"دكتور الدواعش" التهمة الرسمية التي أودعت فيها ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح بطل عدن والجنوب الأسير المحرر شادي محمد الزغير 26 عاما والملقب بشادي عدن 9 أشهر من الأسر والإخفاء القسري في سجون الميليشيات بين عدنولحجوصنعاء حتى تمت عملية إطلاق سراحه ضمن اكبر صفقة تبادل للأسرى بين المقاومة الجنوبية والميليشيات في منتصف ديسمبر الجاري . عندما بدأت الميليشيات غزو العاصمة عدن أواخر مارس الماضي انتفض الجميع من أبنائها لحمل السلاح والدفاع عن مدينتهم من احتلال قادم من شمال الشمال ، شادي عدن الناشط المدني المعروف لم يحمل السلاح كما أقرانه بل ذهب مقاوما في طريق آخر هو العمل كمسعف طبي ميداني شرع ينقل الأدوية والمعدات الطبية إلى المستشفيات المحاصرة فعمل متطوعا لدى الصليب الأحمر ضمن فريق الإسعاف التطوعي حتى وقع أسيرا لدى الميليشيات بعد 3 أسابيع من انطلاق الحرب.
يروي الاسير شادي ل "الشرق الاوسط" تفاصيل حكايته بالقول : في السابع من شهر أبريل أي بعد أسبوعين من الحرب على عدن وتحديدا عند الساعة 8 من مساء ذلك اليوم الأسود في حياتي أقدمت ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح في جولة العقبة بمدينة المعلا بعدن على إيقاف حافلة أجرة كنت على متنها وتم احتجازي انا والسائق وصديقه ومصادرة معدات طبية وأدوية للإسعافات الأولية .
وتابع قائلاً : كنت في طريقي لإيصالها إلى مستشفى باصيهيب العسكري بالتواهي التي كانت حينها مازالت بيد المقاومة الجنوبية ليتم اختطافنا وترحيلنا إلى فندق أزال السياحي بمحافظة لحج والذي اتخذه الميليشيات حينذاك مقرا لاحتجاز الأسرى الجنوبيين.
ويمضي الأسير شادي يروي ل "الشرق الاوسط" حكاية تنقله في سجون الميليشيات إلى القول : بعد يوم من احتجازنا تم نقلنا صبيحة اليوم التالي ضمن 45 آخرين من الأسرى الجنوبيين وجميعهم تم أسرهم من الطرقات إلى قاعدة العند الجوية التي مكثنا فيها 5 أشهر حيث وصل عدد الأسرى في المكان الذي احتجزت فيه إلى أكثر من 700 أسير بخلاف مواقع الاحتجاز الأخرى التي ضمت المئات من الأسرى مشيراً ان عدد المحتجزين الذين كانوا في قاعدة العند ربما يفوق عددهم 1500 أسير على أقل تقدير حد قوله .
وتابع الاسير المحرر شادي الزغير قئلاً : التهمة التي وجهت لي بأنني "طبيب ومسعف الدواعش" فعدن وسكانها بنظرهم دواعش مع أن ما كنت أقوم به هو تقديم الإسعافات الأولية لضحايا الحرب من المدنيين .
شادي روى ل "الشرق الاوسط" تفاصيل أسره موضحا انه تم التحقيق معه عدة مرات بطريقة قاسية وسيئة جدا تعرض من خلالها للتعذيب والابتزاز والإرهاب النفسي والجسدي ، كما تم استخدام الأسرى مرات عدة كدروع بشرية تحمي "الميليشيات" من غارات التحالف .
مضيفا كانت الميليشيات تتهم جميع الأسرى بالدواعش فلم يكن هناك أي فرز أثناء التحقيقات فجميع المحتجزين أن لم نقل اغلبهم تم اختطافهم من الطرقات والشوارع بينهم المسعفين الطبيين والمتطوعين في تقديم المساعدات الإنسانية للسكان المحليين وكلنا دواعش بالنسبة لهم .
وواصل الأسير شادي يروي تفاصيل أسره بالقول في المبنى الذي احتجزت فيه بقاعدة العند مع ما يقارب من 500 إلى 700 أسير لايوجد فيها سوى 3 حمامات فقط وكان مسموح لواحد منا مرة واحدة دخول الحمام خلال 24 ساعة في ظل انعدام وانقطاع متواصل للماء والغذاء وتمت معاملتنا معاملة قاسية ومهينه لا يمكن نسيانها واحمد الله انه خلصنا من شرهم وعدنا الى عدن .
