القرار الذي اتخذه المجلس الانتقالي الجنوبي بحظر حزب الإصلاح في محافظات الجنوب في فقرة وردت في بيان له أعلنه أمام حشود بساحة المعلا بعدن, يوم الجمعة 7يوليو, : قائلا: (نعلن عن حظر نشاط المنظمات والجماعات الإرهابية والمتشددة المتمثلة في تنظيم جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة وداعش وجماعة الحوثي، في كل محافظات الجنوب).أنتهى. في تقديري الشخصي كان قرارا غير موفقا الى درجة كبيرة . وسنسرد بعض الملاحظات حياله على النحو التالي: أولا:من حيث صيغة البيان, الذي يتحدث عن حظر جماعات إرهابية. فالجماعات الارهابية لا تحتاج الى قرار حظر بل قرارا محاربة, فهي لم يكن مسموحا لها أن تمارس نشاطها الإرهابي حتى نتحدث عن حظر هذا النشاط, ونتخذ قرارات المصادرة والحظر.! ثانيا: لا شك ان هذا القرار أتى كمحاكاة للهواجس الخليجية ضد حركة الاخوان المسلمين التي ينتمي إليها حزب الاصلاح باليمن,وبعث برسالة لدول الإقليم مفادها أن الجنوب يقف في خندقا واحدا معها, وإن خصم الجميع واحد, سيما وأن البيان اضاف الى حزب الاصلاح حركة الحوثيين وتنظيم داعش.قد يكون في ذلك مكسبا سياسيا ولكنه سيكون مؤقتا ومحدوداً.
وأرى أن ثمة تبعات سلبية ستترتب على هذه القرار سيكون الجنوب في فوهة مواجهتها وأقصد هنا مع المجتمع الدولي بالذات وهو المجتمع المؤثر على العالم كله بمن فيه دول الاقليم. فالمجتمع الدولي لن يرى في هذا القرار بصرف النظر عن جديته وبصرف النظر عن صلاحيات هذا المجلس بمثل هكذا قرارات خصوصا وانه لم يستكمل بنيته وبرنامج السياسي بعد. فهو أي المجتمع الدولي وبالذات العالم الحر يرى في التعددية الحزبية عنوانا لصون الحقوق العامة باي دولة بالعالم, ووسيلة مدنية للتعبير عن الرأي, ناهيك عنه انه رمزا للدولة المدنية باي نقطة بالعالم,وبالتالي فمثل هكذا اجراءات كابحة لعمل الاحزاب بما فيها أحزاب الإسلام السياسي كحركة الاخوان . للعلم الولاياتالمتحدة ومعظم دول أوروبا ودول الشرق لم تحضر حركة الاخوان المسلمين حتى اليوم برغم ما تقوله عنها وسائل إعلامها وتصريحات ساستها. بل أن كثيرا من الدول العربية كالبحرين مثلاً يوجد في برلماناتها كثير من اعضاء حركة الاخوان ولم تتخذ بحقهم أي اجراءات برغم أنها تصنفهم حركة ارهابية ,وذلك حرصا منها على وحدة النسيج الوطني.
رابعاً: حزب الإصلاح أساسا لم يعد يمارس نشاطه الحزبي من الجنوب بشكل مباشر بما فيه إصلاح عدن وكل فروع الجنوب. ومقراته أصبحت خاوية على عروشها, وبالتالي فالحظر واغلاق المقرات مثل عدمه.
فالعمل السياسي اليوم هو بأغلبيته عملاً إعلاميا عابر الحدود والقارات, ما يعني ذلك أن مسألة حظر نشاط الأحزاب أو حتى الأفراد باتت في ظل ثورة اتصالات طاغية مسألة عبثية لا جدوى منها, بل تستفيد منها الجهات المحظورة بتوظيفها لذلك الحظر توظيفا مضادا للجهة الحاظرة ونصرة لها -أي للاحزاب المحظورة-. خامسا: كان بيان المجلس الانتقالي المشار اليه آنفا موفقا بفقرته التي تقول: (تمضي هيئة رئاسة المجلس لاستكمال بناه التنظيمية خلال الأيام القليلة القادمة، وعمله على استيعاب كافة القوى والشخصيات الوطنية الجنوبية، بمختلف انتماءاتها الفكرية والثقافية والاجتماعية).أنتهى.
وكان خليقا به ألا يظهر بمظهر المناقض لقوله, فهو في الوقت الذي يؤكد ضرورة الانفتاح على كل القوى اتخذ قرار الحظر.
سنرى في قادم الأيام كيف سيوظّف حزب الاصلاح هذا القرار في اتجاهين على الأقل: - أولاً سيظهر نفسه بأنه حزب مدنية مستهدفا وأن لا حول له ولا طول لردع الجهات التي تستهدفه مما يعني انه حزب مدني لا علاقة له بالارهاب.
-ثانياً: سيرى انها فرصة من ذهب واتته لمهاجمة المجلس الانتقالي الذي هو أي الاصلاح لم ينفك بمهاجمته منذ اليوم الاول لإعلانه, ولن يألو هذا الحزب وماكنتيه الإعلامية والسياسية من التردد باستخدام كل وسائل التشهير بوجه المجلس الانتقالي ,وبوجه القضية الجنوبية برمتها,مما قد يجد المجلس الانتقالي نفسه في موقف المدافع, وهو المجلس الذي يتعرض أصلا لهجمات متعددة من الجهات الأربع داخليا وخارجياَ, وقد يستهلك وقته لتبرير خطوته هذه, وهو في مسيس الحاجة لأن ينصرف لترتيب شأنه واستكمال مؤسساته وإخراج برنامجه السياسي.