المؤسسة العامة للنقل البري بعدن: عودة حميدة وسط تحديات والامارات تعيد لها شريان الحياة
لا يخفى على الجميع الدور الكبير التي كانت تقوم به المؤسسة العامة للنقل البري بعدن لخدمة المواطنين وقطاع النقل بشكل عام , فباصاتها التي كانت تجوب كل المحافظات وتنقل البضائع والمسافرين جعلتها تتصدر قائمة الأهمية في اقتصاد البلد , ناهيك عن الخدمة الجليلة التي كانت تقدمها للمواطنين في محافظة عدن وهي نقل طلاب المدارس من الفئات الأولى للجامعة والعمال بمختلف القطاعات الحكومية بمبالغ زهيدة جدا إن لم تكن مجانية في معظم الأحيان. لم تكن تعرف أن القادم لن يكون جميلا كما كان يتوقع كل القائمين عليها ولم تتخيل ما تخبئه لها الأيام التي عقبت الوحدة عام 90/ فهي لم تدرك يوما أن نهايتها بعد كل ما قدمته من خدمات ونشاطات وتطور في عدن وإن لم يكن على مستوى الوطن العربي في تلك الحقبة أنها ستتعرض لدمار شامل وسيتم مصادرة كل ممتلكاتها بل وادخال قطاع النقل الخاص(شركات النقل الخاص) كورقة للعب بها وضربها حتى الموت. فبعد أن أغلقت أبوابها وتعرضت للدمار الممنهج والعديد من السرقات لمختلف الأماكن والباصات والأراضي التابعة لها وحالة الفساد والتلاعب بها من قبل جهات وأشخاص لم ترد لها أن تكمل مشوار العطاء والنجاح التي كانت في قمته. المؤسسة العامة للنقل البري وبعد سنين عجاف من الضياع والتشتت والتوقف عن العمل تلملم أشتاتها من جديد وتعاود فتح أبوابها بعد أكثر من 17 عاما على الإغلاق ليعود الأمل قادما من دولة الإمارات الشقيقة التي قامت بدعمها وتوفير اسطول من الباصات لتحريكها وبث الروح في مبناها الذي كان ساكنا فترة طويلة من الزمن. بعد القيام بتحقيق مفصل عن المؤسسة العامة للنقل البري يضم كافة مراحل المؤسسة منذ تأسيسها وحتى أن تم اغلاقها نعود بزيارة أخرى إليها بعد عودتها لمعرفة كيفية سير العمل وما هي التحديات الكبيرة التي تقف على عاتق مدير المؤسسة الاستاذ حسين عبدالرحمن العبادي والقيام بحوار خاص معه يخص كل ما يتعلق بالمؤسسة وطبيعة عملها وطاقمها الإداري والموظفين فيها وخططها المستقبلية وسبل الوصول لمكانتها السابقة ومنافسة باصات القطاع الخاص للتربع على عرش الاقتصاد الوطني وأعددنا تقرير آخر يشرح كل ذلك وأكثر نعرضه اليكم...
بعد المحاولات التي قامت بها ادارة المؤسسة العامة للنقل البري لإعادة نشاطها وبناءها من جديد والذي تكلل في بداية اعطاء الضوء عام 2014م خلال وزير النقل مراد الحالمي وذلك بالتواصل مع جهات مسؤولة في دولة الامارات وتم متابعة الأمر الى عام 2015م ولكن جاءت الحرب لتقلب كافة الموازين وتغيير ظروف البلد. وبعد انتهاء الحرب وعودة الأمور إلى طبيعتها شهدت عدن العديد من الأزمات المتكررة ووضع أمني صعب أدى تأخير اجراءات دعم مؤسسة النقل البري الى عام 2017م تم اشعار مدير المؤسسة أن هناك باصات موجودة في ميناء الزيت قيل بأنها تتبع وزارة التربية والتعليم بعدها قام محافظ عدن المستقيل عبدالعزيز المفلحي باستدعاء مدير عام المؤسسة الى معاشيق للنقاش معهم حول هذا الموضوع وعلى الفور تحرك وزير النقل مراد الحالمي للمندوب الاماراتي في عدن ووعده بأن هذه الباصات ستكون للمؤسسة طالما أن لها غرض وهو خدمة المواطنين وبالفعل وصلت الى ميناء عدن أكثر من 60 باص على دفعتين قادمة من دولة الامارات ضمن أعمالها الخيرية في دعم مختلف القطاعات الحكومية نقلت الى الورشة المركزية التابعة للمؤسسة وتم تجهيزها واعدادها بشكل جيد ومتكامل لبدء العمل وتحريك نشاط المؤسسة من جديد بخدمة المواطنين في عدن بل والمحافظات المجاورة لها.
