لا يعرف الجنوب تاريخياً أي شكل من أشكال الإرهاب أو مسمياته التي لم تعرف إلا بوجود الوحدة , والأمر صادق في ميلاد الإرهاب في الجنوب في صورته التؤمية مع الوحدة بخصوصيته الشمالية من خلال الأيادي التي زرعته مع انطلاق مشروع الوحدة الذي لم تكتمل أركانه في الواقع القانوني . ارتبطت زراعة الإرهاب من خلال الأطراف المتنفذة في الشمال لوجود النية المسبقة للغدر والخيانة , والتي تهدف إلى السيطرة على الجنوب وتهميشه أسوه ببعض مناطق الشمال التي استمرأت الخضوع للمركز المقدس . ومن ثم القضاء على أمل شعب الجنوب في تحقيق دولة النظام والقانون مشروع الدولة المدنية التي يرغب بها غالبية شعب الجنوب , والذي على هذا الأساس دخل بنية وحدة شراكة فوجدها وحدة شراك (مصيدة - فخ ) , ولكن وبحكم أن الشمال لا يحمل أو يقبل أو يسمح لهذه المشاريع بتحقيقها في الواقع الاجتماعي , ومعرفته وتوقعه بأن الجنوب لن يخضع أو يقبل بكذا متاهة وماسأة مؤلمة فيها يدفع الجنوب ضريبة غير مستحقة , لذا وجد الشمال لزاماً عليه أن يوجد أدوات السيطرة وان كانت تنسف العهود والمواثيق الوحدوية بين الدولتين , وعلى هذا الأساس ووفقاً للثقافة الاجتماعية القبلية الهمجية جعلوا من الإرهاب قرين وتؤم للوحدة للحفاظ عليها على اعتبار أنها عرطة لا تتكرر لشعب ودف وكردف , وتتكئ هذه العقلية على فارق السكان الكبير لصالح الشمال الذي يعتبر عامل أساسي وبه يكون الجنوب الحلقة الأضعف , وخاصة بعد حرب 94 بعد القضاء على جيش الجنوب , وفقاً لخديعة جبانة تفاصيلها موجودة في كتب التاريخ وبرعاية تأمر دولي للتخلص من ترسانة الجيش الجنوبي القوي على مستوى الجزيرة العربية . الجيش اليمني بعد حرب 94 أصبح شمالياً بامتياز , ومن ثم يزرع الإرهاب في الجنوب برعاية أجهزته الأمنية وبثروات الجنوب المنهوبة , ولكي يرسخ الإرهاب في الجنوب لسنوات طويلة ربط ذلك بالاقتصاد لتصبح بيئة حاضنة للإرهاب من خلال ترسيخ ثقافة الفقر التي قام بها من خلال عمل ممنهج حيث سيطر الاقتصاد الشمالي على السوق الجنوبية , من خلال دعم التاجر الشمالي ومحاربة التاجر الجنوبي على كل المستويات تحت رعاية أجهزتهم الأمنية بالإضافة إلى خلق ديمغرافيا شمالية في الجنوب من خلال استحواذ الشماليين على كثير من المساحات السكانية والتجارية وخاصة في المدن الرئيسية من خلال مستخدمهم الشمالي في مصلحة الإسكان المسئولة عن صرف الأراضي .
وفي ظل السيطرة الكاملة للاحتلال الشمالي أسس قواعد الإرهاب مستخدم كل قدراته الأمنية والحكومية والسياسية والدينية بالتوازي مع نهب ثروات الجنوب مما يجعل عودة الجنوب محفوف بالمتاعب والمغريات , المتاعب إمام من أخلص لوطنه , والمغريات لمن باع وطنه , ولهذا تجد اليوم في المحافظات الجنوبية المحررة تعاني من وجود عناصر الإرهاب , وذلك يعود إلى وجود أرضية قوية كونها ربطت قواعد اقتصادها بدعم الإرهاب تحت مفهوم رعاية الوحدة , والتحرير الحقيقي يأتي من إحلال اقتصاد جنوبي بدلاً من الشمالي لأن الاقتصاد يعمد السيادة الوطنية بحكم أن المشكلات السياسية تحتاج إلى حلول اقتصادية , والاقتصاد عماد الدول وقوتها وصانع صيرورتها .
تظل الوحدة والإرهاب نسيج واحد في ترابط يؤدي مهمة مشتركة في واقع هذه البلد حيث يرى السياسي الشمالي من وجود هذه التؤمة ضرورة , ويذهب البعض إلى قداسة هذا الترابط من واقع حماية في منظور مصالحة الاجتماعية مع رفض الحق الجنوبي نتيجة غياب منظور العدل في عقول وثقافة هؤلاء الذين ارتكبوا جرائم حرب وإبادة . وحرب 2015 ترسخ خيار الشمال في استمرار صنع الإرهاب في الجنوب لبقاء وحدتهم الأحتلالية , وفي الآن نفسه ترسخ عند شعب الجنوب رفض الوحدة والإرهاب بكونهم وجهين لعملة واحدة قناعات متناقضة ولكنها تمتلك حجج في عقول متصارعيها والباطل في عقل الشمالي شريعة , ومن هنا ترسخ مفهوم ( دحباش ) بقوة نتيجة واقع المطابقة من باب العينة التي تعمم على مجتمعها . العقل السياسي في الشمال لا يمتلك أدوات أقناع سياسية لبقاء الوحدة لأن أفعالة وجرائمه وتدميره للجنوب لم تعد تمكنه من الخداع وتمرير أكاذيبه , ولهذا الإرهاب حجته الأخيرة التي أسس لها من البداية في السيطرة على الجنوب والتي هي وراء الفوضى اليوم من خلال عناصرها وخلاياها النائمة , ولا يمتلك الجنوب إلا حق الدفاع عن كيانه وأرضه كحق مشروع تكفله الشرائع السماوية والأخلاقية والقانونية , وحق الوجود والكرامة .