وسرد شادي تفاصيل مؤلمة عاناها في الأسر موضحًا بالقول : أتذكر حينما تم نقلي من قاعدة العند منفردا على متن سيارة شاص إلى مزرعة كبيرة تتخذها الميليشيات مقرا للتحقيق مع الأسرى الجنوبيين وقتها رددت الشهادتين وكنت اتمتم "اشهد الا اله الا الله وان محمد رسول الله " عشرات المرات كنت اشعر أن لحظة اعدامي قد حانت وعشت كل لحظات احتجازي بانتظار الموت الذي آمنت انه مصيري المحتوم .
وذهب في معرض حديثه مع "الشرق الاوسط " إلى القول مارسوا بحقنا أبشع أنواع الارهاب والتعذيب الجسدي والنفسي في قاعدة العند ، وحينما قام طيران التحالف برمي منشورات إلى قاعدة العند يطالب بنقل المحتجزين ويحذر من قصفه للقاعدة خلال أقل من 48 ساعة من توزيع المنشورات ليتم حينها نقلنا إلى صنعاء بحافلات ، موضحا انه أثناء غارات التحالف لقاعدة العند الجوية تمكن المئات من الأسرى الجنوبيين من الفرار مخاطرة تحت وقع القصف .
يتوقف شادي وملامح أثر التعذيب النفسي والجسدي ماثلة على جسده الأسمر النحيل ووجهه الشاحب الذي يخفي خلفه معاناة 9 أشهر من الأسر بين الحياة والموت ليعود إلى الحديث بعد تنهيده عميقة تملؤها الغصة والألم ليقول عندما تم نقلنا إلى صنعاء كنا نظن بأن معالتهم ستكون للأفضل لكن وجدنا عكس ذلك حيث تم ايداعنا السجن المركزي بصنعاء وقاموا بتقييد أرجلنا بالسلاسل لنبدأ فصل جديد من التعذيب الجسدي والإرهاب النفسي على أيدي ميليشيا مران وسنحان التي لا تعرف سوى القتل والموت .
واردف : بقينا في سجون الميليشيات بصنعاء أكثر من شهر نعاني أشد أنواع العذاب والبطش والتنكيل وسط معاملة قاسية ولا إنسانية ولم يتحسن وضعنا إلا بعد تدخل الصليب الأحمر الدولي في الشهرين الأخيرين من احتجازنا فقاموا بأخذ بياناتنا وتواصلوا مع أهالينا اللذين لم يكونوا يعلمون بأننا مازلنا على قيد الحياة وفي الشهر الأخير تحسنت معاملتنا وقدم لنا الصليب الملابس وتحسنت الوجبات الغذائية وسمح لنا بمهاتفة أهلنا.
ويشير الأسير المحرر شادي ل "الشرق الأوسط "أن أصعب لحظة عاشها خلال فترة الأسر هي عندما تم أشعارهم من قبل الصليب الأحمر بأن إتمام عملية التبادل تمت وسوف يتم نقلهم خلال أيام ، ثم ما نلبث أن تمر الأيام المحددة ونعلم بفشل التفاوض 4 مرات بوقت سابق وكنا قد فقدنا الأمل بالحرية .
ومضى قائلاً: عندما تم تبادل الأسرى بنجاح ، في منطقة الحد بيافع الحدودية حيث تم الإفراج عنا لم أصدق ذلك إلا حينما وصلت مدينتي الفاتنة عدن وعند وصولي اليها عادت الروح إلى جسدي المنهك وبدأت أشعر بأنني أتنفس وفعلا لازلت حي أعيش وذلك لحظة استقبالنا بحفاوة وحشد شعبي كبير .
واختتم حديثه ل "الشرق الاوسط" بالقول :الحقيقة أن أحلى لحظات حياتي كانت عند وصولي عدن فحينها شعرت بالحياة من جديد بعد 9 أشهر من العذاب النفسي والجسدي والموت البطيء الذي كان يلاحقنا في اليوم الواحد عشرات المرات ، مختتماً : الحمد لله على كل حال فعدن انتصرت ونحن منتصرون كذلك بإذن الله .