كل القوى الجنوبية المؤثرة على الساحة متفقة على الهدف لكنها تختلف على الطريق المؤدية الى تحقيق ذلك الهدف وتجتهد في اثبات ان رؤيتها هي الصائبة و بعضها يعتمد على الإلتفاف الشعبوي ويركن اليه متجاهلا المخاطر الموجودة والمحدقة به داخليا وخارجيا . �� والمعلوم أن السياسة لا ترتبط بالعاطفة ولا تتقيد بها ولا تتعامل معها الا لتنفيذ اجندتها وفق متغيرات متسارعة على الواقع لا ترتبط بما نريد ولكنها تعتمد على التصورات المستقبلية لخدمة المصالح الاستراتيجية للاقليم والعالم . ▪ وبالنظر الى الواقع في الجنوب نرى أن الغالبية العظمى من الشعب تؤيد الانفصال والعودة الى ماقبل 22/5/90 أي ان تستعيد استقلالها وتكون دولة ذات سيادة .. لكن هذا الصوت يوازيه صوت آخر جنوبي ايضا يؤيد استمرار الوحدة مع الشمال في اطار جديد اما اقاليم وفق مخرجات مؤتمر الحوار او بصيغة جديدة من اقليمين (شمالي وجنوبي) ! ▪ وحتى الأغلبية المطالبة بالإنفصال التام واستعادة دولة الجنوب السابقة لا تتفق على رؤية واحدة لكيفية شكل الدولة ونظامها وحتى اسمها , اي ان البعض يرى استعادة الدولة كما كانت قبل عام 90 م واخرين يرون اقلمة الجنوب كل محافظة اقليم وثالث يطالب بتغيير التسمية بعد الانفصال الى مسمى ( الجنوب العربي) واخر يريد ان يبقى مسمى اليمننة ( اي جنوباليمن) بأي صيغة !!! �� هذا الاختلاف في وجهات النظر إما انه ناتج عن ضبابية الرؤية وعدم وضوح المشروع المستقبلي للجنوب المتفصل أو انه ناتج عن قصور سياسي فكري لدى القيادات الحالية التي تدعي تمثيل الجنوب سواء كانت مع الانتقالي او الشرعية او معارضة لهما معا . ▪ وكما اسلفنا فإن السياسة لا ترتبط بالعاطفة فليس من الحكمة أن نركن الى ماهو حاصل في المشهد الجنوبي وكأنه تنفيذا لرغباتنا مع او ضد الانفصال ! والمعلوم أن البلاد تشهد حرب مستمرة منذ اكثر من 3 سنوات ولا تلوح في الأفق اي بوادر لنهايتها . ( والأمل في الله وحده للخلاص منها ) . وتدخل التحالف لمساندة الشرعية ومحاربة المد الايراني في جنوب الجزيرة لا يعني بالضرورة دعم انفصال الجنوب وانه جاء من اجل ذلك . الدول الاقليمية لها مصالح استراتيجية وامن تحافظ عليه وتحارب من اجله وتتغير سياستها وفق المتغيرات الدولية والمصالح القومية لتلك الدول .. ▪ العالم الغربي الاستعماري عمل على رسم خرائط للشرق الاوسط واوعز الى تسريبها ونشرها ولا نستبعد ان يقوم بتنفيذها ويفرض تقسيم الدول الى دويلات صغيرة تعتمد عليه في حمايتها من جيرانها ! هذه السياسة هي نفس السياسة الاستعمارية السابقة ولكن بأدوات محلية . �� لذلك نقول ان الممكن في الجنوب اليوم هو ما يتماشى مع رغبة التحالف والقوى العالمية المؤثرة او عبر ادواتها المحلية وشواهد ذلك هي استحالة فرض امر واقع من اي لون كان (انفصال كامل او فرض اقلمة مؤتمر الحوار) . ▪ التحالف حريص على المحافظة على شعرة معاوية مع كل الاطراف في اليمن ويلجأ احيانا الى دغدغة المشاعر لتنفيذ مايريد او للوصول الى هدف معين والحفاظ على الدعم والقبول الشعبي المهم لإستمراره وبقائه في اليمن .. �� كذلك غير الممكن هو العمل ضد سياسة التحالف واجندتها او استغلال وجودها لفرض امر واقع جديد يخالف مصالحها واستراتيجيتها التي جاءت من اجلها . ▪ شعب كردستان العراق اجراء استفتاء شعبي رسمي والعالم كله راقب عمليته حتى حكومة العراق المركزية !! جرى ذلك الاستفتاء تحت اشراف ومراقبة دولية دقيقة !!! لكن !! عندما قرر الاكراد اعلان الاستقلال وفق النتائج التي تجاوزت 90% وقف العالم كله ضده ودعموا الحكومة المركزية واجهضوا تلك المحاولة التي اطاحت بالزعيم (البرزاني) ! بحجة ان العراق يعيش اجواء حرب ولا يجوز فرض التقسيم الا بعد استقراره! لكن الحقيقة غير ذلك وهي : أن العالم المتسلط لا يريد استقلال كردستان الان بل سيبقية للضغط على العراق في المستقبل لتنفيذ سياسات مستقبليه للدول الكبرى .. لم يحن وقته بعد !! ▪ هذا المثال للدلالة على أن السياسة لا ترتبط بالعاطفة وأن مانريده في وضعنا الحالي يجب ان يرتبط بما يريده الطرف الأقوى في البلاد وهو التحالف العربي. ▪ ومن هنا نحن على يقين أن ارادة الشعوب يتم تنويمها مغناطيسيا في ظل الحرب . وفي اليمن يعمل التحالف لدعم الشرعية من اجل استعادة البلاد من المليشيات والعمل على استتباب الامن فيها _ *هذا هو العنوان الابرز لتواجدها* _ لكن الهدف الحقيقي لتدخل التحالف هو محاربة ايران اساسا والقضاء على نفوذها وادواتها في اليمن كما حاربها في العراق وسوريا وهذا حق شرعي لدول الاقليم لدرء خطر التهديد والتدخل الايراني في الشئون العربية لانه تهديد لوجودها وأمنها القومي . والسلام