شرع هادي بكتابة التاريخ ، وحُق له أن يكتب ، لم يكتب هادي بقلمه ، ولكنه كتب التاريخ بإنجازاته ، لقد لملم هادي ماتبقى من الجيش ، واستفاد كثيراً من المقاومة الجنوبية فاتخذها سوطاً يجلد بها ظهر الحوثي وصالح ، ويمرغ أنوفهما في التراب ، وصنع هادي جيشاً قوياً في فترة قصيرة وقصيرة جداً ، وتفحص هادي الجهاز الإداري ، فوجده منهاراً محطماً ، فعادت إليه ذكريات الدولة التي كانت في الجنوب وتذكر ذلك الجهاز الإداري المنضبط والمخلص ، فعاد إلى عدن واتخذها عاصمة لدولته الجديدة ، فوجد كل شيء مرتباً ، ولا يحتاح منه إلا إلى الدعم ليعيد نشاطه وبالفعل قدّم هادي لهم ما يحتاجون إليه ، فبنوا الجهاز الإداري من أول وجديد ، وعاد البنك إلى عدن الحضن الدافئ ، وعاد هادي واستقر في عدن ، وعادت الحكومة تباشر أعمالها من عدن عاصمة اليمن الجديدة ، وعاصمة الجنوب التاريخية ، تفحص هادي القيادات ولم يجد أمهر ولا أبرع من أبناء الجنوب فسلمهم مقاليد الدولة ففي عدن الزبيدي وشلال وكل الشرفاء . وفي لحج الخبجي وفرسانه ، وفي الضالع رجالها الأوفياء صناديد الجنوب ، وفي أبين السعيدي والفضلي ورجال تقط الحديد قطاً ، وفي شبوة لملس ورفاقه رجال الوغى ، وفي الغنّاء بن بريك ودهاة الجنوب والعقول النيرة والكبيرة ، وفي المهرة دهاة العرب ، وفي سقطرى حماة البحر رجال الجنوب الخُلّص ، لقد عرف هادي أنه من بين هؤلاء الرجال تُّبنى الأوطان ، وبدأ هادي بحنكته وهدوءه يبني ما خربه صالح ورفيقه الحوثي ، فمن عدن طار إلى عاصمة الجنوب الثانية ، فوضع حجر الأساس لعدد من المشاريع العملاقة التي حُرمت منها حضرموت في فترة من الزمن ، وأصبح هادي يتحسس الجنوب ويضع يده على مكامن الداء ويصف لها الدواء ، وبدأت الجنوب تتعافى في عهد هادي هذا الرجل الذي أصبحنا ننظر إليه بإعجاب ، وانبهار .
فهو الرئيس الذي يبني في ظل حرب ضروس ، وكأنه يعلمنا كيف لا يستسلم المرء لليأس ، فأعاد هادي لنا الأمل في عودة الحياة وعودة الدولة في وقت فقدنا الأمل في عودتها ، فامض يا سيادة الرئيس وكلنا خلفك جنوداً مجندة لبناء الدولة الحديثة ، فلتسلم أيها العملاق في زمن تقزم فيه المدعون للمجد وللزعامة ، وسلمت يمينك التي وضعت أول حجر للأساس للمشاريع القادمة في دولة يسودها العدل والمساواة ، فامض أيها الداهية المتمرس في ميادين السياسة ، امض هادي وعين الله ترعاك .