سأحاول في هذه الورقة المقتضبة التي أعددتها سريعا في ضؤ التغييرات الإيجابية التي أحدثها قرار محافظ محافظة عدن ، رئيس المجلس المحلي للمحافظة رقم (184) لسنة 2016م بشأن إعادة ترتيب أوضاع المؤسسة العامة للكهرباء بعدن ، وخاصة أن القيادات الجديدة ، شابة ونزيهة ، وترغب في إصلاح أوضاع المؤسسة فنيا وإدارياوماليا ، وهذه الورقة أختزلنا فيها تجربة أكثر من أربعين عاما ، بالقرب من هذا القطاع وقياداته المتعاقبه ، بحكم المناصب التي توليناها كمستشار للطاقة ومعاون للشئون الإقتصادية في المكتب الخاص لرئيس الوزراء ، وعضو المجلس التنفيذي للمحافظة وعضو المجلس الإستشاري للمحافظة وأخيرا عضو مجلس حكماء عدن . وقد حاولنا أولا أن نضع الرؤية الأستراتيجية لتصحيج أوضاع قطاع الكهرباء بعدن ، ثم عمل خطة إجراءات تنفيذية عاجلة ومتوسطة المدى للتغلب على التحديات والمصاعب الراهنة التي تعيشها مؤسسة الكهرباء ، والتي يفترض أن تنفذها القيادة الجديدة للمؤسسة العامة للكهرباء بدعم لامحدود من قبل قيادة السلطة المحلية ، ومؤسستي الرئاسة والحكومه وبدعم من منظمات المجتمع المدني وفي مقدمتهم رجال المال والأعمال . ويجب التنوية بأن هذا الإصلاح الشامل لهذا القطاع يتطلب تحديد الرؤية الأستراتيجة الوافعية بشكل واضح وصريح وشفاف ، ثم توفر الإرادة والعزم للتنفيذ وتوفر الإدارة الفعالة والقوية والحكيمة لترتيب أولويات التنفيذ وفق خطط وبرامج واضحة تتضمن آليات التنفيذ والرقابة والتقييم . لقد وضعنا هذه الرؤية بأفق الدولة الإتحادية المكونة من أقاليم والتي تضع محافظاتعدن ولحج والضالع وأبين في إقليم واحد ، تحت مسمى إقليم عدن ، طبعا مع الإحتفاظ بخصوصية عدن كمنظقة إقتصادية خاصة ، تتمتع بإستقلال إقتصادي ومالي حسب ماقررته مخرجات الحوار الوطني الشامل . 1– جوهر الرؤية الأستراتيجية لتصحيح أوضاع قطاع الكهرباء بعدن : تعتمد الرؤية الأستراتيجية على إعادة تصحيح أوضاع قطاع الكهرباء بعدن ( أو إقليم عدن ) على إعادة صياغة منظومة الطاقة الكهربائية بعدن على أساس أنها خدمة إقتصاديه منتجة يجب أن تعمل وفق أسس إقتصادية وبكفاءة عالية وبتكلفة معقولة وأن يتحمل المستهلكون كلفة هذه الخدمة كل حسب إستهلاكه الفعلي ولا يعفى أحد منها ، وأنها خدمة يجب أن توفر مقومات تنمية منظومتها الأنتاجية والتوزيعية وفقا لإحتياجات النمو السكاني والنمو الحضري بإستمرار بالإعتماد على ذاتها ، ولايمنع ذلك من لجوئها إلى الإقتراض بشروط ميسره من الحكومة أو الجهات الممولة أي كانت بنوك تجارية أو إسلامية أو منظمات دولية أو أقليمة مانحة أو الدخول في شراكة مع القطاع الخاص ، وفق قانون الشراكة مع القطاع الخاص في كل أو جزء من مكونات المنظومة ، أو الحصول على دعم من قبل الدولة ،فيما إذا كانت الدولة تريد أن تدعم أي شريجة مجتمعة في ظل الوفرة لديها . ولكن ذلك لا يستحب ، نتيجة للتجربة المريرة التي مرت بها المنظومة خلال ال50 عاما الماضية والتي كانت احد الأسباب الرئيسة لتعثر مسار تنمية هذا القطاع بعد أن أستنزف الدعم حوالي 3 مليارات دولار خلال العشر السنين الماصة فقط . كما يجب عند أعادة تصحيح أوضاع هذا القطاع أن يتم الفصل بين المكونات الثلاثة للمنظومة ، التوليد ، والنقل والتوزيع وجعل العلاقات بين هذه المكونات الثلاثة ، علاقة تحكمها العلاقات القانونية المتبادلة على أسس إقتصادية متينة وثابته . وفي كل الأحوال ، إذا ظلت مسئولية إدارة هذا القطاع على أساس مؤسسة حكومية ، فيجب أن تمنح الإستقلال المالي والإداري والفني لتعمل وفق