يواجه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي واحداً من أهم الانتخابات المقرر إجراؤها الشهر المقبل في ولاية جوجارات التي ينتمي إليها. والانتخابات التي ستجرى على مرحلتين خلال أول أسبوعين من ديسمبر تقيس أداء حزب «بهاراتيا جاناتا» الحاكم وشعبية «مودي»، الذي ما زال واجهة لحزبه بعد قرارين حاسمين اتضح فيما بعد أنهما غير شعبيين للغاية. القرار الأول هو إلغاء التعامل بأوراق النقد ذات الفئات الكبيرة في مسعى للقضاء على الفساد ولسحب الأموال التي خارج نطاق الاقتصاد الرسمي. ورغم أن هذا حدث قبل عام لكن المشروعات الصغيرة والمتوسطة ما زالت تشعر بالآثار السلبية لتطبيق القرار. ومعظم هذه المشروعات في ولاية جوجارات التي تشتهر بسكانها المحنكين في العمل الاقتصادي. والقرار امتص النقد من النظام الاقتصادي وما زال أصحاب الأعمال يتعافون من أثر القرار. أما القرار الثاني فهو فرض ضريبة على السلع والخدمات، وهو واحد من أكبر إصلاحات حكومة مودي، لكن سوء التطبيق لم يحقق المطلوب وتمخض عن ارتباك هائل حتى في الوقت الذي ما زالت تراجع فيه الحكومة معدلات الضريبة. وتجري انتخابات جوجارات في الوقت الذي ينخفض فيه نمو الهند لسادس ربع (سنوي) على التوالي ليصل إلى أدنى مستوى في ثلاث سنوات ليبلغ 5.7%. ويأتي الانخفاض بعد قرار إلغاء أوراق النقد ذات الفئات الكبيرة التي كانت تمثل 86% من العملة المتداولة، مما أضر بإنفاق المستهلك في اقتصاد يعتمد على التعامل النقدي، وهذا الانخفاض في النمو جاء أيضاً بعد فرض ضريبة السلع والخدمات، التي لم يكن أصحاب العمال مستعدين لها. وقد يؤثر هذان القراران اللذان لا يحظيان بشعبية في جوجارات على نتائج الانتخابات في ولاية مودي. ويمثل التجار رصيد الأصوات الأساسي تقليدياً لحزب بهاراتيا جاناتا الحاكم. وهؤلاء التجار لديهم شعور قوي بأن الحزب لم يكن عادلاً تجاههم، وبالإضافة إلى هذا هناك غضب وسط جماعات مختلفة ضد الحكومة، وبدأت بعض الجماعات الطبقية المختلفة تبدي استياءً من الحزب الحاكم، فقد أصبحت طبقة «الداليت» التي كان يطلق عليها من قبل «المنبوذين» هدفاً لتعصب الجماعات الهندوسية القومية التي يحاول الحزب الحاكم استرضاءها. ويأمل حزب «المؤتمر الوطني» الهندي المعارض حالياً استغلال الاستياء واسع النطاق لصالحه رغم الصعوبة المتوقعة في إلحاق هزيمة بالحزب الهندوسي القومي في عقر داره. ويتواصل حزب «المؤتمر» مع جماعة نافذة وغاضبة منذ فترة طويلة في الولاية وتسعى إلى الحفاظ على مكانة أفرادها في وظائف الحكومة والمعاهد التعليمية، وإذا استطاع حزب المؤتمر الحصول على أصوات هذه الجماعة التي تعرف باسم «باتيدار»، فسيكون هذا عاملاً قوياً في تغيير قواعد اللعبة في جوجارات، وأدرك راؤول غاندي نائب رئيس حزب المؤتمر عدم شعبية قرار إلغاء العملات النقدية ذات الفئات الكبيرة، وشن، من ثم، حملة مكثفة على امتداد ولاية جوجارات لينال من شعبية رئيس الوزراء مودي في الولاية التي ينحدر منها. ورغم هذا ما زال مودي، دون شك تقريباً، واحداً من أكثر الزعماء شعبية في البلاد، ولذا، تواجه أحزاب المعارضة بصفة عامة، وراؤول غاندي بصفة خاصة، مهمة شاقة. ويدير حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم ولاية جوجارات منذ ما يقرب من 20 عاماً من بينها 13 عاماً تحت قيادة مودي قبل أن يصبح رئيساً لوزراء الهند عام 2014. ويزعم مودي أنه جعل من الولاية محركاً لاقتصاد البلاد. في جوجارات يتوقعون فوز حزب «بهاراتيا جاناتا» في الولاية، لكن الأمر يتعلق بهامش الفوز في الأساس. وإذا فاز الحزب بأغلبية صغيرة، فإن هذا سيكون مقياساً لمدى عدم شعبية سياسات مودي. وهامش الفوز سيوضح أيضاً المزاج السائد وسط الهنود العاديين على المستوى القومي في الانتخابات العامة المقبلة التي من المقرر عقدها بعد أقل قليلاً من عام. وفي انتخابات البرلمان الهندي الماضي، قبل خمس سنوات في الولاية عام 2012، حصد حزب بهاراتيا جاناتا 116 مقعداً بينما حصد حزب المؤتمر 60 مقعداً فقط. وإذا فاز حزب بهاراتيا جاناتا بأقل من العدد السابق من المقاعد فسيكون هذا مؤشراً واضحاً على أن مزاج الرجل العادي في الولاية يتغير بسرعة وأن تأثير مودي يتقلص. وكان رئيس الوزراء قد أعرب مراراً عن رغبته في تولي السلطة لفترة ولاية ثانية. وتعقد انتخابات اختيار رئيس وزراء جديد بعد عام ونصف من الانتخابات في ولاية جوجارات. وتولي مودي لفترة ولاية ثانية سيكون حاسماً، فقد جاء مودي إلى السلطة بتأييد شعبي قوي بسبب وعوده بجلب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز النمو الاقتصادي من خلال برنامج «اصنع في الهند» ومطاردة الأموال السوداء المكدسة بشكل غير قانوني لدى المتهربين من الضرائب خارج البلاد، لكنه لم يحقق بعد أياً من هذه الوعود، والمؤشرات حتى الآن على الأقل لا تشجع كثيراً ما لم يتم بذل جهود جادة من الحزب الحاكم للوفاء بهذه الوعود. *نقلا عن "الاتحاد"