الامل هو الخيط الرفيع الذي تُعلق عليه احلامنا وتُستمسك به امانينا وتُحلق حوله تطلعاتنا ومع ذلك تبقى تلك الاحلام والأماني والتطلعات مرهونة بخيط رفيع قد لا يقوى على حملها وإيصالها الى مبتغاها وعلاوة على ذلك تظل نبضات قلوبنا معلقة بهوامش ما علق واستمسك بخيط الامل الرفيع فتخفق بحرقة على بعد انبثاق ما حلمنا به وصعوبة تجسيده حقيقة على ارض الواقع . وحتى لا يحبط الامل نطلق السنتنا لتردد كلمة ليت وهي حرف للتمنٌي وغالبا ما تقال في المستحيل تحقيقه ولكنها تحمل ايضاً بصيص امل، ولكون الامل في نفوسنا ضئيل لذا نقول ليت الضوء يشع وينير جميع ميادين العمل والبناء الجامدة والمعطلة فتدب فيها الحيوية ويعود لها النشاط وتزول عنها غمامة الركود والتراخي، وليت غبار السنين المتراكم على رفوف السلوكيات وعلى انحناءت الهمم تمسحه وتنفض غبار سنيته إرادات صادقة وعزائم صلبة لا تعرف للتخاذل طريق، فتصقل تلك السلوكيات بالفضيلة والخير وتشحذ الهمم بوتيرة البناء ودورة عجلة الانتاج ، وليت العقول الراجحة والقلوب النقية تقود مسار النهضة والنمو فتسلك طريق بناء مؤسسات حقيقية ووضع مداميك دولة مدنية بعيدةً عن الاهواء المناطقية والمصالح الحزبية الضيقة ومنظومة الفساد المقيتة. فبينما احلامنا بسيطة وامانينا مشروعة لكن تحقيقها صار بعيد المنال وبلوغها محال واستحالته لم تكن نتيجة ضخامتها وتعقيدها وارتفاع سقفها ولكن لتحكم مصالح سياسية خارجية بمصيرنا وقيامتها بالعبث بحياتنا وافتعالها الحروب اللعينة لتدمير السليم واغراق المكسور. لقد عمت الفوضى حياتنا والعشوائية صارت قدرنا فالعشوائية تعدت مسألة البناء غير الرسمي والخروج عن التخطيط الحضري للمدينة وشملت كل جوانب حياتنا فالانفس التي تزهق بغير حق تنتقى بعشوائية فهنا يسفك دم عالم دين وهناك يهدر دم رجل امن وفي الجانب الآخر يسقط قيادي وابنه وبالصدفة تخترق رصاصة قلب طفل ، كما شملت العشوائية البناء الاقتصادي فأحدثت فيه الخلل وهدرت المال العام، فهذا متقاعد افنى اجمل ايام عمره في خدمة وطنه ومعاشه الشهري لا يغطي نفقة قات يوم واحد لمسؤول حديث العهد بالوظيفة!!. فعملنتا المحلية صارت تطبع بعشوائية من اجل تغطية نفقات النهب والفساد المالي وقد اثر ذلك على قيمتها فانهارت امام بقية العملات وادى ذلك الى ارتفاع جنوني في الاسعار وزيادة في معدل الفقر، وقد طرقت العشوائية ايضاً باب التعيينات فبينما كثير من مرافق الدولة معطلة وشبه مشلولة وبشكل متعمد نجد قوائم التعيينات في مناصب قيادية لتلك المرافق بإعداد كثيرة ومبالغ فيها، كما لا تلتزم تلك التعيينات بمعايير دقيقة تضع الشخص المناسب في المكان المناسب. لقد جاءت حملة هدم البناء العشوائي ومنع البسط على الاراضي في محافظة عدن والتي تقودها وزارة الداخلية وأمن عدن في وقت متاخر وقد غرقت البلاد بالبناء العشوائي بل شملتها واغرقتها عشوائيات اخرى خارج اهداف الحملة، فينبغي على الدولة محاربة جميع العشوائيات ، فمنها مايشوه جمال مدينتنا ومنها ما يتسبب في انتشار الجوع والفقر في اوساط مواطنينا ومنها ما يخلق الظلم والحسرة والألم لدى كثير من الناس. ان هذه الحملة المباركة التي نهضت بها وزارة الداخلية وأمن عدن، يجب ان تبدأ بالكبير قبل الصغير وتطبق على النافذ قبل المحتاج، حتى يقبل بها الجميع وتحافظ على القيمة الجمالية لمحافظة عدن ، رغم انها تمثل ثقب صغير في حوض العشوائية العفن، وليت الدولة تنهض بحملة واسعة حتى تتمكن من افراغ حوض العشوائية بكامله وانهاء جميع اشكالها من حياتنا.