آلية السوق وعلى أسس مؤسسة تجارية خدمية منتجة ، تقدم سلعة أساسية ، لا غني عنها من قبل كل المستهلكين ، ولاتسأل عنها الحكومة ، الآّ في حدود الدعم المقدم لها من الحكومة دون التدخل في شئونها الداخلية ، ويجب أن تدار من قبل مجلس إدارة متخصص يحافظ على مصالحها أمام الجميع الدولة والمجتمع . ولايمنع أن يفتح المجال للمنافسة الشريفة بين محتلف القطاعات لتقديم هذه الخدمة المنتجة على أساس عادل لخدمة كل المستهلكين أو لقطاعات محددة من المستهلكين . كما يجب إعتبار المنظومة الكهربائية للمحافظات الأربع عدن ولحج والضالع وأبين منظومة وطنية واحدة تبرر تشغيلها بكفاءة إقتصادية وبتغطية سكانية مناسبة ، وفي كل الأحوال صيفا وشتاء مع الأخذ بعين الإعتبار إمكانية الإحتفاظ بالربط بالشبكة الوطنية العامة لإستخدامها عند الحاجة والطوارىء في سد النقص في الطاقة أو تصدير الفائض . وفي كل الأحوال يجب على كل المنظومة الأنتاجية للتوليد يجب أن تعتمد على محطات تعمل بالتوريبينات الغازية أو البخارية التي تعتمد على الغاز أو الوقود الثقيل ( المازوت ) أو الفحم وعلى أساس محطات Base Load Stations ، وليس محطات تعتمد على مولدات الديزل Beak Load Stations ، إلا لحالات الأستخدام الإحتياطي ، وذلك لتخفيض كلفة الأنتاج والتشغيل والصيانة ولضمان عمر اطول للمنظومة الكهربائية . كما لابد من إمتلاك المنظومة لخطوط النقل العالي بمكوناتها الثلاثة بقدرة 133 ألف كيلوفولت ، و33 ألف كيلوفولت و11 ألف كيلوفولت بكابلات أرضية أو هوائية على كامل نظاق التغطية الكهربائية ، وأن يعاد نشر محطات التوزيع للرفع والخفض على المناطق وفقا لحاجتها الفعلية والمتوقعة بحيث تضمن توزيع الأحمال يضمن إستقرار وإنسيابية التيار الكهربائي في كل المناطق بصورة عادلة . هذه هي جوهر الرؤية ، ويمكن تلخيصها في الإضاءت التالية : - * · أن يعاد صياغة قطاع المنظومة الكهربائية على أساس أنها خدمة إقتصادية منتجه ، تعمل وفق أسس إقتصادية وبكفاءه عالية وبتكلفة معقولة * · أن يتحمل المستهلكون لهذه الخدمة كلفتها كل حسب إستهلاكه الفعلي ، ولايعفي أحدا منها * · يجب أن توفر هذه الخدمة مقومات تنمية منظومتها الأنتاجية والتوزيعية وفقا لإجتياجات السكان في النمو السكاني والحضري ، بإستمرار بالإعتماد على ذاتها * · لا يمنع من أن تلجاء للأقتراض بشروط ميسره ، من الحكومة أو من البنوك التجارية أو الأسلامية أو منظمات التمويل الإقليمية والدولية * · إمكانية الشراكة مع القطاع الخاص وفق قانون الشراكة ، في جزء أو كل من مكونات المنظومة * · الفصل بين مكونات المنظومة الأنتاجية ( التوليد ) والنقل والتوزيع وتنظيم العلاقة بين هذه المكونات على أساس علاقات تعاقدية إقتصادية واضحة وشفافة وملزمة * · منح الإستقلالية المالية والإدارية والفنية ، إذا ظلت خدمة الكهرباء بمنظومتها الكاملة أو الجزئية تتبع للمؤسسة الحكومية " المؤسسة العامة للكهرباء " وعلى أن تدار من قبل مجلس إدارة معين مستقل عن القرارات الحكومية وتعمل وفق أسس تجارية وفق لآليات السوق * · فتح مجال المنافسة الشريفة بدون إحتكار في كل أو جزء من المنظومة الكهربائية لكل القطاعات على أساس عادل لخدمة كل المستهلكين أو لقطاعات محددة من المستهلكين * · إعتبار المنظومة الكهربائية للمحافظات الأربع عدن ولحج والضالع وأبين منظومة وطنية واحدة تبرر تشغيلها بكفاءة إقتصادية وبتغطية سكانية مناسبة ، وفي كل الأحوال صيفا وشتاء مع الأخذ بعين الإعتبار إمكانية الإحتفاظ بالربط بالشبكة الوطنية العامة لإستخدامها