تروي السينما الأمريكية قصة قاتل متسلسل يقيد ضحاياه ويحقن اوردتهم بسائل وريدي يحوي مادة مميعة للدم متصل بجهاز تقطير لا يعمل الا بكمبيوتر مرتبط بالشبكة العنكبوتية وكلما زاد عدد المشاهدين للجريمة زادت كمية التقطير وهكذا حتى تموت الضحية . كان المشاهدون يعلمون انهم يشاركون في الجريمة بصورة أو بأخرى ولكن دافع الفضول لدى الناس كان أقوى من رغبتهم الحفاظ على حياة الضحية ؛ فلو لم يهرع الناس لنقل خبر تلك الجريمة ومشاهدة ذاك الموقع لنجت الضحية من الموت وتلك الرسالة التى أراد مخرج ذاك الفلم إيصالها. ان لوسائل التواصل الاجتماعي بشتى أنواعها (فيس بوك/ تويتر/ انستجرام /التيليجرام الواتس آب ) لها تأثير السحر العجيب على عقول ومنطق مستخدميها؛ الأمر أصبح كثير الشبه بحالة فوضوية من تعاطي ووصف العقاقير بدون وصفات طبية وبدون استشارة خبير بتلك العقاقير فكما أن الأجساد عندما تمرض أو تبحث عن العافية لا تسلم إلا لخبير فبالمثل العقول والحواس لا ينبغي أن تسلم انقيادها إلا لذو بصيرة وتخصص. فبغياب الوعي والمنطق أمسى الكثير من مستخدمي تلك الوسائل اداة فعالة ومجانية لأصحاب الأهداف الخبيثة لنشر الشائعات والاتهامات والنزعات المناطقية ووسيلة جيدة لنقل العمليات الإرهابية و مراسل متطوع (بدون اجر)على الجبهة الاعلامية لتنظيم داعش والقاعدة فينقل اخبارهم ومنشوراتهم وفيديوهاتهم لإرهاب أكبر عدد من خلق الله الذين لم يحضروا تلك الجريمة أيا كانت وسلمت يد مخترع مزية قص ولصق !! أن اختراع المحركات ودخول السيارات حياة البشرية ولا تخفى فوائدها الكثيرة لم يمنع من وضع ضوابط لحركة المركبات ابتداءً من رخصة القيادة وحالة قائد المركبة العقلية وكل ما يحويه قانون المرور في شتى بقاع الأرض لجعل تلك الوسيلة أكثر فائدة وامنا ؛ كذلك بالمثل الصحف والكتب المطبوعة والإلكترونية تخضع لقوانين الصحافة المطبوعات وشرف المهنة الإعلامية الذي نصت عليه قوانين هذه المهنة النبيلة . أما وسائط الميديا الاجتماعية فقد تمردت على هذه القوانين بطرق شتى أما بحسابات منتحلة أو لشخصيات وهمية أو أسماء مستعارة وفي بعض الأحيان منشورات لا تعرف لها مصدر ولا لون ولا رائحة. ما نحتاجه اليوم هو حملة ميثاق شرف إعلامي يقودها الإعلاميون ذوي التخصص والدراية على وسائل التواصل الاجتماعي منوهين للضوابط الأخلاقية والمهنية لنقل الخبر والتعاطي مع الأخبار المكذوبة وفقه التلقي والنقل وغربلة النافع والضار ؛ قد تكون الفكرة مثالية أكثر مما يتحمله الوضع الحالي ولكني استظل بقوله صلى الله عليه وسلم : (كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع ) لكي لا نكون ممن قال فيهم هادي البشرية : (ان الرجل ليكذب الكذبة تبلغ الآفاق )