مليشيا الحوثي تمنع مبادرات خيرية من دعم طلاب فقراء في صنعاء وريفها    مركز الملك سلمان للإغاثة يسلّم أدوات المهنة للمستفيدين من مشروع التمكين المهني بساحل حضرموت    بدء إصدار تعزيزات مرتبات شهر مايو 2025م    الهلال يكتب التاريخ ويطرد مانشستر سيتي من مونديال الأندية    انطلاق النسخة الخامسة من بطولة الولايات المتحدة للجاليات اليمنية في نيويورك    رحيل عملاق المسرح اليمني عبد الله العمري    سموتريتش: سوريا التي حلمت بإزالة إسرائيل أرسلت لنا مبعوثين للحديث عن التطبيع والسلام    المرتزق الزبيدي يحول 20 مليون دولار الى حسابه في لندن    الهلال السعودي يفوز على مانشستر سيتي ويتاهل إلى ربع نهائي كأس العالم للأندية    نيكو ويليامز يهدد برشلونة: لن أنتظر.. سأنتقل إلى ريال مدريد    المحويت ترد على المرتزق الشعيبي    ماذا يحمل مبعوث الأمم المتحدة الى اليمن    "مصر على القائمة".. استراتيجية صهيونية -أمريكية تستهدف إضعاف الجيوش العربية المحيطة    هل هاتفك مخترق؟.. 5 علامات تحذيرية تكشف خطر التجسس    العثور على معبد ضخم يكشف أسرار حضارة انقرضت قبل ألف عام    بيع أربع قطع أثرية يمنية في مزاد بلاكاس    تصورات خاطئة عن الآيس كريم    دعوة للمجلس الإنتقالي.. نريد رجال أشداء مثل مصلح الذرحاني    الحوثي اقل الأطراف اليمنية عرضة للاختراق    اجتماعات الزُبيدي مع القوى الدولية.. تحالفات تصنع السلام وتدعم حق الجنوب    مصدر إسرائيلي: نحو اتفاق شامل مع سوريا بنهاية 2025    احتجاز جثة صحفي وروائي يمني في مستشفى بالهند وسط صمت السلطات ومثقفون يجددون مناشدتهم    أمجد خالد... رأس صغير في مشروع تخادم كبير: الجنوب الهدف والحوثي الشريك!    استخراج 117 مسمارا من بطن مريض في لحج (صور)    - والد زينب الماوري التي تحمل الجنسية الأمريكية ينفي صحة اتهامها لابن عمها؟    كأس العالم للاندية: فلومينيسي يُقصي انتر ميلانو ويعبر الى الدور ربع النهائي    الرئيس الزُبيدي يبحث مع السفير الأسترالي سُبل دعم تنفيذ الإصلاحات الشاملة في مؤسسات الدولة    ندوات ثقافية في إب بذكرى الهجرة النبوية    فؤاد الحميري الشاعر الثائر    مجلس إدارة الاتحاد الأفريقي للكرة الطائرة يصدر قرارات إستراتيجية لدفع عجلة التطوير القاري    الحديدة: صرف 70 مليون ريال مساعدات للنازحين    في لقائه مع الرهوي .. السامعي يشدد على أولويات الجوانب الاقتصادية والتنموية والخدمية وتحسين المعيشة    الوافي: اعتقلني بحث عدن وصادر هاتفي واهانني أثناء متابعتي لقضية حقوق ب"آلاف" الدولارات لدى احدى المنظمات    - رئيس حكومةصنعاء يجتمع بوزير المالية والتربية لاجل معالجة مشاكل الدراسة اقرأ التفاصيل    لماذا لم يكن النووي سبب العدوان على ايران؟ وكيف نجح ترامب لولاية رأسية ثانية وما علاقة ذلك بالملف الايراني؟ وكيف جاء الكيان "يكحلها فعماها"؟    