منذ ايام مضت استقبلنا عيد الاضحى المبارك، بقلوب تهدهدها الانفجارات، وأجساد تداعبها الشظايا وتغطيها احجار البيوت المنهارة، نتيجة الصواريخ التي تمطرها طائرات التحالف ليل نهار، والقذائف التي ترسلها مليشيات غارقة في التيه والكبر على الابرياء، دونما رادع من دين او اخلاق.. وفي ايام "عشر ذي الحجة", دعونا وما زلنا ندعو بملء افواهنا وعقولنا, وملء قلوبنا وجوارحنا, ان يخرج الله اليمن من محنتها, ويعيد اليها السلم والسلام, والامن والامان،! لكن لا تباشير بانفراج الحال، -الى حين كتابة هذه السطور- على الرغم من أملنا الكبير بالقادم الذي نقول انه سيكون اجمل، لكن "تعرف اليوم بصباحه الجميل" هكذا قلت, وكيف سنعرف ذلك, وصباحاتنا قد هجرها الجمال منذ عقود، وغاب عنها دون رجعة منذ عام، وتحديدا في 19/9/2014م، ذلك الصباح المشوه كليا، والذي حمل لنا من التعاسة الوان ومن المرارات اغصان، فداهمت احلامنا مليشيات لا تهوى الا البشاعة، ولا تعشق الا القبح، ولا ترسم الا المآسي، فزينت جدران مدننا بالموت، وعطرت صباحاتنا بالبارود والنتانة التي تزكم الانوف، وملئت ساحاتنا باللعنات، فكيف نطلبهم اشاعة الجمال واهدائنا النسمات الندية؟ كيف نأمل من سفلة، ورعاع رُعن، ان يعيدوا الفرحة الى ازقتنا المكلومة، والنبض الى شوارعنا الخاوية الا من اكوام القراطيس وحطام النوافذ والجدران!! بالتأكيد .. لا أمل من مليشيات حاربت معاني الحياة، وشوهت ملامح الوجود في وطننا، فتركت اشلاءه متناثرة على قارعة الضياع، ورمت بكرامته في سواحل الهجرة وشواطئ الابتعاد.. لقد تفرقت بنا السبل، وتاهت بنا الدروب، والتبست علينا المواسم والاعياد، وتداخلت ابتساماتنا بعَبَرات الالم المكتومة في دواخلنا، اتانا العيد ولسان حالنا "عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ!!".. نعم .. كيف عدت يا عيد؟!! اما رأيت اننا نُشيع وطن؟ ام غُشِّيت عليك الرؤية؟!! الم ترى شظايا احلامنا على مُفترقِ طرق اليأس والرجاء؟.. اه .. ايها العيد .. لقد عدت غريبا، اتيت غير مرحبا بك، ولا شكران لسعيك، لقد كانت هيئتك غير محبوبة .. كوطننا، ووجهك موحِش .. كحاضرنا، ولونك قاتم كمستقبلنا، لبست ثيابا رثة قذرة .. كضمائر حكامنا، فرحتك لم تعد مرغوبة .. كحياتنا، أُضحيتك لم تُذبح .. فقد ذبح الطائشون وطن، بل كانوا هم اكثر سعادة بقدومك، فقدموا قرابينهم في اول ساعات وصولك، وعلى اصوات المآذن المبحوحة بالتهليل والتكبير، اعذرنا .. نحن لم نعرفك، لقد تشابهت علينا الاعياد والمآتم، لم نعد نتذكر .. هل انت بهذه الكآبة منذ مولدك ؟!! ام شوهتك صروف الدهر، وحكم المتآمرين النزقين، والطائشين؟ فبالله .. أي سعادة طلبت لنا ايها الرئيس؟ وأي شقاء اردت لنا يا فتى مران؟ في بداية عهدك ايها الرئيس "التائِه" كنتُ اكثر ثقة فيك، حتى من نفسي، لكنك كنت تبدد هذه الثقة يوما بعد يوم، بتصرفاتك غير المسؤولة, وقراراتك المرتعشة, الموشحة دائما بالجبن والخذلان، كانت ثقتي فيك تذوب مع كل حرف مهزوم تنطقه، مع كل نظرة مكسورة ترسلها في مداك المهترئ، مع كل وعد هزيل "ممحون" طرحته .. لقد خذلتني وقتلت احلامي في أمشاجها، وقتلت احلام الملايين من الحمقى في صلبها، الحمقى الذين خرجوا في نهار احمر كي يصوتوا لك، في انتخابات وهمية، لكنهم لم يتوقعوا انها ستكون لرئيس وهمي ايضا، ومن اجل دولة وهمية، كحالة فريدة في العالم لم يحدث لها مثيل قط. لقد خذلت حتى مريديك الذين دبجوا الفتاوى المجرمة لمن لم ينتخبك، وحرمتهم حتى من نعيم الاحلام الذي يعيش فيه المريدين دائما. اما انت ايها الفتى المراني، ايها المغمور الارعن، وعند انطلاق ثورتك غير الموفقة، ثورتك المشؤومة، ثورتك المسكونة بالتيه والمغامرة، فرحت بها وبك اكثر من فرحة أمك يوم ولدتك، وخرجت ليلة انكسار فرقة علي الاحمر طربا ونشوانا الى الشارع، لقد كانت سعادتي ليلتها اكثر من سعادتك الوهمية انت، لقد تولدت في عقلي -لأول مرة- افكار سقيمة، وعادت أطروحات عقيمة. عادت..او بالأصح امنت -ولو للحظات- بان الفتى من بني هاشم ومن ال البيت كما يزعمون، وهو احق ان يتبع .. أنا الذي لم اؤمن قط بهكذا خزعبلات،، ولم اقتنع يوما بمثل هكذا اكاذيب، "لعمرك ما الإنسان إلا بدينه فلا تترك التقوى اتكالاً على النسب"، فكيف انعدمت او تلاشت هذه القاعدة حينها؟ بل كيف وقعت في فخ كهذا؟!!!! لا ادري .. غير انه تكشف لي بأنني كنت مسكون بشبح الفتى الثلاثيني، الذي ادار انظار العالم اليه، لم يدر في خَلَدي للحظة انه ادارها بقبح تصرفاته، وبشاعة افعاله، وسوء طويته. فويحي من عقلي الذي ولد لحظتئذ. في الاخير دمرتم البلاد، وأحللتم بها شقاوتكم، وأسكنتموها الفاجعات، بعقولكم المأجورة وافكاركم المهزوزة، وارادتكم المسلوبة، وجررتم لنا هذه المآسي، وجلبتم علينا هذه الويلات وهذه الأوجاع، فلا احد منكم يبرئ نفسه، يا من سكنكم القبح والحقد والتآمر، نحملكم المسؤولية الكاملة في كل ماحدث لوطننا، حتى اهتزاز تربته جراء القصف، ستدفعون ثمنه.