تحتفل الكويت بعيدها الوطني الذي يجمع مناسبتين تاريخيتين مجيدتين هما عيد الاستقلال وعيد الجلوس؛ فقد حصلت الكويت على استقلالها في 19 يونيو 1961 في عهد الأمير عبدالله السالم الصباح الذي تولى الحكم في 25 فبراير 1950، فتم جمع المناسبتين في واحدة: 25 فبراير: العيد الوطني لدولة الكويت الذي تحتفل اليوم بذكراه السادسة والخمسين. وقد ارتبط اسم دولة الكويت بالكثير من مقومات الحياة المدنية الحديثة؛ فقد كانت قيم الحرية والديمقراطية والحياة البرلمانية من المبادئ الأساسية التي صاغها أول دستور تضعه الدولة بعد استقلالها مباشرة، والذي شكل النهج الذي سارت عليه الكويت ولم تحد عنه منذ ذلك الحين وحتى وقتنا الراهن. وعلى ذلك فقد شهدت البلاد في يناير 1963 انتخابات نيابية هي الأولى ليس في الكويت فحسب، بل وفي كل المنطقة العربية تقريباً، وأفضت إلى ولادة أول سلطة تشريعية ورقابية، "مجلس الأمة"، التي ظلت تمارس دورها التشريعي والرقابي على مدى العقود الماضية بطريقة متميزة. والكويت هي الدولة العربية الوحيدة التي لم تعمل، منذ تأسيسها، على إقصاء الآخر أو تكميمه وتقييده أو إنهائه، كما كان يحصل في معظم، إن لم يكن كل، البلدان العربية خلال القرن الماضي، والذي ما زال كذلك في بعضها حتى الآن. وعلى خلاف ما كان سائداً في بلدان المنطقة، كانت الكويت تتمتع بمساحة واسعة في مجال الحريات العامة، وحرية الصحافة والنشر والتعبير وخلاف ذلك. كما اصبحت الكويت خلال عقد الثمانينات تشكل مركزاً للإشعاع الثقافي والفكري في المنطقة العربية، والذي تعمل على استعادة وهجه بعد أن خفت بفعل الغزو العراقي الغاشم الذي استهدف القضاء على تلك المكانة المتميزة التي ظلت دولة الكويت تمثلها في محيطها العربي بمجمله وفي مجال العلاقات الخارجية، ظلت الكويت تتبع سياسة متميزة مع كل الدول على اختلافها، ولم تكن تتأثر بالمتغيرات السياسية التي كانت تعصف بالعلاقات بين الدول، وخاصة في المجالات الإنسانية؛ ففي الوقت الذي كانت فيه اليمن الجنوبية، مثلاً، تتعرض لمقاطعة عربية طوال فترة سبعينات القرن الماضي بسبب سياساتها، ظل مكتب دولة الكويت بعدن مفتوحاً لتتواصل من خلاله وبنفس الوتيرة مساعدات الكويت السخية للجنوب في مجالات التعليم والصحة والزراعة وخلاف ذلك. وهكذا بالنسبة لعشرات البلدان التي شملتها الكويت بمساعداتها الإنسانية والإنمائية التي لا تنقطع. وكان لدولة الكويت أفضال كثيرة عليَّ أنا شخصياً؛ فقد درست في جامعتها العتيدة وتخرجت منها عام 1982. وقد كانت السنوات التي عشتها في الكويت من أجمل سنوات عمري؛ كما كانت الكويت تمثل وطني الأول، حيث لم أكن أشعر بالأمان إلاَّ عندما أنزل على أرضها وأحط الرحال فيها. لقد أحببت الكويت، وما زلت وسأبقى كذلك. وهذا هو موقف كل شعب الجنوب في كل وقت وحين تجاه هذا البلد العزيز على قلوب الجنوبيين، والذي عبروا عنه بكل صدق أبان الغزو العراقي، متحدين مواقف صنعاء المؤيدة للغزو، والتي غدت منذ ذلك الحين تقمع إرادة الجنوبيين وتحتل أرضهم وتنهب ثرواتهم، وتمعن في قتلهم وتدمير مدنهم وبيوتهم وكل ما هو جميل في الجنوب. فألف تحية وسلام لدولة الكويت، أرضاً وشعباً وحكومة وأميراً، في عيدهم الوطني المجيد.