قلت لصاحبي الجنوبي: انتم لا تملكون خبرات الكتالونيين في إدارة إقليمهم، و لا تملكون خبرات الأكراد في إدارة اقليمهم، و لا تملكون حتى الخبراء القانونيون الذين سيفيدونكم بفك الارتباط. قال لي: هم اقلية في دولة و لكننا نحن دولة في دولة، و يحق لنا الانفصال. فلت له: انت تتناقض مع نفسك، فكيف تنفصل؟ و انت تقول انك دولة في دولة؟ قال لي: قضيتنا اقوى و سيذهب شعبنا الجنوبي لتحرير جنوبنا و استعادة دولتنا. قلت له: بأي قانون ستتحرر ، و انت بالقانون لست مُستعمَر، و اي دولة ستعيدها و انت بالقانون الآن لست دولة، و انما اراض في دولة. قال لي: انت إنهزامي، و لا تملك القدرة الثورية لاستعادة بلادنا، فابعد عننا، و لا تُخّرب افكار الشعب. قلت لنفسي: يا ويلتاه..!! لا زال خبراء الصراخ الثوري عائشون؟ ... يا ولدي، دستور الجمهورية اليمنية يقول في اول مادة ان كل اليمن جزء لا يتجزأ، و لا يجوز التنازل عن اي جزء منها..... الخ، إذاً قُل لي كيف ستتحرر، و تستقل، و تستعيد دولتك التي ذهبت الى الوحدة بغباء. لماذا لا نفكر بتشكيل تكتل مثقف و الدعوة لتغيير الدستور، مع بقائنا في الجمهورية اليمنية كإقليم جنوبي لفترة مزمنة، حتى نبني مؤسساتنا الجنوبية بهدوء؟ لماذا لا نفكر بتشكيل فريق قانوني متمكن يصيغ مظلومية الجنوب قانونيا، و كيف انها دخلت الى الوحدة بإتفاق شخصين، حتى ليس حزبين، و لا إستفتاء شعبي، و نتسلح بالقوانين الدولية التي تخدم قضيتنا. يا ولدي يجب ان تدرك انه عند الحديث عن حق انفصال جزء من البلاد (الاقليم) تفسّره القوانين بأنه خلاف بين مفهومي سيادة الامة (الشعب) و سيادة الدولة ، و اين المشروعية في الانفصال و نحن جزء من الدولة؟ يا ولدي ستصطدم بتناقضات سيادة الشعب، و سيادة الدولة، و ما دامك جزء من الشعب ستبقيك الدولة جزء من الشعب، و ستعطيك الدولة متنفسا لاختيار نمط حياتك استنادا الى موروثك من التقاليد و الاعراف و القيم الثقافية، و هكذا سيُنسّوك وطنك الحقيقي. صاحبي الجنوبي كره كلامي، و لكنه سألني : طيب ايش الحل يا عاقل؟ قلت له: العقل ان تكون عاقل، و لا تستعجل بإتخاذ القرارات، كجنوبيين من حقنا ان يكون لنا ممثلا يمثل كل ابناء الجنوب في قضيتهم المعترف بها دوليا، و اقليميا، و قبل تشكيل الممثل، على جميع الفرقاء سماع كلمة العقل و المنطق، و يتفقان على ان يتفقوا لتشكيل هذا الممثل الجنوبي. يا ولدي الجميع سيحترم رغبة الجنوب في حقه بإستعادة دولته التي ذهبت الى الوحدة بدون إستشارته، و لكن يجب ان يتم ذلك عبر الحوار مع القنوات الشرعية، و الإقليمية، و مجلس الأمن. فهل لدينا يا ولدي ملف متكامل بكل الأدلة القانونية التي تخدم قضيتنا؟ هذا اولا. ثانيا، هل سنقدمه نحن الجنوبيون و نحن متراصون كشعب جنوبي واحد، ام متصارعون و مختلفون؟ يا ولدي لن يحترمنا و لن يسمع لقضيتنا أحد إذا نحن متفرقون.