فيما لا يزال الجنوب يعاني من تبعات ثورة 14 إكتوبر على المستعمر البريطاني والتي خرج الأحرار فيها لطرد المحتل الأجنبي الذي اغتصب ارضهم ظناً منهم انه وبخروج هذا المحتل سينعمون والأجيال التي بعدهم بالحياة الكريمة كما هو حال الشعوب في الدول التي خرج منها الإستعمار.. من الطبيعي ان تعقب خروج المستعمر سنين عجاف يعاد فيها بناء الإنسان والأرض لما يترك المستعمرين عادةً من الدمار فهم بالتأكيد يأتون لتدمير الدول التي يستعمرونها ليسهل عليهم نهب ثروات تلك الدول ولكن ماعاشه الجنوب مع المستعمر البريطاني يخالف كل اعراف المستعمرين فقد قامت بريطانيا ببناء الإنسان عبر إفساح المجال أمامه لتلقي العلم لإستخدامه فيما بعد لبناء الارض وهذا ماحدث بالفعل ..
عاش الجنوبيين بعد خروج بريطانيا سنين من الإقتتال فيما بينهم مما أعاد عجلة البناء للخلف فما أن إنتهى صراع الجبهة القومية وجبهة التحرير حتى دخل الوطن الجنوبي في صراع الزمرة والطغمة إنتهاءً بتوقيع الوحدة مع الجمهورية العربية اليمنية والتي كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير ..
لم يكن الشماليين بهذه القوة التي تجعلهم يسيطرون على الجنوب وينهبون ثرواته بطريقة لم يسبقهم لها المستعمر البريطاني لولا عمالة كثير من الجنوبيين لعلي صالح وآل الأحمر الذين يظهرون في كل مناسبة يفاخرون بأنهم يملكون الكثير من بائعي الذمم وانهم قادرون على تغيير اللعبة على الأرض الجنوبية في الوقت الذي يرونه مناسب لهم ..
ظن العالم أجمع ان تدخل دول التحالف العربي وفرضها السيطرة على الأرض الجنوبية عبر المقاومة الجنوبية سيجعل من السهل جداًعلى الساسة الجنوبيين إعادة ترتيب صفوفهم خاصة وأنهم يتلقون دعم شعبي غير مسبوق من خلال خروج الجنوبيين بالملايين لتأييدهم وهذا بحد ذاته ورقة رابحة لكل سياسي محنك يواجه بها التحديات ولكن ورغم كل ماتم ذكره إلا ان العقلية السياسية الجنوبية مازالت كما كانت عليه بعد خروج بريطانيا ترفض القبول بالآخر مما جعل كثير من الجنوبيين يَرَوْن ان يوم 14 إكتوبر يجب ان يكون يوم حداد على خروج البريطانيين لا ان يُحتفل لولا الدماء الطاهرة التي سالت على أمل أن تكون هناك دولة يعيش فيها الشعب بكرامته ..