حتى أنتَ يا قلمي    اللاهوت السياسي بين الغرب والمجتمعات الإسلامية: جدل الدين والسلطة    انتقالي العاصمة عدن يقدم الدعم اللازم لعلاج الكابتن علي نشطان    تظاهرة للمعلمين في تعز تستنكر تجاهل مطالبهم الحقوقية وتطالب بسرعة صرف المرتبات    بيان توضيحي صادر عن إدارة أمن العاصمة عدن    الأمانة العامة للانتقالي تدشّن ورشة تدريبية في مهارات التواصل وإدارة الحوار الدعوي بالعاصمة عدن    شركة النفط والغاز تنظم فالية بذكرى الهجرة النبوية    100 شاحنة تنقل أبراج نقل الطاقة الشمسية الإماراتية إلى عتق    بعد منع تناول القات منتصف الليل .. تعميم أمني بشأن قاعات الافراح بصنعاء    فوائد الخضروات الورقية على صحة القلب    سقطرى اليمنية.. كنز بيئي فريد يواجه خطر التغير المناخي والسياحة الجائرة    شركات برمجيات هندية سهلت لإسرائيل اختراق إيران الكترونيا    البايرن يواجه سان جيرمان في ربع نهائي مونديال الأندية    جوارديولا: الهلال السعودي تنافسي ومنظم وقادر على الإيذاء    7 وفيات بكحول مغشوشة في الاردن    - عشر أوجاع تفتك باليمنيين شمالا وجنوبا.. والمسؤولون لسان حالهم: بالعشر ما نبالي    - 7يوليو انفجار شعبي مرتقب يهز عدن!    بين شُحّ المياه وشُحّ المرتب: صرخة الموظف في تعز    نائب رئيس الوزراء المداني يطلع على مشاريع التطوير الإداري بوزارة الخدمة المدنية    وزير الشؤون الاجتماعية والعمل يؤكد أهمية دعم الجمعيات التعاونية    فؤاد الحميري السيل الهادر والشاعر الثائر    فوضى أئمة المساجد والمعاهد الدينية تؤسس لإقتتال جنوبي - جنوبي    ليس للمجرم حرمة ولو تعلق بأستار الكعبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلام سياسي | المشاركة الجنوبية بمعركة الساحل... الخسارة المزدوجة

بصرف النظر عن طبيعة المعركة العسكرية بالساحل الغربي اليمني ومدى التقدّم الذي تحققه قوات «لمقاومة الجنوبية» وقوات العميد طارق صالح، صوب مدينة الحديدة، بقيادة القوات الإمارتية، فهذه المعركة لا علاقة لها ب«القضية الجنوبية» بشكل مباشر ولا حتى غير مباشر، خصوصاً كلما اتجهت صوب الجغرافيا الشمالية الوعرة، وابتعدت عن الشريط الحدودي للشطرين - سابقاً - حيث كان المبرر الجنوبي لهذه المعركة ينطلق من فكرة تأمين الحدود الجنوبية مع الشمال. فهذه المشاركة العسكرية الجنوبية اليوم أسقطت ذلك المبرر على ركاكة منطقه، وأضحت لها مدلولها السياسي الثمين عند القوى اليمنية بل حتى في نظر المجتمع الدولي نفسه، الذي لن يجد تفسيرا منطقيا لهذه المشاركة غير أنها «اعتراف» جنوبي بواحدية الهدف، وأنها تصرف نظر عن أهداف الجنوب «التحررية» التي ظلت معلنة منذ انطلاق الثورة الجنوبية في العام2007... فهذه القوى اليمنية توظف وتستفيد من هذه المشاركة العسكرية الجنوبية توظيفا سياسيا بذات التوظيف والاستفادة العسكرية- إن لم يكن أكثر-... فهي تؤكد بأن هذه المشاركة - التي ستضعف موقف المفاوض الجنوبي حين يشهرها خصومه بوجهه كدليل عن قبوله بواقع ما بعد 2015م، وتخليه عن هدف استعادة الدولة الجنوبية، هي دليل قاطع على أن الهدف اليمني شمالاً وجنوباً هو واحد «إسقاط الانقلابيين» واستعادة الدولة اليمنية الواحدة من عدن حتى صعدة.
ومعها حق فيما تقوله وتذهب إليه، طالما والجنوبيون قد ارتضوا أن يكونوا ذخيرة ببندقية لتحقيق أهداف الغير، وسُخرة عمل عند الآخرين نظير راتب شهري، بل أنها معركة تضفي هالة من الغموض حول طبيعة «القضية الجنوبية» بنظر القوى بالداخل والخارج، وتمنح القوى اليمنية فرصة هذا الاستغلال، وهذا التوظيف السياسي المجاني.
