*يبدو أن مهمة وزير الاعلام الجديد (معمر الارياني) تختزل في بيانات النعي وتوزيع ملحقات التعازي ..! * من نعي الى نعي ، ومن تعزية الى تعزية تتساقط القامات الابداعية في مجال الاعلام الجنوبي ، كما يتساقط الذباب أمام رذاذ (بف باف)..! * وما على وزير الاعلام الا متابعة صفحات الوفيات حتى (يفسبك) لنا تعازيه الحارة التي لا تخلو من تقرحات في المعدة . ! *قبل أيام ناشدت مختلف المواقع الالكترونية وزير الاعلام بسرعة التدخل الفوري لانقاذ حياة المبدع المخضرم (جميل محمد أحمد) ، كان الرجل يحتضر في انتظار لفتة انسانية من الوزير الشاب الذي لف الوزارات في فترة قياسية تفوق فيها على (السبع المدهش) ..! * لم يكلف الوزير نفسه برفع سماعة الهاتف والسؤال عن أحوال مدير اذاعة عدن ، ان لم يكن من باب أنه وزير لوزارة تعنى بالمبدعين ، فعلى الأقل من باب انساني بحت لا علاقة له بمتواليات المطالب ، فالسؤال يا (معمر) لغير الله مذلة ..! * أدري أنك وزير تحت الطلب ، يوم في الزيت ، ويوم في الماء ، لكن هذا لا يعفيك من أنك وجهت صفعة على خد مبدعي اذاعة عدن ..! * ولن أكون سئ الظن وأنا أجزم أن المرض العضال ان كان قد داهم اعلامي شمالي ، لهب (معمر الارياني) من فراشة باحثا عن حل ومخرج ، هكذا الدماء تحن لبعضها البعض ..! *عندما كان الأخ الوزير المحظوظ الذي ولد وفي فمه ملعقة وزارية من ذهب ، مجرد نطفة في رحم المجهول ، كان الاستاذ (جميل محمد أحمد) يبني طودا للابداع الاعلامي بمختلف ألوانه ، وكانت المحطات الاذاعية العربية تطارد المبدع العدني بحثا عن دفقة ابداع من سيله الثقافي الجارف ..! *وفي الواقع ألتمس بعض العذر للوزير (معمر الارياني) فهو دون شك يجهل تاريخ (جميل محمد أحمد) ، ولم يقرأ سيرته الابداعية ، حتى انه ربما لا يدري أن اذاعة عدن هي أقدم اذاعة في الشرق الأوسط ، وفي الجزيرة والخليج ، فقد كان محشورا في زاوية صنعانية مرت من الشارع غبش ، وهو لا يعي من التاريخ الاذاعي الا ما تيسر من برامج خبرته ، بداية من مسعد الذي يطلب من مسعدة تقع مدبرة ، مرورا ببرامج الريف لعلي يوسف الأمير ، ونهاية بالحش على عباد الله في برنامج (بسمة)..! *بصريح العبارة ، لا يمكن للوزير (معمر ) الا أن يكون وزيرا للتعازي وبيانات النعي ، مع تصريحات تتطاير هنا وهناك عيارها لا يدوش من الاساس ..! * وليس في تقريعي للوزير الجديد شماتة ، فالموت الذي نأكل خبزه حق علينا ، لكن الاشكالية أننا نتجاهل القامات ونتلذذ بنسيانها ، ومع رحيلها تنطلق العاطفة الكاذبة بحثا عن ديباجية رثاء يراها رموز الابداع مسخرة وضحك على المشاعر الانسانية ..! * مات (جميل محمد أحمد) في صمت بعد أن كابد مرضا عضالا ، كان يقتطع من جسده كل يوم عضوا ، لم يشفع له تاريخه المجيد في اذاعة عدن وقد دخلها شابا في عمر الوزير الجديد ، ولم تشفع له اشراقاته وبصماته على الاعلام المرئي والمسموع ، فهذه مؤهلات ساذجة في زمن النفاق والافتراء ، ولو كان الواقع يعترف بالكفاءات لمات (جميل محمد أحمد) وهو يحمل حقيبة وزير الاعلام بدلا من (معمر الارياني) الذي يصلح لكل التموضعات كما هو الحال ببعض خبرته ..! * اندفع البسطاء من أهالي ومبدعي عدن خلف جنازة بسيطة رفع فيها نعش (جميل محمد أحمد) على أكتاف من زاملوه وعشقوا ابداعه ، وعاصروا تاريخه ، في وقت انشغل الوزير بجولة في عدن تدعو الى طلاء الرصيف ..! * سئمنا من برقيات التعازي التي تنهال على قبور مبدعينا الذين عانوا الأمرين من نظام الوحدة ، ومللنا من بيانات النعي التي تسخر من مشاعر مبدعينا ، لم نعد نريد من وزارة الاعلام ووزيرها جزاءا ولا شكورا ، فقط ابعدوا عنا كيد مواساتكم ومراوغاتكم ، فنحن في الجنوب الذي طمستوا تاريخه الاعلامي والريادي ، واختزلتموه في ( زنبيل) وحدتكم الظالمة ، لسنا بحاجة الى دموع تماسيحكم ، ولسنا بحاجة لمواساة من يرعى مع الراعي ويأكل مع الذئب ، دعونا في حالنا الى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا ، وسعيكم مشكور مقدما