وصل سيادة الرئيس عبدربه منصور هادي إلى مدينة الحب والسلام "المكلا" حضرموتجنوب شرق اليمن، فأنبهر حينها عندما شاهد الأراضي مفترشه بأزهار " الليلك " ذو اللون الأرجواني الذي يرمز للحب في " اليونان "، وكذا المحال التجارية التي تخلت عن عتبة أبوابها منذ زمن بعيد للأمن والاستقرار الذي تشهده المدينة، على سواعد جيش أبناءها النخبة الحضرمية، فتخلى " هادي " عن حراسته الشخصية في مطار" الريان " الدولي، شاقً طريقه صوب سوق الأسماك في شرج باسالم، ليحظى بحوت " غودة " من أحد الباعة الذي تصدق به للخير الوفير المتواجد على طاولته الخشبية، ولم أستغرب ذلك فهذا الطريق الذي يقصده كل مغترب ابتعد عن مدينه لطلب العيش، ليجتر ذكرى قديمة أو حلماً ينزُّ من البال باقتضاب، ولسان حاله يقول "" أن المرء لا يشعر بقيمه الشيء، إلا بعد فقدانه " كانت الحسرة تملأ تقاسيم وجهه الشاحبة، لتأخره عن تقويت الأكلة الشعبية المكلاوية التي يتناولها الأهالي فجراً مع كأس من الحليب والتي يطلق عليها "الباخمري" فعزم على ذلك في اليوم التالي ونال ذلك، إذ تربع على طاولة خشبية مستديرة، ويخالس المارة نظراتهم الطبيعية، شاهراً استغرابه من الحياة البسيطة في المدينة، هازاً كتفه محوقلاً، وكازاً أسنانه غضباً من الأهالي الذين اعتكفوا على أعمالهم الروتينية كل صباح، دون أن يطرق أحدهم عتبة مدينته الخضراء التي ظلت أبوابها مفتوحة في حالة سكون غير طبيعية نحو الأسبوع.
أقترح عليه أحد مستشاريه الخروج إلى المدينة قرب وقت الظهيرة للتجول ومقابلة الناس، لتظهر الصورة جلياً في الأعلام أن حضرموت أنموذجاً للأمن والأمان في ربوع اليمن – وهي إحدى التقليعات الإعلامية التي ابتلينا بها مؤخراً – ولكن لعل الاغتراب يجعل المرء يهتم بلقمة العيش، بعيداً عن مراقبة حال موطنه من خلف الشاشات، فأستقر به التجوال في المدينة إلى الجلوس على الحصير في مدخل مطعم " صادق " للصيادية في حي الشهيد خالد – أحد أحياء المكلا القديمة " وبعد إلتهام الوجبة، حاول باحثاً الارتقاء بمزاجه العالي، والمتواجد بكثرة في الشمال ومحافظات الجنوب، ولكن جميع محاولاته باءت بالفشل إذ أن سلطات حضرموت قد منعت دخول "القات" منذ فترة طويلة في المحافظة، وفرضت عقوبات مشددة لكلّ من تسول له نفسه بتهريبه.
أفاق حينها سيادة الرئيس من حلمه قائلاً :" الحمد لله أنه كابوس .. كابوس"