إن التركة السيئة الثقيلة التي هي عبارة عن تراكم كم هائل من المشكلات على كافة الأصعدة التي كانت قد خلفتها السياسة العقيمة الغبية التي انتهجها أصحاب العقول المريضة منذ 67 ثم بعد ذلك التواجد اليمني الأكثر تخلفا في الجنوب ، وهي تركة ثقيلة ثبطت عزيمة ومعنويات شعب الجنوب العربي ومازالت تؤرقه ، انعكست أثارها على كافة مناحي الحياة اجتماعية وأمنية واقتصادية ومازالت أثارها السلبية تزحف إلى وقتنا الحاضر ، علاوة على ما كان لها من فعل تدميري عطلت تقدم الجنوب سنوات كثيرة وتجرع الناس مرارتها وبسببها حرمت أجيال من حقهم في العيش بسلام . من منا لا يريد أن يعيش حياة كريمة ولا يريد لبلدة التقدم والرقي والازدهار ، من منا يريد أن يكون في قلق وخوف وفوضى دائمة ، بالتأكيد ستكون الإجابة لا حد منا يريد ذلك ، كلنا نأمل في حياة كريمة ودولة يسودها الأمن والسلام ، إذا لا سبيل إلى ذلك إلا بالتخلص من هذا الموروث السيئ والاستبداد والتركة المتخلفة التي فرضت علينا فرضا بالإكراه ، ومن المنطق أن لا نسمح لها تزحف إلى مستقبلنا ابدآ .
و يطرح البعض السؤال التالي، وهل توجد ثورة كي نتغنى بها أو نعلق عليها الآمال ؟ نعم توجد ثورة ولولاها لما استطاعت جيوش التحالف النزول على الأرض في الجنوب والحصول على موطئ قدم امن ولولاها لما كان هناك شي اسمه شرعية هادي وحكومته ، نعم هنا ثورة أشعل شرارتها الأولى شعب الجنوب العربي بقيادة حركة التحرر الجنوبية ( الحراك الجنوبي ) . لذلك إذا يوجد شعب مثقل بمثل هذه التركة وهذا الظلم يجب أن تكون لديه ثورة وإذا لم تكن لديه ثورة هو شعب لا يستحق الحياة .
لقد أسست حركة التحرر الجنوبية للبدايات الأولى لما يجب أن يكون عليه الجنوب مستقبلا وقطعت شوط كبير في الخلاص من هيمنة الاستبداد اليمني وساهمت أحداث ثلاثي الهيمنة الأخيرة في جمهورية باب اليمن والمتغيرات الإقليمية وتقاطع المصالح التي ظهرت مؤخرا – التي لم تكن في الحسبان – إلى حد بعيد في تغيير المناخ السياسي والهيمنة المطلقة التي كان يتحكم في توجيهها حكام باب اليمن - مكرا – بعيدا عن أحلام شعب الجنوب ، فأصبحت تلك المتغيرات تسير في اتجاه تعزيز ما يأمل إليه شعب الجنوب العربي بثورته المباركة في استعادة وبناء دولة محصنة ضامنة لحياة كريمة للإنسان ومستقبل هذا الجيل و للأجيال القادمة وتستطيع أن تتعايش بسلام مع دول الخليج العربي في أفضل صور التعايش وحسن الجوار انطلاقا من التجانس والتشابه الثقافي والتراثي والمصالح المشتركة بين الشعبين .
المناخ الايجابي حتما سينقل الجنوب العربي من حالة اللا دولة والركود الاقتصادي التي صاحبها إلى دولة تسرع إلى حد ما من الانتعاش الاقتصادي والتقدم والحداثة والرفاهية وتنفض رواسب التركة المتخلفة التي خلفها طابور قادة الماضي السياسي المتخلف .
أصوات أخرى تذيع أن شعب الجنوب يحتاج إلى عشرات السنين ليتعافي ..! وهذا غير صحيح بل ان أصالة هذا الشعب ورقيه يجعله ينتقل ويتفاعل مع متطلبات الحداثة عند قيام الدولة لأنه يمتلك قدرات غير عادية وثقافة عالية تستجيب للتنظيم والنظام والقانون ، وحتى في حال وجد هناك من يشكك في عدم قدرة البعض على سلوك مسلك النقاش الهادئ الخالي من العنف فان هذه المرحلة الأخيرة - التي نرى فيها ملامح دولة قادمة - أثبتت إن شعب الجنوب استفاد من الماضي وانه بمقدوره ألان أن يناقش كل القضايا بصوت هادئ ومتزن ويصغى لوجهات النظر المختلفة ، وقد ظهر ذلك جليا من خلال ممارسة شعب الجنوب الثائر للنشاط الثوري في إطار الحركة التحررية ومن خلال العمل السياسي في المجلس الانتقالي الحامل السياسي ، التي استطاعت أن تقدم نموذج فريد من نوعه في الصمود والثبات والتعقل والنقاش الهادئ المتزن انعكس إيجابا على القاعدة الشعبية التي استحسنته واتخذته جزء من سلوكها في الوسط الشعبي .