* اّلوه .. مقبرة لموات ..؟ يه .. يه .. مقبرة لموات ، منوه انته ..؟ انا الحارس حق المقبرة.. شوه معاك ميت ..؟ لا .. لا.. بس حبيت اتصل الى المقبرة .. هذا واجب علينا نحن الاحياء.. نسأل على لموات من خوتنا ورفاقنا في مسيرة النضال والكفاح .. لانه بعد يومين بنحتفل بعيد (ثلاثين نوفمبر) .. يوم استقلال الجنوب العربي ، في سنة سبعة وستين ميلادية ، من (العجوزة بريطانيه) .. اللى تعاملنا معاها خس معاملة .. طيب شوه للمقبرة من دخل في (ثلاثين نوفمبر) ..وفي هذا الكلام من اصله .. خليّ يا ابني للمتوى حالهم.. عيب عليكم تنكشوا حتى على الميتين .. كفاية الصراعات والتصفيات والحروب اللي وقعت في هذي البلاد ..؟ يا حارس المقبرة .. تبان انته ماشي سمعتني سوى .. انا قصدي (الموتى) من المناضلين والشهداء.. اللي كانوا قياديين وثوار وفدائيين في الثورة حقت الجنوب ، ضد بريطانيه اللي استعمرتنا (مية وتسعة وعشرين سنة) ..ذلحين فهمت..؟ يه فهمت .. والموتى اللي تقصدهم .. هم في المقبرة اللي جنبنا .. وبعضهم الله يعلم وين قبروهم.. كم بتحسب .. وكم بتخّلي .. لان الصراعات كانت كثيرة ، واللي يروحوا فيها كانوا بلا حساب، وبعضهم ماتوا موت الله ، بعد معاناة من المرض وحياة الجحود والنكران .. بس انته تسأل على منوه كلمّني بالصدق..؟ والله شوف.. المناضلين والشهداء والقادة من الرعيل الاولى حقون الثورة اللي راحوا كثير .. مثل لبوزة وفيصل عبداللطيف وقحطان الشعبي وسالمين وعلي جاحص وعنتر ومصلح وشائع ومطيع وعبدالفتاح وجاعم صالح وعلي سالم لعور وسعيد صالح سالم وعبدالعزيز عبده الولي وعبدالملك اسماعيل ومحمد صالح عولقي والحبيشي وعوض الحامد وعلي السلامي وعبدالله الاصنج والذيباني والجونه وعيال امزربة والمنصوري والبيشي وهادي احمد ناصر ومحمد ناصر محمد وعيال السلامي ومحمد عبدالله علي الجفري والعزيبي ونور الدين وعبدالباري قاسم ومعاوية وخالد مفلحي وسالم زين محمد ومهدي علي حمدون وابوبكر علي علوي السقاف واحمد عبده همام وطه مقبل والكعبي ومحمد عيدروس يحيى وبا عبّاد والسليلي وبارادم والقايمة طويلة .. خلاص دلحين فهمتك .. اتصل مرة ثاني بالمقبرة اللي جمبنا .. لان فيها مقبورين من الشهداء والمناضلين وضحايا الصراعات من اللي ذكرت اساميهم .. وقبورهم بالجملة وبعضهم بالتفاريق .. خلاص تمام..؟ ايوه تمام مع السلامة ..! * اّلوه .. الوه .. (مقبرة المناضلين) ..؟ ..ايوه.. نعم.. (مقبرة المناضلين) .. منوه انته..؟ انا (حارس المقبرة) .. طيب كم سنين لك وانته حارس في المقبرة ..؟ لشوه تسألني هذا السؤال من صبح الله ..عيب عليك هذا الكلام .. خلاص منشان خاطرك .. انا حارس في هذي المقبرة من يوم الاستقلال الوطني (ثلاثين نوفمبر) – معناته لك (تسعة واربعين سنة) وانته حارس في هذي المقبرة ومكانك الى ساعتك والان .. طيب حد يجي يزورهم..؟ ايك ياك .. هوه هذا كلام .. مليان كل يوم الزيارة ولا تنقطع .. بس بعضهم .. محد داري وين قبروهم..؟ تصدّق .. ان اسرهم يجّوا كم من يوم لمّا عندي يسألوا ويتخبّروا عن قبور عيالهم .. والله هذا حرام وظلم .. وان للقيادة الاحياء .. ممن يعرفوا عن قبور المفقودين من رفاقهم وخوتهم في النضال .. من ضحايا الصراعات ان يتكلموا .. وان ينطقوا ولو مره وحدة في حياتهم ويقولوا .. وين قبروهم ووين مدفونين .. عيب هذا تاريخ وواجب ادبي واخلاقي وديني .. تجاه اسرهم وعيالهم.. خلاص هذي مرحلة وانتهت .. بس ليه السكوت .. وليه الصمت.. بيت الاقل يعرفوا عن مصير اقاربهم وذويهم وعيالهم .. عيب يجلسوا كل هذي السنين على عماهم.. وقلوبهم كل يوم تتقطع الم وحزن .. والله اني اعرف اسر من لحج وعدن وابين وشبوة والضالع وحضرموت – وبعضهم يتصلوا بي – والله انهم الى ساعتك والان وهم مكانهم يدوروّا لعيالهم .. اللي راحوا فطيس .. في مراحل مختلفة من الصراعات.. يبوا يعرفوا وتبرد قلوبهم قليل عن مصير عيالهم.. هل هم مكانهم احياء .. او (صرفوا) والا (لحسوا) .. واصبحوا في عداد الموتى..؟ انا لله وانا اليه راجعون.. يا عالم .. هذي البلاد تاريخها كله مأسي .. واحزان.. ودموع.. والم.. ومتاعب.. الناس مجروحة .. ومكلومة.. عُمر امها .. وام ابوها.. ما عرفت الفرح.. ولا السعادة .. ولا الابتسامة .. من يوم الاستقلال وحتى هذا الوقت واحسرتاه.. تخرج من حاجة وتدخل في حاجة ثانية .. وللاسف هنوك من يريد اليوم ان يفتح(باب الصراعات) في الجنوب من جديد .. وهذا الباب لازم نقفله الى ابد الّابدين..!
الوه.. الوه.. (حارس مقبرة المناضلين)..؟ ايوه ..ايوه معاك.. خلاص ياخي مع السلامة (قفّل السماعة) .. لا..لا.. انتظر بعض الشهداء يبوا يكلموك.. لا خلاص.. بكلمهم مره ثاني.. ولم احس الا ودموع عيوني تسكب كما المطر .. اصل تذكرت ابناء الشهداء والمناضلين ونسوانهم الارامل وعيالهم الايتام ونحنا على ابواب عيد الاستقلال (ثلاثين نوفمبر) .. بعدين يا جماعة استحوا على نفوسكم قليل وحسنّوا اوضاع اسر الشهداء ومناضلي الثورة .. مشاهراتهم (باولة وبيستين) .. ورحبي يا جنازة فوق لموات..!