لطالما حلم الشعب الجنوبي بدولة جامعة تسود فيها العدالة الاجتماعية وتحكمها معايير وأسس وقوانين تعدل بين جميع مواطنيها بغض النظر عن أي اعتبارات، نريد دولة تكون فيها الفرص متساوية والأولوية فيها للأفضل والأجدر والأكفى، نريد من يتولى أمرنا أن يكونوا أشخاصاً وضعوا نصب أعينهم خدمة المواطن وتنمية البلاد وتطويرها لا نهب مقدراتها واستنزاف مواردها لأغراض ومصالح شخصية ضيقه لا نريد أن نرى جائعاً أو متسولاً أو عاطلاً عن العمل في دولتنا المنشودة. أما من الناحية السياسية فأغلب الجنوبيين مجمعين على ضرورة التخلص من المركزية المقيتة التي عانينا منها لسنوات طوال وبالتالي نريدها دولة مؤسسات فدرالية تكون فيها كل محافظة من محافظات الجنوب وحدات إدارية مستقلة مالياً وإدارياً، وجميع السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية المحلية والتوظيف فيها لأبنائها، مع وجود حكومة فدرالية تعنى بالشأن القومي للدولة ككل من ناحية الدفاع والخارجية والاقتصاد وبناء جيش وطني جنوبي يستوعب جميع أبناء الجنوب من المهرة وحتى باب المندب، وجهاز أمن دولة قوي ومجهز على أعلى المعايير العالمية خالي من الشوائب التي افسدته قبل الوحدة بالسيطرة عليه من قبل أشخاص عملوا على طمس الهوية الجنوبية وجرونا على غفلة من التاريخ الى كارثة الوحدة التي دفع شعبنا ثمنها غالياً من مستقبلة و كرامته و لقمة عيش أبنائه، علينا أن نتعلم من أخطاء الماضي ونتجنبها ونؤسس لعلاقات خارجية وتكتلات متينة مع أشقائنا في دول الجوار وبناء علاقات طيبة ومتوازنة مع دول العالم قائمة على أساس المصالح المشتركة ومع التأكيد على الحفاظ على هويتنا وكياننا كدولة مستقلة ذات سيادة. نريد في دولتنا أن يسود اقتصاد انتاجي قائم على العلم والمعرفة وتشجيع البحث العلمي، دولة تصنع و تصدر، نريد تنشيط لجميع القطاعات الاقتصادية، الزراعية والصناعية والتجارية والخدمية والثروة السمكية والحيوانية والاعتماد شبه الكامل على مصادر الطاقة النظيفة والمتجدده، نريد أن يكون لدينا اسطولاً من الطائرات الحديثة وأسطول آخر من سفن الصيد العملاقة واستغلال كل شبر من الأراضي القابلة للزراعة واستخدام معدات ووسائل الزراعة الحديثة وتنمية الثروة الحيوانية، نريد اعادة تأهيل وتوسيع كل الموانئ على امتداد سواحلنا وخصوصاً ميناء عدن ومطارات دولية ومحلية تنافس أفضل المطارات في المنطقة والعالم، نريد مناطق حرة عملاقة وأخرى مناطق صناعية في كل المحافظات الجنوبية مجهزة بالبنية التحتية الحديثة، مع تطوير وسائل النقل وإنشاء الطرق والجسور والسدود و سكك الحديد التي تربط كل اجزاء البلاد ببعضها البعض، نريد تشريعات وقوانين تنظم البيئة الاقتصادية بين أصحاب رؤوس الأموال و مؤسسات الدولة و تصون حقوق العمال والموظفين وتحدد أولوية التوظيف وعدالة الأجور للمواطنيين، نريد معاهد مهنية حديثة تؤهل الشباب لسوق العمل وتثريه بالأيدي العاملة الماهرة والمدربة على أعلى المستويات. وخلال السنين التي أعقبت الوحدة عمل نظام صنعاء على التدمير الممنهج لوجدان وثقافة ووعي الشعب الجنوبي، و لأن العنصر البشري هو الثروة الحقيقية لأي دولة لذلك يجب اعادة احياء وجدان الشعب وهويته وزرع ثقافة البذل والعطاء والإنتاج واحترام القانون والسلوك الحضاري في جميع معاملاته، ونبذ ثقافة الغلو والتشدد واستبدالها بثقافة الوسطية والاعتدال التي حثنا عليها ديننا الحنيف، وتعميق الانتماء للوطن والتنفير من المناطقية وتعزيز روح التصالح والتسامح، كما يجب العمل على تفعيل دور المساجد ورجال الدين والعلماء وأشاركهم في صناعة مستقبل الأجيال على أسس دينية صحيحة من الكتاب والسنة، والحرص على اقامة الندوات والمؤتمرات العلمية والأمسيات الشعرية والفنية والأدبية ودور السينما ومراكز المعارض والمهرجانات والأنشطة الرياضية التي تعزز هوية المجتمع و تنمي فيه حب الخير والإبداع والجمال، كما لا ننسى دور وسائل الاعلام المختلفة في صناعة ثقافة الشعوب و تعزيز الوعي العام وعكس اهتمامات المواطن ومعاناته، لذلك يجب ايلاءها الاهتمام الكامل، من خلال بناء اعلام حديث هادف ومتطور وإعداد كوادر اعلامية كفؤه ومتمكنة تعي الهم الوطني وتسهم بشكل محوري في صناعة المستقبل المشرق. باختصار نريدها دولة تضيف للإرث الحضاري وتساهم في التقدم العلمي والنشاط الاقتصادي العالمي، دولة تساهم في استقرار الأمن القومي الاقليمي والدولي وتؤثر في اتخاذ القرار السيادي ويكون لها ثقلها بين ألأمم وشعب يفتخر ويعتز بالانتماء لدولة ناجحة ويحظى بالاحترام سواء في الداخل أو الخارج. بقلم/ مصطفى مبجر