قرأت خبراً في صحيفة الشرق الأوسط العدد 13413 هذا اليوم الأربعاء 19 أغسطس 2015م تحت عنوان [المقاومة الجنوبية تنتظر الأوامر من التحالف للمشاركة في تحرير صنعاء] هكذا اقتضت الضرورة منهم ذكر المقاومة الجنوبية صراحةً في العنوان، نقلاً عن "قيادي بارز في المقاومة الشعبية في جنوباليمن" كما يقول الخبر الذي أعده 3 مراسلين من الرياضوصنعاء والحديدة! بدى أقرب إلى أن ينزلق في التعاطي الإيجابي مع هذا الخبر في مواقع التواصل الاجتماعي بعضُ من نحسبهم مثقفين وإعلاميين فاعلين في قضيتنا الجنوبية، في خطوة ذكّرتني منذ الصباح الباكر ببعض الشطحات التي شهدناها في مراحل سابقة من مسيرة الحراك كهرولة عبدالله الناخبي نحو ثورة الشباب في صنعاء، واعتراف النوبة بمخرجات الحوار، والتصريحات الكوميدية لياسين مكاوي وخالد باراس خلال وعقب مؤتمر موفمبيك! وهي جميعها شطحات كان شعبنا متيقظاً لها وقد رفضها بالكليّة. كان وقتها الحراك الجنوبي محاطاً بقيادات –رغم تصارعها- وسياسيين ومثقفين مثّلوا درعاً واقياً من التشويش على قضيتنا أو السماح بالإحباطات التي ينفثها الآخرون أن تتسلل إلى الجماهير. وهنا أتساءل عن دور القيادات الجنوبية والسياسيين والمثقفين اليوم في إرشاد المقاومة الجنوبية وتحصينها من اتخاذ مثل هذا القرار العاطفي وغير المدروس عسكرياً وسياسياً! والذي لن يرتضيه شعبنا التواق للتحرير والاستقلال. لا أريد هنا الحديث عن الجانب العسكري فأهل الاختصاص هم الأَولى والأجدر والأكفأ لتناوله وتحليله، ولا أود الحديث خطورة التورط ميدانياً في الشمال، فالذاكرة الجنوبية لاتزال تجترُّ مآسي الغدر بالألوية الجنوبية في الشمال عقب الوحدة (لواء باصهيب واللواء الثالث مدرّع)، وما حصل للقوات المصرية في الستينات لا يختلف، فضلاً عن أن قوات التحالف نفسها لم تتسرع في الإنزال البري إلا بعد أيام عديدة من عاصفة الحزم ضمنت خلالها تدمير جزء كبير من ترسانة الحوثي وصالح. بل أنني لا أجده منطقياً أن نُخضِع القرار لحسابات وتحليلات عسكرية في ظل وجود منطق سياسي لا يبرر الزج بمقاومتنا الجنوبية في معركة ليست معركتها! الجانب السياسي –المتعلق بقضية الجنوب- وهو الأهم يجب أن يكون حاضراً في أذهان الجنوبيين وخصوصاً المقاومة الجنوبية التي جاءت بعد تضحيات ونضالات من أجل التحرير والاستقلال واستعادة دولة الجنوب، وظل الجنوب لسنوات يقدم الشهداء في ظل تجاهل إعلامي وسياسي مطبق، إن هدف التحرير والاستقلال لم يتحقق بعد، والدولة الجنوبية لم توجد بعد لتشارك قوات التحالف أي دور، ومن غير المقبول ولا المعقول أن تصرف المقاومة الجنوبية النظر عن هدفها وإرادة شعبها وتتجه شمالاً لتحرير صنعاء، حتى لو كان ذلك بطلب من قوات التحالف الذي لم يتبنَّ حتى اليوم مطلبنا في استقلال الجنوب رغم كثرة المناشدات. نعم، لا ينبغي علينا تجاهل جزئية أن المقاومة الجنوبية قد استفادت من عاصفة الحزم -التي قَدَمَت لهدف آخر غير استقلال الجنوب- وحققت المقاومة الجنوبية بمساندة قوات التحالف انتصارات ميدانية عظيمة. ويقيني أن قوات التحالف لا تغفل –بالمقابل- حقيقة أن وجود المقاومة الجنوبية على الأرض ساعد قوات التحالف على التنسيق الميداني والحفاظ على الانتصارات في الجنوب وعدم عودة قوات صالح والحوثي. تفضّل دول التحالف عدم الخوض في قضية الجنوب، ويصرّح بعض مسؤوليها أن قضية الجنوب يجب أن تحل وفق ما يرتضيه الشعب في الداخل، إذ أن قوات التحالف قَدَمَت إلى اليمن وفق نداء أطلقه عبدربه منصور هادي من عدن لاستعادة شرعيته في صنعاء. صحيح أن هناك متغيرات كثيرة حصلت بعد ذلك، ميدانية وسياسية، وكسبت المقاومة رجالات جنوبية ممن كانت محسوبة على صنعاء، وأضحوا يقدمون التلميحات والتصريحات عن رغبتهم في استعادة دولة الجنوب، وبدأ شعبنا في الجنوب محاولات ليتقبلهم كقيادات وطنية جنوبية إلا أن توجّه المقاومة الجنوبية إلى الشمال –إن تم- سوف ينسف كل ذلك، ولربما يدمر المقاومة الجنوبية التي نفاخر بها والتي هي خلاصة نضال شعبنا خلال السنوات الماضية.