مما لا شك فيه بان الأزمة المالية التي تعاني منها الأجهزة الحكومية بالمحافظات الجنوبية المحررة ،كان لها التأثير الأكبر على النشاط الاجتماعي للواجهات الاجتماعية الجنوبية في تحريك الدور المجتمعي المساند بالأداء المدني الهادف الى تفعيل حسن الأداء الحكومي الذي ينعكس إنتاجه ألعملي على الحياة المعيشية للمجتمع ، أما برفع المستوى المعيشي للسكان او تدني المستوى المعيشي وان المستوى المتدني هو في الغالب الذي يلعب دورا مهما في إيجاد مساحات اجتماعية تحرك الواجهات الاجتماعية في أوساط المجتمع ويعتمد ذلك التحرك على أصناف الواجهات أما تحرك بدافع وطني من تلك الواجهات لتغير واقع العيش او بإيعاز من رؤوسا المؤسسات الحكومية والسلطات المحلية في الاتجاه المضاد لتخفيف حدة الاحتقان الشعبي على الأداء الحكومي المؤثر على سبل العيش اليومي للمجتمع او الايعاز من اجل تحقيق مكاسب سياسية من التحرك المجتمعي تكمن مقاصده في نفوس رؤوسا السلطات المحلية والأحزاب التي تمول تلك الواجهات الاجتماعية بالمال .. وهناك حقيقة لربما يجهلها العديد من ابناء شعبنا الجنوبي و تكمن هذه الحقيقة بان هناك صنفين من الواجهات الاجتماعية الجنوبية ، فمنها صنف وطني وهذا النوع بالنادر قل ما تجد منهم وان وجدوا فان وجودهم يكون بمثابة الخصم لرؤساء السلطات المحلية لان هذا الصنف النادر يضع معاناة المجتمع في المرتبة الاولى فوق كل الحسابات الشخصية ولا تتغير أولوية المراتب لديه بالمال وسيولة النقدية التي تعرض بشكل إغراء من قبل رؤساء سلطات المحلية بغرض ان يسيل لعابه كمحاولة منهم لإثنائه عن المعالجات التي حرك لها المجتمع وتشكل ضغط مدني يجبر الأجهزة الحكومية والسلطات المحلية بالعمل على اتخاذ تلك المعالجات بالإجبار والرفض الشعبي دون الاكتراث الى حساباتهم السلطوية والمكاسب السياسية الساعين الى تحقيقها على حساب معاناة المجتمع .
وأما حقيقة الصنف الثاني من الواجهات الاجتماعية الجنوبية وهي سائدة بكثرة عدديه لا حصر لها في أوساط مجتمعنا الجنوبي الممتد من باب المندب الى حوف ، حيث تقف على هرم صفوفه واجهات اجتماعية من الصنف الثاني لايعرف حقيقتها شعبنا بأنها تحمل في ظاهرها شعارات وطنية وفي باطنها نوايا مادية ، وهذا الصنف قد جعل من دوره الاجتماعي في تحريك صفوف المجتمع مهنة للاسترزاق وطلبت الله في كسب الاموال الغير مشروعة التي يدرها عليه رؤساء السلطات المحلية ورؤساء الاحزاب السياسية اليمنية ، ولم يكتفوا بمهنة الاسترزاق ، بل استخدموا ايضا الصفة الوجاهية الاجتماعية في التسول بطلب المساعدات المالية والهبات والتبرعات من الرموز الاعتبارية من فئات المشائخ والسلاطين والتجار الجنوبيين .
وقد انكشفت الغمة و اسدل الستار عن أقنعت الصنف الثاني من الواجهات الاجتماعية الجنوبية و اتضحت حقيقة نواياهم المادية الى عنان السماء ، وتبخرت شعاراتهم الوطنية في اول غليان للازمة المالية بشحة السيولة النقدية في المحافظات الجنوبية المحررة التي جعلت الاجهزة الحكومية والسلطات المحلية عاجزة عن صرف المرتبات الشهرية لموظفيها الحكوميين ، مما أدى ذلك الى تدني مستوى الوضع المعيشي للمجتمع و تفاقم الغضب والاحتقان الشعبي بعدم الرضا على مستوى الأداء الحكومي لرؤساء السلطات المحلية وبلغ الاحتقان ذروته بين صفوف المجتمع الذين يتطلعون الى قيام الواجهات الاجتماعية الجنوبية بدورها وتحرك في أوساط المجتمع لتشكيل ضغط شعبي مدني يسهم في رفع المعاناة عن سبل عيشهم، وطال انتظارهم للواجهات الاجتماعية دون جدوى من ذلك الانتظار ، لان تلك الواجهات قد اثر على دورها المجتمعي مجريات الأزمة المالية الخانقة على الجنوب ولم يعد بمقدور السلطات المحلية تمويلها بالمال و أصبحت منشغلة بالتسول في دواوين ومغايل الشيوخ والسلاطين والتجار لطلب الاموال بشكل شخصي من اجل تحسين ظروف العيش لأفراد أسرهم ، بمنأى عن المعاناة الجماعية التي يعيشها المجتمع الذي كان في أمس الحاجة الى قيام تلك الواجهات بدورها لكن عملية التسول كانت السبب الرئيسي في غيابهم عن المجتمع الذي أضطر الى القيام بدوره من تلقاء نفسه ولم يعد بحاجة الى تأثير تلك الواجهات الاجتماعية بكما يقال في المثل الشعبي ( بعض العرب لأ لحقها بأركه ما ركب وان ركب ما تساوى وان تساوى خرب ) وهذا ما أفرزته وقائع العيش في الشارع الجنوبي بان الازمة المالية أفقدت الواجهات الاجتماعية السيطرة على المجتمع الجنوبي ...