بعيدا عن سياسة (الإنتقاص) القبيحة ومحاولات "الإستعداء" و"الإستعلاء" التي تمارسها قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي تجاه محافظة "أبين" أرضا وإنسانا وتاريخا وجغرافيا، وكأنها دخيلة على واقع التركيبة السكانية والجغرافية الجنوبية ،لا بل كأنها بقعة أرض صغيرة لا قيمة لها مرمية على حدود التماس وجدت نفسها جنوبية فجأة وفقا لإتفاق "ضالع" بأطماع "مستبد" وسياسة "محتل" !! ** ودون النظر في دلالات تحفظاتنا وخلافنا وإختلافنا معه منذ لحظات تشكيله الأولى .. إلا أن المجلس الانتقالي الجنوبي -وللأمانة- بدأ يتحرك على الأرض وبخطوات موزونة على طريق تحقيق أهدافه النضالية ومشاريعه الوطنية التحررية المتمثلة في فك الارتباط مع الشمال وإستعادة الدولة الجنوبية من خلال النزول إلى المحافظات لتأسيس فروع للمجلس واللقاء,المباشر مع أبنائها بكل فئاتهم وشرائحهم الاجتماعية،ما جعل قوى الشر والارهاب وتجار الحروب ورموز الفساد بصنعاء وما ورائها يفقدون صوابهم وهم يرون قيادة المجلس تلتحم مع جماهير الشعب رافعين شعار "التحرير والاستقلال" في مشهد مهيب ورهيب دفع رئيس حكومة شرعية الفساد بن دغر "يلهط" خمسة مليارات ريال قبل أن ينفذ بجلده هاربا صوب الرياض وربما صنعاء عند سيده (عفاش) الذي علمه الهبر والغدر أيضا وليس فقط السحر ، تاركا عدن تغرق في الظلام دون ذنب سوى إنها أول مدينة أرتفع في سمائها علم "الوحدة" !! ** لنعترف صراحة أن هذه الخطوات للمجلس الانتقالي الجنوبي -وأن جاءت متأخرة - تعد إنجازا كبيرا يعزز من مستوى ثقة الناس به كممثل شرعي ووحيد للشعب الجنوبي في تقرير مصيره وإستعادة دولته المنهوبة على حدود ما قبل عام 1990م .. ولعل الحشود الجماهيرية الكبيرة التي رأيناها في مهرجان المهرة السبت الماضي كانت مذهلة جدا ، ولم أر حشدا بهذه الصورة من قبل في محافظة المهرة حتى حشد "عفاش" في 2006م -والذي رصدت له المليارات - لم يكن بهذا الزخم الجماهيري الطوعي، ما يعني صراحة أن المجلس يسير في الإتجاه الصحيح وبدأ يحقق مكاسب على الأرض شيئا فشيئا ،فهناك إجماعا شعبيا ملحوظا على المجلس ويجب الحفاظ عليه وليس التفريط به ، وفي تقديري الشخصي إن اختيار السلطان المهري عبدالله بن عيسى بن عفرار في عضوية المجلس كان اختيارا موفقا وصائبا فلولاه لما رأينا ذلك الحشد الجماهير الكبير !!
** لذلك ينبغي على المجلس الانتقالي بقيادة عيدروس الزبيدي أن يكون في مستوى المسؤولية والمهمة ويلتقط اللحظة ويمضي قدما في إثبات حسن النية مع الداخل الجنوبي أولا والإنفتاح على جميع المحافظات والمكونات الجنوبية ومد جسور التواصل معها دون إستثناء ، ومن ثم تأكيد وجوده ككيان سياسي والتعاطي الناضج والواقعي مع جميع الأطراف في ظل التطورات الحالية على الساحة اليمنية والإقليمية والدولية كإستمرار الشراكة مع التحالف العربي والاستماع إلى كل الأفكار والمقترحات وترك الأمر شورى بينهم وإشراك الجميع في إتخاذ القرار دون الإنفراد به، والتخلي عن سياسة التجاهل العمياء التي - وإن أستمرت - لاشك ستطيح بكل ما تحقق وترمي بالمجلس خارج الحدود والتاريخ والجغرافيا،وهذا كل ما يريده ويتمناه الطرف الآخر الذي بات يراهن على شق الصف الجنوبي بعد أن فقد جزءا كبيرا من قوته وليست كلها في أعقاب الضربات الجوية التي يوجهها التحالف العربي لتدمير ترسانته العسكرية ودعمه للمقاومة الجنوبية في تحرير الجنوب حتى صار اليوم بيد أبنائه ،وفهم حقيقة أن الوصول إلى القمة سهل ولكن تكمن الصعوبة في الحفاظ عليها !!
** هذه الخطوات التي بدأ يحققها المجلس الانتقالي لن تقابلها الأطراف الأخرى - في مقدمتها الحكومة الشرعية - بإرسال بطاقات التهاني والتبريكات ورسائل الإعجاب ، بل ستلجأ إلى طرق ووسائل عديدة "لإفشال المجلس" ستبدو في ظاهرها "شريفة ونظيفة " لكن في باطنها "خبيثة ومخيفة" مثلا كتشكيل كيانات جنوبية تحمل شعار التحرير وهدف الاستقلال .. نعم .. ستحاك المؤامرات وستسخر مليارات الدولارات وستعقد الصفقات والإغراءات لإنجاح المخطط القادم .. فلينتبه"الانتقالي" إلى هذه التحديات والإرتدادات ويحسبها صح من الآن وتترك بعض قياداته أسلوب "العنتريات" وكيل الإتهامات والشطحات وتعيد النظر في سياسات "الإنتقاص" قبل أن تجد نفسها تحت مغصلة "الإقتصاص" !!