إذا نظر الواحد منا شمالاً و جنوباً و أستعرض التاريخ سيستنتج جمله من الامور المُهمة التي تشرح المظاهر الواقعيه التي تدل على الطبيعة الحقيقية للشعبين التي اكتسبتها خلال الفترات الطويلة . فاستمرار ديناميكية العمل الجماهيري في الجنوب و تطوره يدل ذلك الى طبيعة هذا الشعب ، فأغلب فئاته دوماً تبحث عن الاستقرار و الكيان الذي يحقق الهوية الوطنية و يستخدم كل ما آمكن و لا تحاصره القيود لذلك هو مستمر بالبحث عن الاستقرار الدائم .
- تحرر الجنوب من الاستعمار البغيض و مُمارساته الاستبدادية الأقصائية تحرر ممن يسلب ثروات ارضه ، تحرر من القمع و التهميش ، لذلك توكل على خالقه و قاد عدة أعمال منها السلمية ، أنتهى بتحرر أرضه على أيادي أبنائه لم ينتظر أحد أن يأخذ دوره في ذلك.
- جاء الحزب الاشتراكي و كرس الشمولية و حاول باستخدام ايدلوجيات لا تمت للواقع بشيء ، لذلك لم يتمكن ان يخلق جو عام من الاستقرار و انتهى بوحدة اندماجية .
لعل ذلك كان خياراً تكتيكياً لم تقدر حساباته ولكن كان لأجل امتصاص غضب الشارع حيث لم يعد يتحمل بسبب المُمارسات الخاطئة و الأيدلوجيات و المؤامرات و انهيار الاقتصاد ، توحد الشارع ولكن اغتصبت الارض و السلطة و انتهى بحرب 1994م .
- ابدأ شعب الجنوب حسن النية و تحمل مُمارسات المنتصر فنُهبت مقدرات الشعب و تم تأميم الثروة و أستمر مسلسل حرمان أبناء الأرض من ثروته و تم قتل الكوادر و تسريحها.
ولكن هيهات ذلك ان يستمر مع شعب لم يُؤدلج و لم يؤمن بحكم القبيلة أو الشيخ أو الفرد فتحركت الجماهير سلمياً تطالب بحقوقها.
و لكن هكذا هي أفعال المنتصر تم قمع الحركات الجماهيرية و تم شيطنتها لأن نشوة الانتصار لم تفارق عقول القوى الشمالية المُتنفذة و لم تؤمن بالوحدة و ساندها خلال فترات طويلة اغلب الاحزاب المُؤدلجه .
حيث انتصرت مصالحها العليا على حقوق الشارع فقد كانت ادوات تمارس السياسة لأهدافها و مصالحها رغم بعض التيارات في بعض الاحزاب التي كان لها رأيها إلا أن قُدسية القرار كان سداً مانعاً لآرائهم.
- جاءت الحرب الاخيرة 2015 م لتُثبت أن الشعب في الجنوب لم يكن يوماً حبيس نزوات و رغبات الفرد أو العائله أو مصالح الحزب ، فخرجت الأُسد من عرينها تدافع عن الدين و العرض و الارض فهذا يدل على عشق هذه الجماهير للعيش بكرامة و حرية و لا تحب أن تعيش بداخل ( الدوله المشوه وراثياً ) .
تحررت الارض و ستنشق الشارع الحرية وبدأ بتحرير مؤسساته ايذاناً لبنائها من جديد على أُسس قوية وهي مستمرة بتطهير الارض من مخلفات الماضي التي تغلغلت ، فالعمل الجراحي مستمر فهذه مُحصلة عقود عجاف وهاهي منخرطة بعمل جماهيري لنيل استقلاها فهي ( حيوية وراثياً ) و ليست مُؤدلجه بسياسة الإتباع تريد الاستقرار و العيش بكرامه بوطن يتسع للجميع.
لم يشعر الشعب الجنوبي بالظلم كما شعره مُؤخراً بالفعل تم الغدر به و طعنه بخسه و لُؤم ، تم تكفيره و تصنيفه انه شعب ارهابي و يأوي الارهابيين تم قتل الثقة ، شعب اعزل مظلوم آمنَ بالآخر بوحدة خُدع بها فكانت وحدة جور و إجحاف.
فهذا ما تميز به اغلب الشعب الجنوبي خلال التاريخ لم تكن أفكاره ( مشوه وراثياً ) و لم يؤمن بأيدلوجية الإتباع فهو حيوي يبحث عن الاستقرار بنفسه.
إذا عدنا للشمال الذي عاش فترة طويلة من التجهيل الذي أعتمده (نظام الإمامه ) كأحد وسائل القمع و البقاء بالحكم ، قامت حركات تحررية عديدة بدعم دول الاشقاء ولكن للأسف كان الولاء للإمام من اغلب ( القبائل ) ادت الى نهاية مأساوية لتلك الحركات.
