مرحلة عصيبة تمر بها بلادنا الحبيبة بعد أن أذاقها المستبد ويلات التخلف بعد أن أوجد أسبابه، لم تكن هناك أي محاولات مؤسسية أو فردية لدفع ذلك الثقل الذي جثم على صدر الوطن ونهب الثروة واستبد بالإنسان. وجد من يعي الحالة السيئة لكن للأسف لم يضطلع بدور ورضي أن يكون خائن لضميره خائن للوطن ليعيش كالأنعام به أضل سبيلاً. استطاعت كل المكونات الوطنية بفضل الله أن تتوحد في الجهد حتى وصلت لقطف ثمار تضحيتها وتعيد الوطن للشعب ليكون أرضية مستوية لكل أبنائه فيتنافس الجميع في البناء المادي الحضاري الذي لا يكون إلا على ثقافة إنسانية نابعة عن بعد روحي توحد مع ناموس الكون والحياة لا يرضى أن تطيش يده في صحفة دنيا الناس فيأكل بيمنه ويأكل مما يليه، فتحل البركة عند راحة الضمير فتنام الأعين قريرة برؤيتها للمساقات الحياتية بنظام متسق مع جمال الكون وسعادة الإنسان، والأنفس راضية لأنها حصلت على قسطها الوافي والوافر وبما تستحق وما يعادل الجهد المبذول. الوصول إلى الهدف لا يكون إلا عن جمال في النفس تربت عليه وصقلت بما يكبح جماح الشرور ونزوات الحيوان والنفس الأمارة بالسوء، وفي ظل الضجيج والضوضاء لا تكاد تسمع الأسماع الصوت الحق نداء العقل والروح فتنقاد إليه الأنفس بفطرتها السوية لأن القنوات مشرعة بحسب نظام الكون وقانون الحياة لكن الاضطراب يفقد الكل الصواب، لذا لابد من لحظات الهدوء فتتنفس الرئات الهواء النقي وتميز الأصوات عندما تشق الصمت وتعيها الآذان. اللحظة الحلم التي نكاد إلى قطفها لا ينبغي إلا يكون هناك توازي للذات الشعبية الوطنية مع متطلباتها واستحقاقها. قد لا توجد الذات بكلية لتقوم بمهمة إفراز الطائفة الحَرِّية بتسلم الجائزة الوطنية التي سينعم بها الجميع ونرى وجه الوطن بصبحه المشرق والبدر المكتمل، فإن لم يكن الجمع بمستوى من الهيئة فإن هناك مسؤولية استوجبت على جهة هي النخبة الواعية لم تؤدِ دورها في وضع الضوابط اللازمة وتحديد الخطوط ووضع الرؤى الحاكمة بما يؤلف ويوحد المختلف بناء على أساس متفق عليه وثقافة راسخة من قبل. المجتمع المدني قائم على فرضية الوعي النخبوي الذي يحدد اللوائح والنظم اللازمة لطبيعة العلاقة بين الأفراد على المستويات الرأسية والأفقية على أسس عادلة بما يكفل لكل ذي حق حقه فإن انتفى الوعي ولم يكن هناك ما يضبط العلاقات فإن شريعة الغاب هي من تسود. لكن المجتمع القبلي اهتدى إلى الفطرة ووصل إلى ما يمكن القول شبه ديمقراطية تضبط العلاقات الرأسية والأفقية ووجدت هناك الأحكام العرفية التي كفلت ربما الحد الأدنى من كرامة الفرد وإنسانيته، فتجد شيخ القبيلة لا يمتهن الفرد فيها بل يرى فيه مصدر قوة وذخيرة أمام الخصم يجب العناية به والذود عنه فلا يمس بأذى وهنا يحميه ومقابل ذلك هو مذعن لتعاليم وتقاليد القبيلة وأعرافها. وجد هذا التماسك في وعي الفرد في القبيلة اليمنية وظهرت متماسكة أمام العواصف فلا مجال للفل في عضدها وهي من ترى القدسية في ضوابطها والأعراف القبيلة. في الجانب الآخر لم تنضج المدنية للدرجة التي تنساب فيها الأحداث وتحدد المواقف بناء على القنوات العقلية فلا هي استفادت من موجبات القبيلة ولا هي وصلت إلى النضج المدني المنشود فتاهت في طريقها وضاعت الحقوق وانتهكت الحريات وصودر الرأي. فهل يوجد الوعي اللازم للتفويض للنخبة الواعية التي ترشد للطريق بكل حياة للضمير واعتصار في الفكر للتوصل إلى أفضل الممكن لترسو سفينة الحياة للوطن والشعب؟ وتلك مسيرة الحياة الوزن الثوري الأوحد أفقياً ورأسياً فقد شقت قوة إرادتها الثورية صمت القبور والأنسام تحمل خبرها كل أرجاء الوطن والعالم بمشقتها الثقيلة على كل فرد فيها فهي ثورة مضغوطة بأربعة أيام تعدل الإحدى عشرة شهرا، لكن النضج المدني لمكونها جعل منها كالمثل القائل: تمخض الجمل فولد فأراً. تفاعلات مع المسيرة : الساحة اليوم تعيد لنا الشعور الثوري الأول إنها الحياة بدورتها من جديد. دعوا المسيرة الحقيقية تقرر وجهتها وأبطال السبعين يجب أن ينطلقوا هم لا بغيرهم (لحظة ما كانت المسيرة في دار سلم). الرصيد لجميع المكون الثوري بطول خط الثورة العشرة يجب أن لا يسمح بالخلاف. لو قسنا الثورة بالسالب والموجب لكان رصيد تعز =صفر لأن فيها سالب الجندي سالب الصوفيان سالب البركاني سالب .... تماسك الذات الثورية وقوتها الداخلية هو النصر والطريق الوحيد إلى الهدف. الثورة ركنت بتعز إلى عمقها الثقافي المتجاوز للتخلف إلى السماحة وبعد الهدف. كن ثائرا خارج نطاق الحزبية لكن يجب أن تكون حرا لا أسير أجندة حوثية وأمن. لماذا تفرغ طاقتك الثورية في صدري وهدفك المعلن صالح ولم أحل بينك وبينه؟ في الخيمة ورغم البرد الشديد لكني بغصة ترجل كياني وحرش الثورة آه؟؟! (ليلة أمس). الثائر الحزبي أكثر تقدماً وجاهزية للمدنية من التيه الاستقلالي... الأغلاط الحزبية تضر بالحزب ومستقبله السياسي أما الغلط من فئة المستقل أعتقد أنها تخدم الحاكم، قاعدة قد تكون تعكس اللحظة اللا ثورية الراهنة في ساحة التغيير صنعاء آه. من يؤيد الحوثية أحد اثنين: إما مريض مثلهم أو حاقد على اتجاه آخر يحب أن يغيظه بتبني التأييد ومداولة الأفكار والمظلومية وانتصارهم للثورة والصمود المزعوم . **لست ضد الحوثي كإنسان له حق العيش وممارسة حقوقه في إطار المواطنة المتساوية لكني ضد الفكر الإقصائي المتعالي المُصْغِر لمن حوله إلا جنسه السامي وعقيدته المتعدية لمعتقدات الآخر واستفزازه، فليؤمنوا بما يشاءوا ويكفروا بما يريدون غير فارضين معتقداتهم وأفكارهم بقوة السلاح وعليهم أن ينطلقوا إلى الشعب عبر منابر وقنوات حضارية فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، على أن تكون رسالتهم وطنية تحترم أبناء الوطن على جغرافيا اليمن قاطبة. * مع تقديري لتعز والتضحية التي قدمها ثوار تعز، لكن المسيرة مسيرة الحياة لا تخص تعز حتى تختزل في تعز وابن تعز أجزم يقيناً أن هناك جهة لمثل هذا الصوت العنصري وابن تعز وتعز بريئة منه فانطلاقتها من تعز كانت غير خالصة بتعز والكثير من أبناء محافظات مجاورة كانوا ضمن انطلاقة المسيرة، فكيف وهي مرت عبر نقاط مختلفة ومحافظات كانت لكل محافظة مساهمتها الفاعلة ضمن المسيرة، فلماذا هذا الاختزال الذي قد يُكره بتعز في نفوس كل محبيها من أبناء محافظات الجمهورية؟ وتبدأ تخوفاتهم من إن يكون هذا الإكبار مؤدي إلى الاستعلاء والمنّ، فكل أبناء اليمن ضحوا وقدموا الجهود الثورية القصوى بما فيها مسقط رأس الرئيس.