في نهار آخر أيام شهر أكتوبر الماضي شهدت سماء أرخبيل سقطرى غيوماً كثيفة وغياب لأشعة الشمس وزخات أمطار خفيفة صاحبتها أمواج بحرية غير عادية وصل ارتفاعها إلى مابين 3 و 4 أمتار كانت تضرب السواحل الشمالية للأرخبيل وتجاوزت المعتاد بأكثر من متر داخل اليابسة .. كانت هذه مؤشرات تنذر بقدوم الإعصار المدمر (تشابالا) . أضرار الغطاء النباتي والجانب الحيواني كان الضرر الذي أصاب النباتات هو الضرر الأكبر .. فقد اقتلعت رياح الإعصار في مرتفعات (دكسم) أشجار كثيرة من أشجار (دم الأخوين) أو ما تسمى محلياً (أعرهيب) أو (دم التنين) أو (دم العنقاء) والتي لا يوجد لها مثيل في العالم كله . وهناك نباتات وأشجار أخرى تضررت كذلك منها أشجار (واقفة تريمة أو أسفد) و (الخيار قمحم) حسب التسمية المحلية لأهل سقطرى وهي عائلة نباتية نادرة الوجود وفريدة بأنواعها تنفرد بها الجزيرة عن العالم . تلك الاشجار والنباتات حسب ما قاله مدير عام الهيئة العامة لحماية البيئة فرع أرخبيل سقطرى أحمد سعيد سليمان بأن الأرخبيل يخسر منها أعداداً كل عام ولا يمكن أن تعوض لأن أغلبها تأكلها الحيوانات وتقتات عليها بصورة يومية. كما أن الرياح والاعاصير والسيول اقتلعت الكثير من أشجار النخيل والسدر والبيدان والجوافة والتمر الهندي والزراعات الحولية ناهيك عن آلاف الأشجار والشجيرات المتوطنة في الأرخبيل .. كما تضررت وتهدمت آلاف الأمتار من شبابيك (أسوار) المزارع والبساتين وجرفت السيول مضخات مياه الآبار . وفي الجانب الحيواني تشير الإحصائيات الأولية أن مئات من المواشي والأغنام نفقت وجرفتها السيول .
الخسائر في المنازل والمباني مئات المنازل والمباني وخاصة منازل الفقراء والبيوت القديمة المبنية من طين تهدمت بفعل الإعصار .. وحدث ولا حرج في جوانب الطرق والخسائر في الجانب السمكي والشعب المرجانية البحرية وكان ظهور نجم البحر في شواطئ حديبو بكميات لا يستهان بها نموذجاً للأضرار التي لحقت بالتنوع الحيوي البحري .. وهنا ينبغي الإشارة إلى أن الجهات المختصة تقوم حالياً بحصر تلك الأضرار وتعلن نتائج الحصر خلال الأيام القليلة المقبلة ، ومؤكدة على أن لا خسائر في صفوف البشر بفضل الله تعالى وجهود المخلصين .
أضرار بيئية متنوعة السيول التي تدفقت لأكثر من 48 ساعة كلها صبت في البحر وهي محملة بالمخلفات الإنسانية والحيوانية والأشجار والطمي وهو ما يُعتبر القاتل الأكبر للشعاب المرجانية والرخويات والقواقع البحرية .. وحتى الآن تم حصر 13 نوعاً من الشعاب المرجانية التي تغطي معظم سواحل الجزيرة وأكثر من 6 أنواع من الرخويات و 11 نوعاً من القواقع البحرية وأنواع عديدة من الأسماك والطحالب وغيرها من الأحياء البحرية الهالكة التي أخرجتها ولفظتها الأمواج الهائجة .
النزوح وأعمال الإجلاء والإغاثة جميع الأهالي وفي مقدمتهم محافظ أرخبيل سقطرى سعيد سالم باحقيبة هبوا لنجدة إخوانهم المتضررين .. فخلال السبع الساعات الأولى من الإعصار نزح من المناطق الأكثر عرضة للتدمير حوالي 1216 فرداً إلى مباني المؤسسات التعليمية ومستشفى مايو واستمرت فرق الشباب من كل الأطياف المجتمعية طيلة فترة الإعصار تنقل المتضررين إلى المواقع الآمنة وإيوائهم مع توفير الغذاء والبطانيات والاحتياجات الضرورية .. وفي ذات الوقت قام الإخوة القائمون على مستشفى خليفة بن زايد بتوفير الإسعافات الأولية وتقديم الخدمات الطبية .. واعتبر كل فرد نفسه غرفة عمليات يبذل كل جهد ممكن في سبيل إنقاذ الأرواح والممتلكات .
مواقف مروءة وشهامة ليس بغريب على السلطان قابوس بن سعيد آل تيمور وشعب عمان الشقيق أن يهب إلى نجدة أشقائهم في سقطرى .. فقد أرسل أربع طائرات محملة بالمواد الإغاثية الإنسانية ترافقها فريق عماني متخصص في مثل هذه الحالات . كما أن إمارات الخير بقيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان وشعبها الكريم لم تبخل بمواد الإغاثة والاحتياجات المطلوبة التي وصلت جواً إلى سقطرى .
نداء استغاثة وأخيراً من هنا وعبر ( عدن الغد ) ننقل لكم نداء استغاثة من أهالي أرخبيل سقطرى إلى الدول والشعوب العربية وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي والمستثمرين العرب وكل المحبين للبيئة وأنصارها والخيرين في كل مكان لإنقاذ سقطرى التي تعرضت لكارثة في أرضها وناسها جراء الإعصار ، كما طالبوا بتعجيل المساندة الفعلية لا القولية وضرورة الإسراع في نجدتهم ومنحهم الأمل الذي لا يتحقق إلاّ بالعمل والبناء والتعمير من أجل أن تتعافى هذه الجزيرة المنسية وتصبح قبلة للباحثين البيئيين ووجهة السياحة العالمية النظيفة .