صحيح أن الكثير من «المقاومة الجنوبية» هي عناصر مؤدلجة فكرياً ودينياً، ولا تأبه لشيءٍ اسمه جنوب، ومشروعها ديني بحت ولا يمكن أن تحسب على المشروع السياسي الجنوبي، وأنها جماعات تدين بالولاء المطلق للقوى الإقليمية المتحكمة بها، لكن ثمة شخصيات وتشكيلات عسكرية مقاومِة معروفة إعلامياً وسياسياً على أنها جزء من «الثورة الجنوبية» وتخوض هذه المعركة بصفتها الجنوبية «الثورية الحراكية».
وعلى ما تقدم نكون إزاء خسارة جنوبية «مزدوجة».. خسارة بالأرواح في معركة هي بالأصل معركة قوى يمنية متنافسة على السلطة وقوى إقليميه باحثة عن موطئ قدم بالمنطقة. وخسارة سياسية تضرب «القضية الجنوبية» بالصميم كما أسلفنا.
فالإمارات تبتعد عن عدن بقدر اقترابها من صنعاء أو حتى من الحديدة. الحديدة التي يأتي تعزيز نفوذها فيها امتداداً من الساحل الشرقي من المهرة، مروراً بسقطرى وعدن، خصوصاً بعد أن خففت مؤخراً من وجودها بسقطرى، ولو مؤقتا واضطراريا، وفقدت حضورها بالضفة الأخرى للبحر الأحمر وبحر العرب في جيبوتي والصومال، بتدبير «إخواني» واضح وببصمات قطرية تركية، وهي تريد عوضاً عن ذلك نفوذا بديلا أكثر شراهة في عمق البحر الأحمر، ووضع حد للنفوذ التركي المتعاظم هناك وبالجزر السودانية تحديداً وجزيرة باسكن الاستراتيجية على وجه الخصوص.
الإمارات، وعلى لسان أكثر من مسؤول، تؤكد أن معارك الساحل هي مجرد عملية ضغط تفاوضي بوجه «الحوثيين» وقولهم إننا لا نسعى إلى إسقاط «الحوثيين» عسكرياً في صنعاء. فهذا كلام صحيح، ليس لأن هؤلاء لا يريدون الحسم العسكري الشامل واجتياح صنعاء؛ بل لأنهم يعرفون جيداً مدى استحالة ذلك بحكم عدة ظروف منها الجغرافيا التي سيفقد حلفاء الإمارات بمن فيهم «المقاومة الجنوبية» ميزة الغطاء الجوي والبحري كلما اتجهت العمليات بهذا العمق الوعر ما يعني مزيداً من الخسائر، فضلاً عن الحاضنة الشعبية الكبيرة للحركة «الحوثية» وللقوات الموالية ل«المؤتمر الشعبي»، التي ما تزال مرتبطة بقياداتها في صنعاء، ضف إلى ذلك أن الشمال بكل قواه السياسية والحزبية والفكرية وجغرافيته المتداخلة، إذا ما استثنيا الفئة المؤتمرية المؤيدة لطارق صالح، ترى بالوجود الإماراتي وجوداً احتلالياً للجنوب، فما بالنا بالشمال، ما يعني ذلك أن القوات الإماراتية والقوات المشاركة معها ومنها «المقاومة الجنوبية» ستكون في مرمى البندقية الشمالية داخل أرضها باعتبارها قوة احتلال غازية، وما سيترتب على ذلك من خسائر بشرية كبيرة حتى لو أكتفت الإمارات بالتوغل بمساحة جبلية قليلة.