بداية التحديات وتحديد قيمة أجرة الباصات :
تحوي الباصات المقدمة من دولة الامارات لمؤسسة النقل البري أكثر من40 مقعد بالإضافة الى انها مكيفة وواسعة وتحوي العديد من المميزات داخلها من حيث التشغيل والقيادة وأغلب السائقين فيها كانوا يعمون في باصات الرويشان والراحة وغيرها بعد توقف المؤسسة وعادوا اليها وهذا يعني أن لديهم الخبرة والمهارة في القيادة حتى لو لمسافات بعيدة وشاقة اضافة الى النظام الخاص بالحجز عن طريق مكتبها وليس عشوائية مثل ما يحدث بفرزة الباصات العادية , أي انها تشابه الى حدا كبير باصات نقل القطاع الخاص في الشكل لكن من حيث المضمون لا توجد أي مقارنة بين القيمة التي يدفعها المواطن لباصات مؤسسة النقل البري وبين باصات القطاع الخاص فعلى سبيل المثال سعر المقعد لمحافظة حضرموت(المكلا) 5500 ريال في القطاع الخاص لكن مكاتب مؤسسة النقل البري تأخد3500 ريال فقط على أي مواطن يريد الحجز فيها وحتى عند الذهاب الى محافظة لحج والضالع يتم أخد مبلغ بسيط جدا من المواطنين بل لتقى ترحيب وقبول كبير من سكان هذه المناطق لأنهم يشعرون بالأمان والراحة اثناء الطريق المعروف بوعورته من محافظاتهم البعيدة إلى عدن. يتم الحجز ودفع الأجرة في المكتب التابع للمؤسسة بمديرية الشيخ عثمان تحديدا محطة القاهرة والمعروف منذ العهد السابق فقد كانت كل الباصات تتحرك من هناك لمختلف المديريات والان ستعود لنفس العملية.
انعكاس أزمة المشتقات النفطية على عمل المؤسسة :
مشكلة انعدام البترول والديزل تشكل عائقا كبيرا تتحمله المؤسسة العامة للنقل البري بعد أن استعادة روحها فلا يتمكن المسؤولين فيها من الحصول عليه بسهولة أو توفره لهم الحكومة من أجل مساعدتهم لمواصلة العمل دون توقف , حاليا تضطر المؤسسة الديزل بالسعر المرتفع والذي يصل لأكثر من6500 ريال وايراداتها لاتزال متدنية والمشكلة الكبرى أنت تسعيرة نقلهم للمواطنين لا تكون مثل القطاع الخاص فهم لا يرفعون قيمة المواصلات في حال انعدام الديزل بل يبقون على نفس التسعيرة الأولى وتتحمل المؤسسة التكاليف والخسارة لكي تقدم الخدمات للمواطنين خاصة ذوي الدخل المحدود والذين يعانون من أزمة الرواتب والمعيشة والغلاء.
الميزانية التشغيلية تعرقل سير العملية :
عاودت المؤسسة العامة للنقل البري النشاط من الصفر وأغلب الوسائل العامة التي كانت معها من باصات ومكائن وأغراض للورش والهناجر نهبت في الحرب الأخيرة فتمكن القائمون عليها من شتراء الاشياء والمستلزمات البسيطة والعمل فيها , بالنسبة للموازنة التشغيلية تدخل لتوفيرها وزير النقل مراد الحالمي وتم التواصل مع رئيس الوزارء أحمد عبيد بن دغر وبدورة منح المؤسسة 20 مليون وضعت في وزارة المالية لكن مع الأسف الشديد يقوم مجموعة من المسؤولين فيها بعرقلةمؤسسة النقل البري بإجراءات استلام المبلغ والمماطلة بذلك بحجة أنه يجب أن يأتي القائمون في المؤسسة بفواتير وايراد مقابل أن يعطوها جزء من البلغ برغم أنه من حق المؤسسة أن تحصل على المبلغ حتى تتمكن الوقوف من جديد والمنافسة بقوة بل وتطوير عملها من أجل خدمة المواطنين في مختلف المحافظات وخدمة قطاع الاقتصاد بشكل عام. وضع موظفي المؤسسة الصعب رغم تفانيهم بالعمل :
تحوي المؤسسة العامة للنقل البري العديد من الموظفين ولكن مع الأسف اغلبية عمال المؤسسة احيلوا للقوى الفائضة بعد الوحدة وتبقى عدد قليل جدا وصل البعض منهم للتقاعد منهم من ذهب ملفه للخدمة المدنية وهناك من بقى ملفه موجود في إدارة المؤسسة بسبب الرسوم الباهضة التي يجب عليهم دفعها لتحويل ملفهم برغم أن ادارة المؤسسة ملتزمة بدفع القسط الشهري وهناك مجموعة من العمال القدامى استفادت منهم في الأماكن الهامة قسم الخراطة قسم الميكانيكا ويعملون بجد من أجل سير العمل دون توقف فهل يستحق مثل هؤلاء العمال أن يعاملوا بهذه الطريقة أو يعرقلون من اجراءاتهم نتمنى أن تعيد الجهات المعنية النظر في وضعهم الصعب فيكفي ما تعانيه وتتحمله المؤسسة من أجل استمرار نشاطها التي استعادته بعد شق الأنفس.
