ارتفعت حدة التفاؤل بنهاية قريبة للحرب في اليمن، وإنهاء سنوات من الفوضى بعد ساعات فقط من اندلاع اشتباكات بين طرفي تحالف الانقلابيين “الحوثي – صالح”، مالبثت أن اتسعت؛ لتتحول إلى ما يشبه الانتفاضة ضد الميليشيات الحوثية. وحققت الانتفاضة ضد الحوثي سلسلة سريعة من المكاسب في صنعاء وعدد من المحافظات القريبة، قبل أن تسود في وقت لاحق، حالة من الغموض حول الوضع الميداني جراء محاولات الحوثيين فرض تعتيم إعلامي للتغطية على خسائر الجماعة. وتقول مصادر يمنية إن “الانتفاضة ضد جماعة الحوثي ستعجّل بإنهاء تواجدهم المسلح في مناطق اليمن؛ خصوصًا أن عناصرهم قلة منهكة ومتشتتة بين الجبهات، ولا ظهير شعبيًا لهم في صنعاء والمناطق القريبة. ولقيت الانتفاضة ضد الحوثي ترحيبًا من الحكومة اليمنية والتحالف العربي، بينما تحاول دولة مثل قطر وأدها عبر وساطة للتهدئة، والترويج الإعلامي لجماعة الحوثي. ويقول مراقبون إن “الوساطة القطرية جاءت بدفع من إيران التي وجدت حلفاءها الحوثيين في وضع صعب فجأة، مستفيدة من علاقات قطر المتشعبة مع مختلف القوى والميليشيات اليمنية المحسوبة على كل الأطراف. ورغم كون الوساطة القطرية غير معلنة، إلا أن تقارير إعلامية قالت إنها “جاءت عن طريق أمير قطر الشيخ تميم بن حمد شخصياً، الذي اتصل بالرئيس اليمني السابق محاولاً إقناعه بالتهدئة. ورغم نفي قطر وجود هذه الوساطة، إلا أن وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش أكد أن “الوساطة القطرية لإنقاذ ميليشيات الحوثي الطائفية موثقة، ولن تنجح لأنها ضد إرادة الشعب اليمني الذي يتطلع إلى محيطه العربي الطبيعي”. انحياز الإعلام القطري للحوثيين وعكست وسائل الإعلام القطرية موقف الدوحة في تغطيتها لأحداث صنعاء، إذ بدت جميعها بما فيها قناة “الجزيرة” منحازة للحوثيين، ومشككة بانتصارات القوات الموالية للرئيس السابق على حساب الميليشيات الحوثية. ففي البداية تجاهل الإعلام القطري، خصوصًا قناة الجزيرة الناطقة بلسان سياسات الدوحة، لساعات الحديث عن ما يجري في صنعاء قبل أن تضطر لاحقًا لتغطيتها مع التركيز على خطابات جماعة الحوثي ومواقفها. وتصاعدت الاتهامات نحو الدوحة بدعم الحوثيين في السر منذ إنهاء دورها في التحالف العربي في أوائل شهر حزيران/ يونيو الماضي، فيما عززت وساطتها الأخيرة من تلك الاتهامات التي وصلت حد اتهامها بتمويل الجماعة اليمنية بالمال والسلاح. وإذا ما سارت الأمور في الاتجاه نفسه الذي بدأته فجر يوم السبت، بتقدم لافت للقوات الموالية للرئيس اليمني السابق على حساب تقهقر الميليشيات اليمنية في بضع مناطق بالعاصمة صنعاء، فإن التحالف العربي الذي تقوده السعودية قد يتوقف عن استهداف العاصمة مع طرد الحوثيين منها وبدء الحديث عن واقع جديد. مجلس عسكري مرتقب وبدأت ملامح الواقع الجديد تظهر بالفعل بشكل متسارع، إذ من المرتقب أن يتم الإعلان عن مجلس عسكري يرأسه العميد طارق محمد عبدالله صالح، نجل شقيق الرئيس صالح، ليصبح القائد الفعلي للقوات التي تقاتل الحوثيين، وتضم خليطاً من قوات الجيش اليمني السابقة التي بقيت موالية للرئيس السابق، وقوات حزبية من حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه الرئيس السابق، وقوات قبلية معادية للحوثيين. ولا تريد دول التحالف العربي طرد الحوثيين من صنعاء والمناطق التي سيطرت عليها في اليمن فحسب، بل تريد أن تنزع سلاحها لتتحول إلى جماعة سياسية؛ شأنها شأن باقي الأحزاب والتنظيمات السياسية اليمنية في البلاد. ويأمل اليمنيون أن تحقق انتفاضة صنعاء أهدافها، إذ يتطلعون لانتهاء سنوات من الفوضى والحرب التي خلّفت آلاف القتلى والجرحى في مختلف أنحاء البلاد.