قوتان رئيسيتان تتجاذبان أنظار الرأي العام المحلي والإقليمي وكل المراقبين لمشهد الخارطة السياسية التفاعلية في مربعات الجنوب حيث تتصارع في ساحات الميادين بمشروعين مختلفين . دعاة التغيير ويمثلهم حزب التجمع اليمني للإصلاح (التيار الإسلامي) الذي يطالب بإسقاط النظام ،وقوى الحراك الجنوبي ومشروعه تقرير مصير الجنوب واستعادة الدولة بعد مضي قرابة أربع سنوات من النضال السلمي ومواجهة الرصاص وآلة القمع العسكري بصدور عارية، حيث سقط طوال فترة نضاله مئات الشهداء وآلاف الجرحى ..وتبرز حدة الصدامات التي ارتفع سقف سعيرها في كبرى مدن الجنوب :عدنوالمكلا . نموذج ومؤشر احتمالات المواجهة كان الأسبوع الفائت في ساحات الاعتصام بمدينة المكلا بعد قيام التيار الإسلامي بحشد شبابه من عموم مديريات ساحل ووادي حضرموت لرفد المعتصمين بالمكلا في إشارة إلى توجيه رسالة للسلطة وبقية قوى المعارضة انه لديه قاعدة جماهيرية وتنظيم يعتمد عليها كورقة ضغط في مسار العملية السياسية ويتكئ في تحرك إمدادات الحشد على كبرى مؤسسات المال اليمني التي سخرت مرتفعاتها التجارية لدعم أكثر الجبهات ميدانيا وإعلاميا ، في حين ينقل أنصار الحراك الجنوبي معركتهم الجديدة _القديمة ! إلى أدغال ميادين الساحات العامة وقد توج سيناريو الصراع إلى دخول طرفي الصراع في اشتباكات أسفرت عن جرح العشرات من قوى التغيير بالمكلا ويتركز غضب جماهير الحراك وأنصاره في ما يقدم عليه شباب الحركة الإسلامية من رفع أعلام الجمهورية وعدم تبنيهم مطالب القضية الجنوبية وتتزايد استفزازات الجنوبيين على وقع مايروج له القيادي الإصلاحي ورجل الأعمال حميد الأحمر وجهازه الإعلامي بأن الجنوبيين تراجعوا عن المطالبة بالانفصال وإنهم مجمعون على مطالب الشباب بإسقاط النظام . كثير من المراقبين يتابعون بشدة تكرار هذا الصدام في مدن جنوبية أخرى ومن المرجح ان يفضي إلى تصدعات في منظومة الوحدة الاجتماعية الجنوبية قاطبة في ظل تصاعد أزمة داخلية تخنق رأس النظام السياسي في البلد من الصعب التكهن بنتائجها في هذا الظرف المعقد والحساس ، ولا يختلف اثنان على أن ظهور قوة ثانية أكثر تنظيما توحدها رافعة إيديولوجية على صعيد المسرح الجنوبي تحمل أجندة مغايرة لمطالب القوى الجنوبية بمختلف مكوناتها بالتأكيد ستشكل شوشرة متعبة على مكون جنوبي شعبي لم يختمر في حلقات تنظيمية أو بالأصح لاتجمعه حلقات تنظيمية مماثلة ناهيك عن دخوله في معارك منهكة في صميم بنايه السياسي والاجتماعي وما يعانيه من قسوة مفرطة من قبل الإعلام العربي والدولي الذي تجاهل تضحياته الجسيمة طوال أربع سنوات ونيف . وتتوقع أوساط كثيرة في الساحة اليمنية ان تتوسع دائرة الإستقطابات مصحوبة بخارطة تحالفات جديدة ستفرضها التحولات السياسية الجديدة والمفاجئة على طبيعة الأزمة القائمة وقد بدأت إفرازاتها في اجتماع للجنوبيين بصنعاء المواليين للنظام شارك فيه قرابة 700 شخصية جنوبية وترأسه د باصرة وقائد عسكري جنوبي (الهبيلي)، حيث أصدر المجتمعون بيانا يؤكد على دعم القضية الجنوبية وتغليبهم لمطالب أبناء الجنوب ، علما بأن معظم الحاضرين محسوبون على النظام القائم ومن أنصار الرئيس (صالح)، فالذي يعتقد سلامة المسرح الجنوبي وعدم إشراكه كساحة صراع قادم بمعزل عن صنعاء فهو واهم لان أثقال وأغلال التبعية مازالت مرتبطة بجذورها بين دهاليز أوكار مؤسسة الحكم في صنعاء .