وقد احتجت روسيا من جانبها على هذا "التسييس" للمسألة، حيث صرح الرئيس بوتين معقباً على عملية اقتحام الاتحاد واعتقال بعض المسئولين بأن " الولايات المتحدة تحاول فرض قوانينها على دول أخري"، وهو ما أكد عليه أيضاً ألكسندر لوكاشيفيتش-المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية-عبر تصريحه بأن بلاده " تدعو واشنطن إلى التوقف عن محاولة الحكم خارج حدودها وفقاً لمعاييرها القانونية، وإتباع الإجراءات القانونية الدولية المتبعة"". ذلك في الوقت الذي دعم فيه كل من الاتحاد الأفريقي والآسيوي والأمريكي اللاتيني بلاتر. وتشير التفاعلات التي صاحبت إعادة انتخاب بلاتر ثم اضطراره لتقديم استقالته فيما بعد إلى أن نمط الاستقواء بدول "الجنوب" باعتبارهم الأكثر عدداً يمكن أن يلعب دورا في إيصال مسئول ما إلى قمة هرم السلطة في أي منظمة دولية، لكن استمراره وفاعليته رهن بمساندة الدول الكبرى له. وقد كشفت التطورات أن الدول الأوروبية والولايات المتحدة ،على الرغم من أنهم الأقل عدداً، ما زالوا الأكثر تأثيرا ،وهو ما كشف عنه بوضوح قدرتهم على دفع بلاتر للاستقالة بعد فوزه . ويرتبط ذلك بالقوة الاقتصادية للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، UEFA، الذي صرح رئيسه ميشيل بلاتيني أن رحيل بلاتر لم يعد مسألة اختيارية، كما يرتبط بالثقل السياسي الذي وضعه العديد من الساسة والدبلوماسيين الأوروبيين خلف هذه القضية.
وعلى مستوى آخر، كشفت استقالة بلاتر عن النفوذ الكبير الذي تتمتع به الشركات الكبرى ومتعددة الجنسيات والذي يسمح لها بتقويض نتائج انتخابات من المفترض أنها تتمتع بالشفافية والديموقراطية. فتعد أحد أبرز أسباب استقالة بلاتر هي قلق الشركات الراعية و اتجاهها لتعليق عقود الرعاية تخوفاً من انتقال شبهات الفساد إليها على خلفية حملة الاعتقال التي طالت مسئولين كبار في هذه المنظمة. ويأتي فى مقدمة هذه الشركات: شركة فيزا العالمية، والتي أصدرت بيان أكدت فيه على خيبة أمالها وقلقها العميق إزاء التطورات الأخيرة في الفيفا-في إشارة لحملة الاعتقالات وشبهات الفساد-، وطيران الأمارات التي قررت وقف تمويلها للاتحاد بعد انتهاء عقد عام 2014، وشركة كوكاكولا، التي أكد بيانها على " أن هذا الجدل قد أضر تماماً بكأس العالم والقيم التي يروج لها"، علاوة على شركة ماكدونالد التي أصدرت بيان ذكرت فيه " أنها على تواصل دائم مع الاتحاد الدولي وتراقب الموقف المتعلق بمجريات اعتقال مسئولي الفيفا". ذلك فضلاً عن أبداء الرعاة التقليديين ، خاصة شركات أديداس، ونايك، وسوني ، بالغ قلقهم إزاء تلك الأحداث.
وختاما، فمن الواضح أن الحجم المالي الكبير الذي وصلت إليه منظمة الفيفا، والمصالح الاقتصادية المهولة المرتبطة بعقود الرعاية من قبل الشركات الكبرى، بالإضافة إلى تغلغل نفوذ هذه المنظمة سياسيا وثقافيا في أبعد بقاع الأرض حدى بالقوى الفاعلة في النظام العالمي، سياسية واقتصادية، والتي هي غربية بالأساس ، بالتدخل لوضع حد لما يبدو أنها ممارسات واسعة الانتشار للفساد والرشوة، وأيضا للحد من محاولة قوى مناوئة، مثل روسيا، في استغلال هذه المنظمة للحصول على المزيد من المكانة والنفوذ، سواء بالحصول على حق تنظيم فعاليات مهمة لكرة القدم، أو للتواصل مع قاعدة واسعة من الدول النامية والفقيرة وتكوين تكتلات معها. وأمام هذه القوة النافذة، لم تشفع القواعد الديموقراطية التي تم انتخاب بلاتر بها، ومن المنتظر أن يتم تقليص حجم الاستقلالية التي كانت الفيفا تتمتع بها في السابق للحد من الممارسات الفاسدة من ناحية، ولمنع الفيفا من أن تقع تحت سيطرة أطراف، من الدول أو غيرها، تتبنى أهدافا مناوئة للقوى الغربية التي لا تزال تتمتع بقدر كبير من الهيمنة في النظام العالمي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.