مبنى المؤسسة قديم وبحاجة للترميم :
يعود تاريخ مبنى المؤسسة العامة للنقل البري إلى عام 1982م من قبل شركة يابانية بتمويل من الحكومة اليمنية , والأثاث دخل للمبنى عام 83م ولم يتم تبديله أو تغييره إلى يومنا هذا , هناك بعض المحاولات من قبل ادارة المؤسسة بترميم مبناها قدر الإمكان في السنوات الماضية بمجهودهم الذاتي , لكن في عام 2011م تدخلت قيادة المحافظة وطلبت منهم أن يؤجروا طابق من المؤسسة وتحويلة مدرسة بعد حرب أبين ونزوح عدد كبير من الأسر وسبب ذلك ضغط على المدارس الحكومية في مديرية الشيخ عثمان وبالفعل تم ذلك ولكن مع الأسف بعد مرور شهرين لم يلتزم المسؤولون في المحافظة بدفع الايجار المتفق عليه لإدارة مؤسسة النقل البري بل وما زاد الطين بلة سرقة مختلف الاثاث والنوافذ والأبواب بل العبث بالغرف وجدران المبنى عقب ذلك اتخاذ اجراء بإخراج الطلاب واخلاء المبنى. تلقى مدير عام مؤسسة النقل البري وعدا من دولة الإمارات بترميم مبنى المؤسسة لكن لم يتم تنفيد ذلك لذا نوجه مناشدة للمسؤولين والمندوبين الاماراتيين في عدن بسرعة تحريك هذا الموضوع وترميم المبنى الذي تهالك مع مرور الزمن وهو بحاجة ماسة لإعادة تأهيله ولو بالإمكانيات البسيطة حتى يظهر بشكل جميل يليق به وهو كأقل تقدير لمشوار العطاء التي قدمته هذه المؤسسة العريقة لعدن ولقطاع النقل وللوطن والخدمة العظيمة التي يقدمها للمواطنين البسطاء.
قرار وزير النقل بتحريك باصات المؤسسة لخدمة طلاب الجامعات:
استبشر المواطنون خيرا بعد قرار وزير النقل مراد الحالمي بتوفير باصات تابعة لمؤسسة النقل البري لنقل طلاب الجامعات من مناطق سكنهم إلى جامعاتهم وبمبالغ بسيطة جدا بعد الصرخات التي اطلقها معظم الطلاب والتي تطالب بالتعاون معهم بعد أزمة المشتقات النفطية التي عقبها رفع تسعيرة أجرة المواصلات والتي وصلت لضعف المبلغ وعدم قدرتهم على دفعه بسبب ظروف أسرهم الصعبة والغلاء الذي يعاني منه الجميع على حدا سواء. وتم ارسال رسالة من وزير النقل مراد الحالمي الى إدارة مؤسسة النقل البري للاستعداد وتم التفاهم مع رئيس جامعة عدن الدكتور الخضر لصور والذي ابدا كافة ترحيبه بالفكرة لخدمة طلاب الجامعات وحل لمشكلة المواصلات وأعطيت فكرة عن مواصفات الباصات وامكانياتها وتم الاتفاق على أن كل عميد كلية يأتي للمؤسسة مع مندوبين من الطلاب لتحديد أعداد الطلاب ومناطق سكنهم حتى تستطيع المؤسسة أن تحدد أماكن انطلاق الباصات ووقوفها ولكن مع انشغالات عمداء الكليات لم يتم اللقاء بهم ولكن وتم حضور مندوب مع شخصين للسؤال عن المبلغ التي سيحدد للطلاب والذي اشيرا انه سيكون 30% وان رئاسة الجامعة ستتحمل 20% وبالفعل تمت الموافقة على ذلك لأن المؤسسة لا تريد سوى ان تحصل على قيمة التشغيل ونتمنى أن تكتمل هذه العملية بأقرب وقت حتى يتنفس طلاب الجامعات الصعداء وحل مشكلهم التي تعتبر أزمة كبيرة يعانون منها حاليا.
خطط ومشاريع مستقبلية للمؤسسة المحلية للنقل البري:
هناك العديد من الطموحات للقائمين على إدارة المؤسسة العامة للنقل البري وموظفيها من أجل توسيع عملها ليشمل محافظات عدة وخطوط أبعد والتي قد تصل اذا تم الاهتمام بها ودعهما والوقوف الى جانبها من قبل الحكومة والجهات المعنية لمرحلة نقل المواطنين للدول المجاورة كالسعودية ودول الخليج العربي القريبة من حدود اليمن من خلال هذه الباصات المتواجدة حاليا وهذا ما تسعى الية حاليا الخارجية وذك بإجراء محاولات للتفاهم مع العديد من الأطراف مثل بعض الداعمين أو الأشخاص اللذين يريدون أن يمدوا يد العون للمؤسسة أو من خلال الحصول على قرض من البنك أو أي جهة مالية وهذا سيخدم المواطنين بشكل كبير بالإضافة انها ستحل مشكلة الازدحام المروري وعشوائية الفرزات وضجيج الشوارع لذلك نرجو من كافة الجهات الحكومية التعاون مع هذه المؤسسة التي تشكل عمودا فقريا للدولة ولاقتصادها التي يمكن أن يستثمر ويزدهر طالما تطور عمل المؤسسة وطالت خدماتها كل المواطنين والمسافرين وتعيد زمنها الجميل وتجعل القادم أجمل.