عند الحاجة والطوارىء * · يجب على كل المنظومة الأنتاجية للتوليد ، أن تعتمد على محطات تعمل بالتوريبينات الغازية أو البخارية التي تعتمد على الغاز أو الوقود الثقيل ( المازوت ) أو الفحم وعلى أساس محطات Base Load Stations ، وليس محطات تعتمد على مولدات الديزل Beak Load Stations ، إلا لحالات الأستخدام الإحتياطي ، وذلك لتخفيض كلفة الأنتاج والتشغيل والصيانة ولضمان عمر اطول للمنظومة الكهربائية . * · إمتلاك المنظومة لخطوط النقل العالي بمكوناتها الثلاثة بقدرة 133 ألف كيلوفولت ، و33 ألف كيلوفولت و11 ألف كيلوفولت بكابلات أرضية أو هوائية على كامل نظاق التغطية الكهربائية ، وأن يعاد نشر محطات التوزيع للرفع والخفض على المناطق وفقا لحاجتها الفعلية والمتوقعة بحيث تضمن توزيع الأحمال يضمن إستقرار وإنسيابية التيار الكهربائي في كل المناطق بصورة عادلة .
2 –ماهي التحديات والتهديدات القائمة الراهنة في قطاع الكهرباء بعدن : يمكن يمكن تحديد وتلخيص التحديات والتهديدات الراهنة في منظومة الكهرباء بعدن وفي إدارتها كماهي في شهر مايو 2016م والتي تنتصب أمام القيادة الجديدة في المؤسسة التي أعلن عن تعيينها يوم امس هي الأتي : - 1. نقص أو عجز حاد في طاقة التوليد بمنظومة عدن وصلت إلى حوالي 58 % ، حيث وصل إجمالي التوليد حتى السبت 28 مايو 2016م قبل مشكلة نفاذ الديزل 148.4 ميجاوات والعجز 206 ميجاوات وإجمالي الحمل المطلوب 354.4 ميجاوات . وبعد نفاذ الديزل من محطات خورمكسر وحجيف والملعب ، فقد فقدت المنظومة حوالي 75 ميجاوات يوم أمس ، وقد تنخفض القدرة المولدة هذا اليوم إلى حوالي 75 ميجاوات ، بعجز كلي حوالي 78 % من الحمل الأقصى ، مالم تسعف المحطات بكميات من الديزل والمازوت اليوم وليس غدا 2. بالرغم من هذا العجز في التوليد ، فإن نصفه يعتبر فاقد فني وغير فني عبر الأستهلاك الداخلي أو التسرب في الشبكات أو السرقات والربط العشوائي من الشبكة العامة ، ويشكل حوالي 50 % من حجم التوليد ، أي أن مايحتسب أنه مباع لا يشكل سوى 50 من الطاقة المولدة . وبالتالي فقد صرف على هذا التوليد نفقات وقود وزيوت ورواتب ونفقات تشغيل أخرى لم تحصلها المؤسسة 3. إن عدم ضمان إنتظام تزويد المحطات بالوقود من ديزل ومازوت وزيوت وفلاتر وقطع غيار ، في ظل عدم قدرة مؤسسة الكهرباء على تسديد قيمة هذه المواد يعتبر من أكبر التهديدات والتحديات على إمكانية ضمان إستمرار تقديم خدمة الكهرباء 4. إن كل المحطات العاملة قد أنتهى عمرها الإقتراضي ، فمحطة الحسوة قد أنتهى عمرها الإفتراضي قبل مدة طويلة ، والآن تشغل بكلفة عالية جدا تصل إلى 3- 5 أضعاف مثيلاتها من المحطات ، وقد أستنزفت لتشغيلها خلال العشر السنوات الماضية ، مايربو على كلفة إقامة خمس محطات مماثلة ، أما محطات الديزل في المنصورة فقد عملت بدون توقف وبدون إجراء عمرات أو صيانة ،وبالتالي فهي قد أستهلكت ، وتوقفت الأولى والثانية بعد أجاء عمرة لها ب 23 مليون يورو ، الآن تعمل تحت الخطر لأنه مفترض أن تتوقف لأجراء الصيانة الدورية عليها بعد عمل أكثر من 12 ألف ساعة تشغيل . ولم يتبقى سوى محطات الطاقة المؤجرة والتي هي حل كارثي أستنزفت ملايين الدولارات ، كان يمكن أن تبنى فيها العديد من المحطات ، أذن فلابد من إنشاء محطات بديلة وفق الرؤية الموضحة أعلاه وتوقيف كل المحطات العاملة التي تستنزف الأموال بعبثية لا مثيل لها 5. إن كل مخزونات مؤسسة الكهرباء من مواد شبكة ومحولات وقطع غيار ، ومنشآت وآليات وأدوات عمل ، قد دمرت أو نهبت أثناء الحرب ، ولم تعوض