ليلاً كانت الأضواء خافتة في المطار المركزي الرئيسي والوحيد في العاصمة اليمنية صنعاء حينما اقلعت طائرة ملكية سعودية مساء أمس السبت وهي تقل على متنها الرئيس اليمني علي عبدالله صالح الذي لو قدر له ان يطل من نافذة الطائرة لابصر اضواء خافتة تصدر من هنا وهناك جراء الاشتباكات بين قوات موالية له و وأخرى لزعيم قبلي بارز. ترى ما الذي كان يحس به صالح لحظة إقلاع الطائرة اغلب الظن بإن احساسا عميقا ساده بإنه لن يعود وحتى وان عاد فلن تكون هنالك اي قوة عسكرية او امنية في إنتظاره مثلما كان الأمر عليه طوال 33 عاما مضت.
هل انتهى عهد الرئيس صالح الذي استمر 33 عاما منذ العام 1978 وحتى العام 2011 وهل تمكنت الاحتجاجات الشعبية من الإطاحة بحكمه بعد أربعة أشهر من سير عشرات الناشطين الحقوقيين وسط العاصمة اليمنية صنعاء وهتافهم على استحياء "الشعب يريد إسقاط النظام ".
يرى كثير من المراقبين ان عهد الرئيس صالح انتهى برحيله عن العاصمة اليمنية صنعاء وتسلم نائبه مقاليد الحكم بعده لكنهم يرون ان السؤال الأكثر الحاحا اليوم هو ماهو شكل الدولة القادمة في اليمن وهل سيكون مدنيا أم ان الصراعات ستعصف بالبلد .
يوم أمس اعلن البيت الابيض ان جون برينان كبير مساعدي الرئيس باراك أوباما لمكافحة الارهاب تحدث يوم السبت مع عبد ربه منصور هادي نائب الرئيس اليمني وسط اضطرابات متزايدة في اليمن.
وامتنع تومي فيتور المتحدث باسم البيت الابيض عن الادلاء بمزيد من التصريحات بشأن الاتصال بين برينان والحكومة اليمنية التي يعصف بها العنف المتصاعد.
ويسود اليمن حالة من التشوش بعد مغادرة الرئيس علي عبد الله صالح الى السعودية للعلاج الطبي بعد تعرض قصر الرئاسة لهجوم صاروخي يوم الجمعة. ووقع الهجوم بعد اشهر من الاحتجاج العنيف المتزايد ضد حكم صالح الذي بدأ قبل ثلاثة عقود. وذكرت قناة الجزيرة ان نائب الرئيس تولى مهام رئيس الدولة والقائد الاعلى للقوات المسلحة. وقال مسؤول كبير بادارة اوباما بشكل منفصل ان واشنطن تعتقد ان هادي ينظر اليه بشكل ايجابي جدا داخل اليمن. وزار برينان السعودية ودولة الامارات العربية الاسبوع الماضي لابلاغهما قلق اوباما بشأن الوضع الامني المتدهور في اليمن الذي يستخدم كقاعدة لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب لمهاجمة الولاياتالمتحدة .
من جانبها قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن السعوديين الذين استقبلوا صالح في الرياض لعلاجه من الإصابات التي لحقت به سعوا منذ البداية إلى تنحية صالح عن السلطة ونقلها إلى نائبه، كما جاء في مبادرة خليجية رفض الرئيس اليمني توقيعها لأسابيع. وأضافت أنه بالرغم من أن مغادرة صالح لليمن قد تحد من التوترات في صنعاء على المدى القصير فإنه لا توجد خطة واضحة موجودة لتحقيق تحول سياسي دائم في اليمن، مشيرة إلى أن ثمة مخاوف في ظل هذا الفراغ أن تبدأ فصائل المعارضة والمحتجين الشباب في قتال بعضهم البعض. ونسبت الصحيفة إلى مسئولين سعوديين رفضوا الكشف عن هويتهم القول إن صالح وافق فقط على مغادرة اليمن عندما ساءت حالته بعد الهجوم على قصره أمس الأول الجمعة. وأكدت "نيويورك تايمز" -استنادا إلى محللين لم تسمهم- أن "المغادرة المفاجئة لصالح فاجأت اليمنيين وقد تمثل تحديا خطيرا للولايات المتحدة التي تشعر بقلق شديد حيال الفوضى المتصاعدة في اليمن". وبدورها قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن مغادرة صالح لليمن "تجعل من غير المحتمل أن يعود إليها مجددا"، معتبرة أن توجه الرئيس اليمني إلى السعودية "على ما يبدو لتلقي العلاج" زاد من فرص فقدان أحد الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة في الحرب ضد القاعدة بعد أن فقد صالح سيطرته على السلطة وترك خلفه دولة تنزلق نحو الفوضى.
ويواجه اليمن برحيل الرئيس صالح تحديا هو الأقوى من نوعه ويتمثل التحدي بقدرة القيادة الجديدة على وقف انزلاق البلد نحو الفوضى والصراعات المسلحة التي اخذت تتواسع في الكثير من المدن اليمنية .
وقد يمثل اعوان الرئيس صالح وابنائه واقاربه تحديا مماثلا حيث يتخوف كثيرون من أنهم وبما لازالوا يملكونه من سلطة قد يقودون ثورة مضادة لن تسمح باقامة دولة مدنية مدنية . ربما قد يختلف كثيرون حول هذا الأمر ويرى البعض ان الاحتجاجات التي استطاعت الإطاحة بصالح ستكون قادرة على الإطاحة بالاخرين إلا ان الجميع يتفق ان عهد الرئيس صالح انتهى .