إن الحكم على نجاح أية حكومة في تنفيذ مهامها وقيامها بالأعباء الملقاة على عاتقها ينظر إليه من زاوية حياة الرفاهية ولو بالقدر المتوسط واليسير للشعب الذي يأتمر لحكمها ويخضع للقوانين التي تصدرها بعد موافقة المجلس النيابي الذي يصدق على تلك القوانين . ورفاهية أيُّ شعب تقدر بمدى حجم الخدمات المقدمة من قبل الحكومة راعية المصالح العامة للدولة والشعب الخانع لحكمها والملتزم بأحكامها وأوامرها. ومن الملاحظ في غير بلادنا العربية أن حكومات أو بعض الوزارات ربما تسقط وتحاسب وربما وزراء يدخلون السجن ليقضون محكوميات بسبب التقصير في اداء عملهم أو استغلال مواقعهم الوزارية لتحقيق ماّرب ومصالح خاصة ولو كانت يسيرة فكم تناقلت وسائل الاعلام عن اقالة وزراء ومحاسبتهم والتشهير بهم والتنكيل القانوني جراء ما حصل منهم من أفعال تؤدي إلى ضياع المال العام أو حتى مجرد المخاطرة به أو استغلال الوظيفة العامة من خلال استغلال الاخرين لتقديم خدمات لهم مستنداً على وظيفته ومنصبه. أما الوضع في بلادنا العربية ومنها بلادنا مجرد وصولك إلى دفة الحكم لك كل المميزات عملت أو لم تعمل سواء كنت وطني تعمل لمصلحة الوطن أو شخصي عملك لا يخدم إلا مصالحك أو مصالح فئات أخرى معلومة أو غير معلومة يرفع عنك القلم ولا حساب ويصبح هو الوريث الشرعي لكل مقدرات الدولة . فهل سمعنا يوم في الوطن العربي غير ما يجري اليوم في العراق من ارضاءات للشعب بإقالة بعض الوزراء عندما بلغ السيل الزبى وهي ليست إلا مجرد ديكور انتخابي بعد أن أحس رئيس الوزراء بتمرد الشعب وخروج بعض الجماعات السياسية بمخارج تخرجها من ادانة الشعب وصب كل اللائمة على الحكومة ممثلةً به فوضع خنجر العيد حول عنق الشاة وزير الكهرباء. وهذه حقيقة ليس مسؤول في بلاد العرب أدين أو حسب رغم كل الاخفاقات والتقصير وتضييع مقدرات الدولة في الكماليات والنثريات ولا انجازات تحقق للشعب الشيء اليسير من الرفاهية التي يسبح فيها المسؤولون وزراء ومدراء عموم أو حتى المتسلقون على اكتافهم . في غير البلاد العربية يصعد المسؤول من خلفية تجارية ويكون صاحب املاك وعقارات ويحاسب إن زادت الثروة بطريقة غير منطقية أما في الوطن العربي ومنها بلادنا يصعد المسؤول من خلفية عمالية أو ربما معدمة وما هي إلا برهة من الزمن حتى يحسب من أصحاب العقارات والمليارات . أما المواطن بفئاته وشرائحه المختلفة ومنها الموظف فهو يتسول من يوم استلام الراتب الهزيل الذي ربما يسقط عند أول معركة في أول بقالة ويمضي باقي الشهر وهو يتسول أصحاب البقالات فهذا يعطيه وهذا يدفعه ويمضي شهراً عصيباً وهو يكافح الديون التي لا يقضيها الراتب ولا يظن السامع طبعاً من غير الشعب أن صاحبنا الموظف له نثريات ويصرف الراتب على الوجبات الدسمة والنزهات المكلفة واللبس الفاخر فالراتب يقضيه روتي وفول , وكيف بباقي فئات المجتمع المحروم ممن هم على باب الكريم وكيف بالشباب وتلبية مطالبهم الحياتية ' ناهيك عن من هم تحت الطبقة المعدمة الذين يقتاتون من مخلفات المطاعم وبراميل القمامة. أيها السادة الوزراء تعرفون مَن تسوسون إنه شعب متسول لربما بات ومعدته خاوية وأنتم تتقلبون في النعم التي هي من عرق الشعب الكادح ولمن بسياستكم الانتقامية أضحى هذا الشعب متسول تسوسه حكومة مترفة إلى حد البذخ .