ولنا أن نتذكر كيف كان مصير القوات «الحوثية» وقوات صالح بالجنوب، من مصير دامٍ بداية الحرب، وما جرى لها من تنكيل على يد الجنوبيين، من منطق وحقيقة أن الأرض، أية أرض، تحارب مع أصحابها، وكذلك الحال سيكون مع أية قوة عسكرية جنوبية في الشمال، خصوصاً الشمال الأعلى، فقوانين الطبيعة ونواميس الحروب تطبّق نفسها على الجميع في كل زمان ومكان.اقتراب الإمارات من صنعاء أو حتى التوقف بالحديدة يعني ابتعادها عن عدن
وبالتالي، لن تكون معركة الحديدة أكثر من وسيلة ضغط سياسي بالغة الكَلفة على الدم الجنوبي بوجه القوات «الحوثية» إن نجحت هذه الوسيلة ودخلت على إثرها كل القوى اليمنية في تسوية سياسية شاملة بإشراف إقليمي دولي، وإن لم تنجح فالخسائر هي الخسائر، وسيكون الدم الجنوبي الذي سال ليس أكثر من وسيلة ضغط بيد جهات ضد جهات، جميعها لا ترى في «القضية الجنوبية» أكثر من وسيلة لتحقيق غايات معينة، وقضية عادية من ضمن ملف يمني متخم بالقضايا يمكن تسويتها بأية مرحلة تفاوضية، إن تم ذلك أصلاً، سيماً لو تذكرنا أن المشاركة الجنوبية بهذه الحرب منذ اليوم الأول لها هي مشاركة تفتقر لأبسط شروط المشاركة والضمانات، أي أنها مشاركة عسكرية معصوبة العينين تمضي منذ أكثر من ثلاثة أعوام دون محددات أو ضوابط مع الشركاء، وازدادت بؤساً بعد أن تجاوزت الحدود الجنوبية شمالاً، وعلى الحدود السعودية والجوف وصعدة التي سيق إليها هي الأخرى مجاميع جنوبية كثيرة، ومازال عدد من الجنوبيين يقبعون في السجون السعودية منذ شهور، بعد رفضهم المشاركة في معارك داخل الأراضي بالشمال بعد أن تبدّت لهم الخديعة التي سيقوا إليها بزعم التدريب والعودة إلى عدن دون أي تقييم ومراجعة لهذه الشراكة مع «التحالف» بعد كل هذه التضحيات، وبعد هذه التحالفات التي تظهر بين الحين والآخر التي تنسج خيوطها الإمارات من وراء الظهر الجنوبي مع قوى شمالية هي من ألد الخصام للجنوبيين وقضيتهم.
ازداد الموقف الجنوبي سوءًا بعلاقته مع «التحالف» بعد إشراك الأخير لقوى عسكرية شمالية هي في الأساس الخصم الرئيس للجنوب والصانعة الأولى لمأساته منذ غزو عام 94م، ونقصد بذلك قوات «المؤتمر الشعبي العام» بقيادة العميد طارق، حيث باتت «المقاومة الجنوبية» منذ اليوم الأول لوصول الرجل مجرد تابعة له وتحت إمرته، حتى وإن تململت بعض الأصوات فيها، طالما أن ذهب الإمارات وسيفها حاضران في وجه هذه «المقاومة».
فمن منطق الأمور أن يعني اقتراب الإمارات من صنعاء - أو حتى التوقف بالحديدة - ابتعادها عن عدن. ولا نقصد بذلك الابتعاد العسكري، بل الابتعاد عن المشروع «السياسي الجنوبي التحرري» إلى حد كبير. فحين ترى الإمارات مصالحها التي دخلت من أجلها هذه الحرب، تترسخ في الشمال بذات القدر الذي تتم بالجنوب، من المؤكد، ووفقاً لفلسفة المصالح، أن تعيد فكرة استعادة الجنوب لدولته السابقة عن الشمال كما يطرح الجنوبيون إلى أسفل قائمة اهتماماتها وأجندتها، إن لم تشطبها نهائياً.
الكلمة العليا هي للمصالح ولا غيرها، مع احتمال كبير أن تظل أبوظبي على علاقة قوية بقوى جنوبية فاعلة تتبنى مشروع استعادة الدولة الجنوبية، ومن هذه القوى «المجلس الانتقالي» طالما بقي الخطر «الإخواني» على المصالح الإماراتية والخليجية قائماً في الجنوب وفي اليمن ككل، بل وفي المنطقة برمّتها، خصوصاً مع استعار الأزمة الخليجية ودخول تركيا، القوة العظمى في المنطقة، على خط المواجهة إلى جانب قطر، الخصم الإمارتي اللدود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.