إن طريق الثورة والتحرر الوطني وتحقيق الاستقلال وتثبيت النظام الجمهوري لم يكن يوما من الأيام مفروشآ بالورود أو معبّدا طريقه بقدر ماهو طريق شائك وشاق وصعب بل مزود بالأشواك، حيث إن قضية الحرية والتحرر الوطني لا تأتي بطريقة المزايا أو الهبات أو المنحة من النظام الاستعماري الإستبدادي بقدر ماهو انتزاع للقوة وبقدر مايحتاج من الخلاص من الوضع المزري والمتخلف بما خلفه من الإستبداد والظلم والقهر والتخلف والجهل والمرض إلى استرخاص الأرواح وحمل الأنفس على الأكف والنضال من أجل انبلاج فجر يوم جديد، فجر ثورة 14 اكتوبر 1963م، فجر الحرية والتحرر الوطني من الاستعمار البريطاني والخلاص منه الذي لم ولن يأتي الا بفضل أولئك المناضلين والشهداء الأبرار والميامين الذين وهبوا حياتهم وارواحهم قربانا لوطن الجنوب الأبي ولنصرته وعزته وكرامته وشموخه والسير به وفق معطيات العصر والثورة العلمية والتكنولوجية. ويأتي يوم 11فبراير هذا العام 2017م وشعبنا الجنوبي يحقق انتصارات متلاحقة في سبيل التحرر وسقط ويسقط الشهداء تباعا شهداء اكتوبر ونوفمبر والنضال الجنوبي السلمي والحراك الشعبي والجيش الوطني والمقاومة الشعبية.. وجعل 11فبراير إحياء وتكريما ووفاء وعرفانا وتذكيرا لأولئك الشهداء الأبرار والمغاوير بما يمثله هذا اليوم من علامة تاريخية بارزة وصفحة مضيئة من صفحات النضال الهادف والخالد.. وفي يوم الشهداء نحيي ونستذكر مآثر وبطولات أولئك الأبطال الذين صنعوا ملحمة البطولة والنصر العظيم لكل منعطفات الثورة ونحني رؤوسنا إجلالا وتعظيما لأدوارهم المشرفة في ميدان التضحية والفداء.. فإننا وبالقدر نفسه ما إذا كانت الدولة ممثلة بسلطتها قد استطاعت ان تفي ولو بجزء بسيط مما يستحقه هؤلاء الشهداء من إعادة اسمائهم على الاماكن والميادين العامة والمنشئات التي كان المخلوع صالح قد عمد على طمسها ظنا منه طمس تاريخهم ومجدهم وهويتهم الوطنية فإن تاريخ الشهداء سيظل وهاجا مضيئا بما يضمن الإنصاف والرعاية والاهتمام بأسرهم وكذلك المناضلون الذين يعانون من شظف العيش والعوز اليومي. إننا نقولها وبصراحة وبدون وجل او استحياء بأن مظاهر الاحتفاء والتبجيل للشهداء والمناضلين في مثل هذا اليوم قد اصبح مجرد مناسبة نمر عليها مرور الكرام بعد ان كان يوما خالدا يعطى له حقه من التكريم والتذكير للشهداء والمناضلين تقديرا وإجلالا لما اجترحوه من مآثر بطولية رائعة ستظل علامة بارزة وصفحة مضيئة من صفحات النضال الثوري.. ليس هذا فحسب حيث نجد بأنه كان هناك اهتمام كبير يضاهي حجم تلك الأدوار البطولية الرائدة والأستشهاد في سبيل نصرة الوطن وعزته.. فلا بد من إعادة اسماء الشهداء في الأماكن والميادين العامة والشوارع الرئيسة، وإقامة المهرجانات والخطابات وإعادة متاحف الثورة بقصد تذكير الناس والأجيال المتعاقبة بأدوار الشهداء وتاريخهم المشرف والمضييء، وغرس ذلك في أذهان وأدمغة الناس كون تاريخ ثورة اكتوبر 1963م هو خلاصة عصير الحياة ولا بد ان يوجه نحو غايات علمية وتربوية واضحة، حيث ان المعلومات التاريخية تمتاز عما عداها من سائر المعلومات البشرية بالتأثيرات العميقة التي تحدثها بالشعور الوطني وبالأدوار الهامة التي تقوم في عملية التكوين والأستفادة من تأثيرها في تقوية الشعور الوطني الشامخة وإيجاد قوة معنوية تثير في نفوس الشعب قاطبة نزعات الود والتلاحم والتصالح والتسامح والتقدم والسلام وتحفزنا نحو مجد المستقبل الوضاء والواعد. ولقد اصبح كل ذلك في طي النسيان ان لم نقل في حكم العدم.. إننا بحاجة الى جعل التاريخ وهاجا إجلالا لدماء الشهداء الزكية التي روت شجرة الحرية.. وقصدنا من وراء ذلك لفت انتباه الدولة ممثلة بسلطتها لإعادة النظر في رواتب الشهداء وان لا تألو جهدا ازاءهم والمناصلين في كل مراحل الثورة ومنحهم الأوسمة وكل معاني التكريم المادي والمعنوي بما يتلاءمم مع ما قدموه ونذروه للوطن وإعطاء أسر الشهداء ميزة خاصة في كل ميادين الحياة العامة والترفيهية، هذا جزء مما قدمه أولئك الشهداء وعرفانا بدورهم المشرف، هذا شيء بسيط مما يستحقونه وباقة ورد نضعها على قبورهم، واننا على عهدهم ماضون..