حتى جاء الدعم المصري ليُساند الشعب ، تحررت صنعاء و تم الإعلان عن مجلس رئاسي ولكن لم تستكين بعض القبائل فستمرت طويلاً تُعادي كل جهودات استقرار نظام الحكم بالشمال حتى جاءت سنة 1979 م ، لتُعلن تزاوج جديد بين ( الملكيين و القبائل و العسكر و المُؤدلجين ).
فكان ذلك هو شكل الدوله الحديثة في الشمال خضع الكل لها ، و لكن لم تمارس أعمال الدوله إنما غلب عليها الأفعال ( المكتسبه وراثياً ) و هو حب التسلط و الفيد و النهب قادت معارك في الوسط ، و استخدمت كل الوسائل لضم الجنوب فمقدراته جعلت القوى الحاكمه في الشمال تنظر للجنوب نظرة الطامع المغلف بالحب المحرم.
عاش الشعب بالشمال فترة إضافية من التجهيل رغم رأسمالية توجه الدوله المعدله وراثياً ادى ذلك لازدياد الشريحة الشعبية التي تأثرت بتلك الأعمال التي تم مُمارستها من قوى الحكم .
ووجدت تلك القوى مسانده من بعض فئات الشعب كنتيجة للأعراف و التداخل الاجتماعي ، و طال أمد فكر الدوله المعدله وراثياً فتعززت لدى بعض فئات الشعب صفات التبعية و الانقياد و فكر القبيلة و أنحصر دور الدوله في المعاملات الرسمية .
- وقعت حرب 2015م التي كانت مفارقه عجيبة وهو عودة النزعه الملكية التي بطشت بالكل، فكانت ظاهرة متوقعه بسبب هيكل الدوله ، ولكن ليس بهذا المظهر الطائفي التي ترى هي صاحبت الحق الإلهي بالحكم ، وكيف تعايش معها بعض فئات الشعب هل ذلك خوفاً او الشعور بوجود تقارب بسبب العادات و الاعراف.
- العجب من الفئة المؤدلجه كيف ارتضت البقاء طول هذه المدة تحت هكذا نظام ، بل تجد من يغض الطرف و يهاجم الحركات الجماهيرية في الجنوب التي تريد الخلاص من هكذا حكم ، فهل تلك الفئة منتظِره كما حدث سابقاً قوه تحرر الارض و تسلمهم اياها فهذا غير ممكن وفق هكذا معطيات.
- حيث تبين بعد ثورة 2011م التي كانت خطوه ايجابية لشعب الشمال وذلك للتخلص من الافكار التي اكتسبت وراثياً من الحقب السابقه ، ولكن هيهات غلبت الفئة الحاكمه و أركان الدوله المعدله وراثياً ، فتم الانقلاب على الثورة باتفاقات حزبية كانت نتيجتها حرب 2015م حيث انتصرت المصالح العليا للأحزاب على إرادة التغيير .
وهاهي بعض تلك القوى اليوم تخضع و تسلم الشعب للقتل و النهب و هي تبحث عن المحاصصه ، وما ستتفيده و تكسبه من هذه الحرب على حساب الاطفال و النساء و الشيوخ.
- أما آن لشعب الشمال الواقع تحت الظلم أن يتخلص من الأفكار و الأوهام التي اكتسبها وراثياً ، فتحرره بيده و استقراره بيده بعد توكله على خالقه ، لابد من التخلص من اركان الدوله المعدله وراثياً ، غير ذلك ماهر الا استمرار لسياسة التجهيل بأشكال منمقه.
فأركان الدوله المعدله وراثياً ( عسكرية و ملكية و مؤد لجين و قبائل ) تؤدي أدوار مسرحية كل فترة من الزمن ، وبقية فئات الشعب مستمر بالعيش في ظل هكذا دوله ، و كل يوم تزداد الشريحة التي تكتسب من افعال هذه الدوله.
فاستمرار الوضع هكذا في الشمال و استمرار القوى الحاكمه تسيطر على الوضع ، و تُظهر الشر و العداء للجنوب ، فكل فترة تقود حرباً تحت مبررات واهية ، و هاهي اليوم تخلع عباءة الملكية و تلبس العباءة العسكرية و تخوض مُساومات سياسية على حساب الدماء و مقدرات الكل.
و تخوض الفرق المُؤدلجة حملات تشويهية ضد كل من يُطالب بوطن مستقر ، فاستمرار الوضع بظل هكذا منظومة حكم لن يقودنا أبداً نحو دوله حقيقية تحت اي شكل من اشكال الاتحاد و لن تجدي فكرة الحكومة الرشيدة ، فقد كان مشروع مارشال الى حدٍ ما حرباً من أجل العقول ، و الآثار التي تم اكتسابها من الماضي و لم يعتمد تدويرها.