عنها أبدا ،قيما عدى بعض المساعدات الأماراتية الأسعافية للتشغيل المؤقت ، وأصبحت المؤسسة في شح شديد لكل منطلبات العمل والتشغيل والصيانه والإصلاحات ، بدء من المحولات والفيديرات والكابلات ومواد الشبكة ، وحتى الأليات الخاصة بالطوارىء أصبحت شحيحة ولا تلبي الأحتياجات المطلوبة ، وكل التشغيل للشبكات بعد الحرب تمت بحلول مؤقتة ، ومازالت حتى الآن بحلول مؤقتة وليست دائمة 6. إن ظاهره السطو على الشبكات العامة أو أعمدة النور ، وسرقة التيار الكهربائي ، أصبحت شائعة وهي السائدة في كل المناطق العشوائية والتي بنيت أثناء وبعد الحرب ،وكلها تستهلك الكهرباء مجانا ناهيك عن الأخطار التي تسببها تلك الأعمال على الشبكات وعلى المستهلكين النظاميين الأخرين ، كما أن إحتلاس الكهرباء في بعض المناطق المرتفعة من أحياء عدن والتي يصعب الوصول إليها . وعند الإختلاس يتوسع المختلسون في إستهلاك الكهرباء للتكييف وأغراض أخرى ، الأمر الذي يؤثر ذلك على الشبكات ودائما ما تتعرض تلك المناطق لأحتراق الكابلات ، وحوادث حريق ، وللأسف بعض موظفي الكهرباء هم من يساعدوا في تلك الأختلاسات 7. تعاني مؤسسة الكهرباء من وضع مالي صعب جدا بكل المقاييس ، فبالرغم من أن الطاقة المباعة تصل إلى أكثر من مليار رسال شهريا ، إلأّ أن التحصيل لايتجاوز ال 15 % من قيمة الكهرباء المباعة ، ويتركز التسديد بنسبة 13 % من القطاع التجاري ، أما القطاع المنزلي فلايدفع سوى 2 % من إجمالي المتحصلات الشهرية ، وذلك بسبب إمتناع المستهلكين من سداد قيمة إستهلاك الكهرباء منذ عام 2011م ، وتراكمت المديونيات التي على المستهلكين لتصل إلى 25 مليار ريال ، بينما عليها مديوينات للغير ( لشركة النفط مقابل الوقود وآخرين ) بحوالي 15 مليون دولار وأكثر من مليار ريال يمني . 8. تنؤ مؤسسة الكهرباء بحمل ثقيل في مجال القوى العاملة ،ففيها تضخم عمالة كبير وصل إلى 2752 موظف منهم 1016 موظفين في الشئون الإدارية والمالية و1736 موظفا فنيا ، ويعتبر ذلك من أعلى المعدلات العالميه لأنتاج حتى 200 ميجاوات أي حوالي 13 موظف لإنتاج الميجاوات الواحد . لذلك سيظل هذا الوضع يضغط بشكل كبير على فعالية وكفاءة التشغيل في المؤسسة 9. تعاني الأوضاع الأدارية والمالية من ضعف شديد في الألتزام بنظم وقوانين العمل ، وتسيب في تطبيق الثواب والعقاب ، وتدخل النقابات في أعمال الأدارات وكثرة الإضرايات والأعتصامات والمكالبة بالحقوق دون الألتزام بالواجبات وتفشي الفساد في تقديم الخدمات للمواطنين والعديد من الترهل في تطبيق أنظمة شئون الموظفين والمناقصات وغيرها من أعمال المؤسسة .
لذلك أمام كل تلك التحديات والتهديدات والمصاعب فقد إقترحنا خطط عمل عاجلة لمواجهة هذه التحديات ، وخطط عمل متوسطة ألأجل لمواجهة هذه التحديات ، وخارطة طريق للوصول إلى أهداف الرؤية الإستراتيجية التي وضعناها في مقدمة هذه الورقة ، وسنوجل طرح هذه الخطط وخارظة الطريق وآليات التنفيذ إلى حين مناقشة تلك الخطط مع القيادة الجديدة للمؤسسة . وسوف نعرضها عليكم في الجزء الثاني من هذه الورقة في غضون اليمين القادمين 3 – الخطة العاجلة لمواجهة التحديات والتهديدات القائمة : ( مؤجل عرضها إلى حين مناقشتها مع القيادة الجديدة للمؤسسة ) 4 – الخطة المتوسطة الآجل لمواجهة التحديات والتهديدات القائمة : ( مؤجل عرضها إلى حين مناقشتها مع القيادة الجديدة للمؤسسة ) 5 – خارظة طريق لتنفيذ الخطط ، وآلية التنفيذ والرقابة والتقييم لهذه الخطط : ( مؤجل عرضها إلى حين مناقشتها مع القيادة الجديدة للمؤسسة )