أنت لا تقرأين ومع ذلك كان أن نقرأ ونتعلم هدفك الأسمى ذكورا وإناثا . في حين كانت نساء القرية لا يتعلمن كنت يا أمي قد حرصت على تعليم ابنتك الكبيرة حتى استظهرت المصحف ولا زالت حتى اليوم هي الأولى ولا أعلم امرأة تقرأ القرآن في القرية مثل ابنتك عزيزة يا أمي. أما أنا فقد كان لك معي حكاية ونضال كبير وتلك المسافات التي أقطعها إلى المدرسة طوال ست سنوات هي مرحلتي الإعدادية والثانوية في النور الثلث وما يستدعي البكور وتحضير طعام الفطور ما قبل السادسة صباحا. رحلتك التعليمية معي يا أمي لم تكن بتقديم طعام الفطور سندوتش وجبنة أبو ولد كما هي مع طلبة اليوم بل كانت شاقة وتبدأ من قبل ذلك بعديد مراحل من الحب بذرة ومن ثم حصاد إلى الطحن اليدوي وتنور الخبز بالحطب وتقديم ذلك الطعام بعد مجهودات شاقة بدأب ودون كلل كما تطلع الشمس كل يوم أنت كما عقارب الساعة التي لا تتوقف ولا تعرفين يا أمي هل كنت مثابرا كمثابرتك اليومية وعلى مدار الساعة واليوم والأسبوع والشهر وسنيين طويلة وحتى اليوم لا زلت طفلا وأنت الحنونة. أمي: كنت تزرعين متوكلة على الله مخلصة صادقة ولا تعرفين ما الذي أفعل وقد كان الله يرعى زرعك فلم ييبس أو تأتي عليه الجوائح. أمي ومثلك الكثيرات كنتن صادقات ومخلصات فكانت أجيال تعلمت بعكس طلاب اليوم وأمهاتهن والفشل برغم الضجيج. لن أنس يا أمي وأنا على مقعد الدراسة وفي جامعة تعز ويومها كانت الجامعات علم ومعرفة لا كما أصبحت اليوم دكاكين وقراطيس تبيع شهادات إلا ما رحم الله والنادر الذي لا حكم له، لن أنسى ما كنت تجودين به من مصروف وبكيت ذات يوم ما الذي سأكون لها وتنتظر بكل هذا النضال والقلق وتنشغلين بي كل هذا الهم والانشغال.. أمي أنا كما تتوقعين ولن أحيد قيد أنملة فأنا لك كل الحب وأكثر وذلك كل ما أملك تجاهك بعد أن صادرت السياسة طموحاتنا وآمالنا وقدمت ما حقه التأخير وأخرت ما حقه التقديم . أنت يا أمي الوطن الذي بقي بعد ما صودر الأوطان ولم يعد لي ولك الأم وكل اليمنيين ذلك الوطن المرجو. قلت لك ذات مرة لا أملك إلا أن أقول لك: أنا لك أم وأنت أمي، فهل ترضين؟ طبعا ذلك هو المقام الذي تستحقين وصعب أن أكون. أستغفرك أمي وأسأل الرضا. حفظك الله ودمت بالصحة والعافية وطول العمر..